المواجهة:هل تتجه الدول النفطية نحو التقشف لمواجهة أسعار النفط؟

24 ديسمبر 2014
+ الخط -
لم يفصح عدد كبير من الدول الخليجية عن سياساته الاقتصادية للعام 2015، لمنع تأثير انخفاض أسعار النفط على الموازنات. التقشف خيار مطروح، لكنه ليس محسوماً. وويطرح الخبير فهد الشريعان والمحلل أحمد خير الدين، لـ"العربي الجديد" التوقعات المتناقضة حول خيار التقشف

فهد الشريعان: التقشف ضرورة لمواجهة الأزمة

عبّر المحلل الاقتصادي الكويتي فهد الشريعان، عن موقف صريح ومباشر، تجاه احتمال إعلان دول الخليج لخطط تقشفية، قصد مواجهة التراجع الحاد في أسعار النفط الدولية. وقال الشريعان لـ "العربي الجديد"، بهذا الصدد: "إعلان خطة التقشف ضروري لمواجهة الأزمة". وشدد الخبير الشريعان في حديثه لـ "العربي الجديد" على ضرورة القيام بخطوات جريئة بهذا الصدد، واتخاذ تدابير، لترشيد النفقات داخل مختلف القطاعات الحكومية. واستغرب المحلل الاقتصادي الشريعان، عدم استفادة مجموعة من الدول الخليجية، من الانتعاش الذي عرفته سوق النفط منذ يناير/كانون الثاني، وإلى غاية شهر أكتوبر/تشرين الأول من السنة الحالية. حيث استقرت أسعار النفط عند متوسط سعر بلغ 100 دولار للبرميل. وأضاف المتحدث ذاته، أن الدول المعنية بالأزمة، أضحت اليوم ملزمة بإخراج احتياطي السيولة الذي ربحته من هذه الفترة. وأسف الشريعان في الوقت ذاته، من عدم توظيف بعض الدول لفوائض عائدات النفط، في تنويع الاقتصاد، وضخ استثمارات قادرة على مواجهة أزمات مشابهة، لتحافظ على نفس نسب النمو المحققة خلال السنوات الماضية، لكن، كما أردف المتحدث ذاته، "لو استغل البعض فترة الانتعاش السابقة لاستطاع تحقيق الثروات". أشاد فهد الشريعان، بالقرار الذي اتخذته مملكة البحرين، والقاضي بالتوجه صراحة نحو ترشيد النفقات الحكومية، ووصف القرار بـ "الجرأة في مواجهة الوضعية الحالية". وأضاف أن الظرفية تتطلب خطوات شجاعة وتضحيات معلنة، كي تستطيع منطقة الخليج الخروج من الأزمة في وقت وجيز. وقال فهد الشريعان إن المجال الآن لا يسمح باتخاذ قرارات لترقيع الوضع فحسب، بل يجب إعادة النظر في خطة الموازنة الخاصة بالسنة المقبلة، على أن تأخذ حكومات الخليج بالاعتبار احتمال حدوث مثل هذه المشكلة في سوق النفط، وإن كانت مساهمة فيها بشكل أو بآخر. وعليها، يضيف المتحدث ذاته، أن تعد خطط مسبقة مدروسة بعناية فائقة، تتوقع حجم النتائج بنسبة 95%، وهناك تجارب بهذا الصدد يمكن أن تستفيد منها. وختم الشريعان كلامه بالقول: "يجب أن تتخلى حكومات الخليج عن منطق "ماشيين بالبركة". ويجب أن تستفيد مما أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تعمد إعلان حالة الأزمة في بلده، رغم أنها تتمتع باقتصاد متنوع قادر على مواجهة تقهقر أسعار النفط العالمية. والأكيد أن ثلاثة الأشهر القادمة ستقدم معطيات يمكن معها قياس الخسائر الإجمالية بشكل دقيق.

أحمد خير الدين: لن يعلن الخليج التقشف
يرى الخبير النفطي أحمد خير الدين، أن الهبوط الحاد والمفاجئ في أسعار النفط، "خطة مدروسة بعناية، وهدفها ضرب بعض الاقتصادات الصاعدة، وتهديم مرتكزاتها الاستثمارية، وما يؤكد ذلك هو إعلان بعض الدول حالة الأزمة، مثل روسيا، التي تضررت كثيرا بسعر برميل النفط العالمي". ويستبعد أحمد خير الدين إعلان دول الخليج حالة التقشف بشكل ظاهر، لأن كلام مسؤولي هذه الدول، والصورة التي يسوقون فيها تصريحاتهم، تشير إلى وجود مقاربة مختلفة عن وضعية الأزمة الاقتصادية، فما بالك، يضيف المتحدث ذاته، إعلان حالة تقشف في القطاعات الحكومية. ويحذر أحمد خير الدين، من العواقب الوخيمة على الاقتصاد العربي، جراء الاستمرار في دعم دول الخليج لقرار عدم خفض الإنتاج اليومي من النفط، والذي سيدفع مستقبلا، إن استمر الوضع، إلى مزيد من التراجع في أسعار الذهب الأسود. ويؤكد خير الدين، أن هذا السلاح الذي يستعمل ضد بعض الدول ذو حدين، ويفسر ذلك بالقول: "أكيد سيخلق هذا القرار خللاً في المنظومة الاقتصادية لدول إيران وروسيا، لكن حجم الخسائر في الدول العربية ستكون بمليارات الدولارات، والأكيد أن مجموعة من الدول الخليجية لا تعي فعلا حجم الكارثة". وإن كان الخبير خير الدين يشدد على عدم إعلان دول الخليج لسياسات التقشف في المدى المنظور، فإنه يحذر بتضرر كبير في المستوى المعيشي للطبقات المتوسطة في هذه الدول، خاصة أن الفوارق الاجتماعية والاقتصادية فيها، شاسعة بين مختلف فئاتها. ويكشف الخبير خير الدين أن بعض دول الخليج ورغم ثرواتها، فهي مديونة للمؤسسات المالية الدولية. بل ذهب حد القول، إن دولة معينة، تدين للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بمئات مليارات الدولارات، وما يحدث اليوم من تراجع حاد في أسعار النفط، سيضعها أمام أزمة حقيقية، ونزيف حاد في السيولة. ويضع خير الدين، الدول التي تصدر أكبر كمية من النفط الخام، والتي لا تعتمد في اقتصاداتها على تنويع الاستثمار ضمن خانة الأكثر تضررا من هذه الوضعية. ويستبعد أن تخرج هذه الدول سالمة من الوضعية الحالية، لأن التوقعات تشير إلى أن تعافي السوق النفطية سيبدأ خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وهي توقعات حسب المتحدث ذاته، مغلوطة، وغير دقيقة. ويشرح أنه إذا ارتفعت أسعار النفط مجددا، فإن عجلة النمو الاقتصادي لن تدور بنفس الوتيرة، وستتطلب فترة التعافي من الأزمة الحالية وقتا طويلا. من جهة أخرى، يعتبر الخبير خير الدين في حديثه لـ "العربي الجديد" أن الوضعية الحالية، ستخدم مجموعة من الدول العربية، ويخص بالذكر الدول التي تستورد البترول، لأن سعره الحالي، يمنحها فرصة لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تتربص بها منذ فترة. ويضع خير الدين القطاع الاستثماري الخاص بمختلف قطاعاته، ضمن المستفيدين من الوضع الحالي، لأن "تراجع قطاع الدولة أو الطاقة المالية للدولة إن صح التعبير، هو في مصلحة تزايد نشاط القطاع الخاص، الذي سيسترجع الأموال التي صرفها على المحروقات طول الفترة السابقة، لكن يجب أن تطول فترة تراجع الأسعار كي تستفيد من الوضع".
المساهمون