يشعر معظم المهاجرين بارتباط عاطفي تجاه ألمانيا، يماثل إلى حد بعيد ما يكنّه أهل البلاد الأصليون لها. وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد البحوث التجريبية الخاصة بشؤون الاندماج والهجرة في برلين، التابع لجامعة "هومبولدت"، فإنّ أكثر من 80 في المائة من أفراد العينة أجابوا بـ "نعم" على سؤال "هل تحب ألمانيا؟". فيما اعتبر 77 في المائة أنهم ألمان، وينتمون إلى ألمانيا.
في هذه البلاد يشعر المهاجرون بقيمتهم وحقوقهم. فإذا ما احتاجوا إلى مساعدة يجدونها دائماً، كما تتأمن لهم جملة من الشروط الأساسية كالتأمين الصحي، والحرية، والديموقراطية، والنظام، ومنح كلّ شخص قيمته كإنسان. لكن لا يخلو الأمر من تمييز يواجهه بعض الناس.
ويعتبر الباحث الاجتماعي، يان ديلهي، أنّ الأكثر سعادة من بين هؤلاء المهاجرين الذين يعتبرون ألمانيا وطناً لهم هم الذين يتقنون اللغة الألمانية، فهم يشعرون بسعادة وارتياح ورضى عن ظروف عيشهم وأوضاعهم الاقتصادية. ويضيف: "بشكل عام فإنّ درجة سعادتهم لا تقلّ عن سعادة الألمان الأصليين".
ويرتبط هذا الأمر بدوافع المهاجرين وظروف هجرتهم. فالكثيرون يعتبرون أنّ الهجرة إلى ألمانيا أنقذتهم من ويلات الحروب في بلادهم أو الفقر. وقد وجد هؤلاء في ألمانيا الراحة والأمان، بعكس أوطانهم.
ويقول ديلهي: "هؤلاء المهاجرون يشعرون بالسعادة والرضى عن حياتهم عندما تتوفر لهم الشروط لحياة جيدة، مثل تلبية الاحتياجات المادية، بالإضافة إلى العلاقات الاجتماعية السليمة". وبحسب ديلهي فإنّ الجيل الأول من المهاجرين أكثر سعادة من الجيل الثاني، لأنّ الأول يشعر بالفارق عندما يهاجر إلى ألمانيا من بلدان أكثر فقراً. فعندما يأتي هؤلاء إلى ألمانيا يشعرون أن مستوى معيشتهم تحسن. أما أبناء الجيل الثاني أي الذين يولدون في ألمانيا فينظرون إلى حياتهم الواقعة في المجتمع الألماني، ولا يشعرون بتلك الفوارق الإيجابية بين ألمانيا والبلدان التي جاء منها أهلهم.
من جهته، يشير معهد البحوث، "آي إيه بي"، إلى أنّ إتقان اللغة وإقامة الصداقات أساسيان لتحقيق السعادة. كما تلعب العوامل الاقتصادية دوراً في درجة سعادة المهاجرين، فمن يملك وظيفة عادية فهو راضٍ، أما من يملك وظيفة عالية الأجر فهو أكثر ارتياحاً وسعادة. ومع أنّ المهاجرين يتقاضون أجوراً منخفضة غالباً، فإنّهم يبدون ارتياحهم وسعادتهم وامتنانهم لألمانيا، فقط لأنّ ما يتقاضونه فيها يتجاوز بكثير ما قد يكسبونه في البلدان التي جاؤوا منها.
اقرأ أيضاً: مهاجرون في ألمانيا يفضّلون الدفن في بلدانهم