المهرجانات التونسية بين الحضور واللاحضور

31 ديسمبر 2015
محمد بوحوش مدير المهرجان الدولي للشعر بتوزر (دار الثقافة)
+ الخط -
مركزية الأنشطة الثقافية عائق كبير أمام تشكيل ما يمكن الاصطلاح عليه بالفسيفساء الثقافية بما هي تنوع ذوقي واختلاف في المواهب والخبرات، لهذا وضعت بعض المناطق الداخلية على عاتقها تحديا كبيرا للجغرافيا وللسياسة ذات النزعة المركزية بإقامة تظاهرات ثقافية من بينها مهرجانات الشعر الدولي، وجعلت من تلك المناطق البعيدة عن العاصمة وجهة لتوسيع الفعاليات الثقافية على الرغم من نقص الدعم المادي من وزارة الثقافة.


مهرجان توزر الدولي للشعر، في تونس، الذي انتظم بين 17 - 20 من الشهر الجاري من هذه المحاولات، غير أن صعوبات عديدة تعترض مثل هذه التظاهرات.

يحدثنا مدير المهرجان، محمد بوحوش، عن الصعوبات المادية التي واجهها المهرجان قائلا "الواقع أننا واجهنا صعوبـات في الحصول على الدّعم المـــاليّ خلال دورات المهرجان كلّها، فالمموّلون التقليديّون للمهرجان وهما وزارة الثّقافة ومندوبيتها الجهويّـــــــة بتوزر، لا يوفّران الميزانيّة المطلوبة التي تليق بمهرجان دوليّ عريق".

يضيف بوحوش "كما أنهما لا يوفّران ما يتاح من دعم في آجاله المناسبة، ممّا أجبرنا على تأجيل موعد المهرجان في كلّ دورة، وهو أمر يحدث ارتباكا في مستوى التّنظيم ويخلّ بتعهداتنـا تجاه الضيوف لاسيّما العرب والأجانب".

من جهة أخرى، يرى بوحوش أنّ المسألة تتجاوز هذا الإشكال، أي إشكال الحصول على الدّعم، وتتعلّق بغياب استراتيجيات ثقافيّـة لوزارة الثّقافة في مناخ تسوده الفوضى وكثرة المهرجانات والتظاهـرات.

أمام هذا الوضع، كيف يمكن للثقافة أن تكون سلاحاً لمجابهة التطرف في ظل ادعاءات بمكافحة الإرهاب بمختلف أشكاله. ولعل الشعار الذي رفعته الدورة الخامسة والثلاثون من مهرجان توزر الدولي للشعر "الشعر واحة حب وسلام" يندرج ضمن هذا السياق.

من زاوية أخرى، يمكن أن نعتبر المهرجانات الشعرية دعامة أساسية للسياحة الثقافية في تونس، خاصة بعد الهزة التي شهدتها السياحة الشاطئية إثر أحداث سوسة، فالوافدون إلى المهرجان تتاح لهم فرصة التعرف على مزايا المنطقة وعاداتها، علاوة على أنها يمكن أن تمثل مصدرا لتوفير مواطن شغل وإن كانت غير قارة، وهو ما أكده بوحوش بالقول: "حاولنا أن يكون المهرجان خلال كلّ دوراته مهرجانا ثقافيّا لا يخلو من بعد سياحيّ وتنمويّ عبر انفتاحه على المحيط بتنظيم زيارات استطلاعية للمعالم الثقافيّــــــة والسياحيّة بالجهة، وتوزيع أنشطته على الفضاءات المفتوحة كالواحات والمتنزّهــــــات والأماكن العموميّة والأحياء القديمة لمدن الولاية. وذلك في سعي إلى التعريف بالمنتوج الثقافيّ والحضاريّ لتوزر وتونس عموما والتّسويق له على نحو إبداعيّ يؤمّن تصديره".

ليس مهرجان توزر سوى عينة من عدة مهرجانات تقام في المناطق الداخلية، معظمها لا زالت تحارب بمفردها من أجل أن تبقى حاضرة على الساحة الثقافية التونسية والعربية إيمانا منها بدور المثقف، لكنها قد لا تمتلك نفسا طويلا.

(تونس)
دلالات
المساهمون