لم تكن مباراة المنتخب السوري لكرة القدم، التي جمعته أمس بالمنتخب الأسترالي في جولة الذهاب من ملحق آسيا، مجرد مباراة كرة القدم؛ حيث حملت بين طياتها ثورة جنسية، قادتها فتاتان سوريتان مغمورتان تسعيان للشهرة، الأولى هي عفراء حمشو، التي هددت لاعبي المنتخب السوري بخلع ملابسها إن خسر المباراة في بث مباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والثانية صبا خضور، التي صرحت بأنها ستخلع ملابسها في فيديو بث مباشر كمكافأة للاعبين والجمهور، في حال تمكن المنتخب السوري من هزيمة المنتخب الأسترالي.
ورغم أن المباراة انتهت بنتيجة التعادل الإيجابي 1-1، وأن الجمهور السوري حُرم من متعة تأمل أجساد بنات بلده العارية، إلا أن بوادر الثورة الجنسية لم تتلاش، بل أجلت إلى جولة الحسم، في اليوم العاشر من الشهر الجاري؛ ليعيش السوريون حالة من الترقب، فهل ستنطلق ثورة سورية الجنسية في الأيام القليلة القادمة؟ وهل سيلعب المنتخب السوري دورًا حاسمًا في تحويل اتجاه الثورة؟
في الفيلم المصري "واحد صفر"، الذي أخرجته كاملة أبو ذكرى عام 2009، تتأزم حياة أبطال الفيلم، الذين لا تجمعهم سوى الجنسية المصرية؛ ولكن جميع الأزمات النفسية تنتهي فجأة بسبب انتصار المنتخب المصري بنتيجة 1-0 على نظيره الكاميروني، في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2008، حيث شكل هذا الانتصار نهاية سعيدة لكل الشخصيات، وحلًّا وهميًا لأزماتهم الشخصية.
يبدو أن النظام السوري أعجب بالفيلم المصري، ويحاول أن يبتكر أساليبه ليطبقها على أرض الواقع، فينهي من خلال إنجازات المنتخب السوري لكرة القدم أزمته التي يعاني منها منذ 2011، عقب انطلاق الثورة السورية.
في ذلك الوقت، بدأ الاتحاد السوري لكرة القدم باتباع سياسة جديدة؛ حيث حاول أن يستدرج اللاعبين السوريين المعارضين، الذين ينشطون في الأندية العربية، إلى صفوف المنتخب، بعد أن كانت مقاعد المنتخب السوري حكرًا على اللاعبين الأقل خبرة والأكثر ولاءً لأعوام طويلة، ونجح بالفعل بإعادة الكابتن فراس الخطيب، ونجح أيضًا باستدراج عمر السومة، نجم النادي الأهلي السعودي، الذي تحول بسبب التصريحات التي أدلى بها للقنوات التلفزيونية التابعة للنظام السوري، وتصريحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، من أحد رموز الثورة إلى خائن متملق وعميل للنظام السوري.
وبسبب الخلطة السحرية التي تشكّل منها المنتخب السوري، والتي ضمت لاعبين مؤيدين للنظام ومعارضين له في الجولات الأخيرة من المرحلة الثالثة في تصفيات قارة آسيا لكأس العالم، وبسبب الحملات التي انتشرت على السوشيال ميديا، والتي دعت إلى فصل الرياضة عن السياسة، تمكّن المنتخب السوري من توحيد أماني المؤيدين والمعارضين لأول مرة بعد اندلاع الثورة السورية، ولكن تحفظت شريحة من المعارضين على ذلك، فرفضوا دعم المنتخب الذي يحمل على قميصه العلم الأحمر المحسوب على النظام السوري؛ فهذه الشريحة ترفض بشكل قطعي بأن يستثمر النظام الرياضة والمنتخب السوري لكرة القدم، ليرمز إلى انتهاء أزمته.
تزامنت المصالحات الكروية مع انتصارات جيش النظام السوري وحلفائه الميدانية، كما تزامنت مع حملات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تهدف لإعادة الثورة لمطالبها الأولى، فانتشرت فيديوهات على فيسبوك تؤكد بأن مطالب الثورة السورية تتلخص بالزواج المدني والحياة المدنية، وتخلت هذه الحملة عن المطالبة بتنحي الأسد.
هكذا، بات واضحًا أن النظام يحاول أن يعيد توجيه الثورة نحو بعض المطالب التي قد يستجيب لها، على الأقل بصورة شكلية، ليصنع نهاية درامية للثورة السورية.
في هذا السياق، نستطيع أن نقرأ التصريحات المثيرة التي أطلقتها الموديل السورية، عفراء حمشو، عندما صرحت بنيتها التعري أمام ملايين المتابعين، وكذلك التصريحات التي تبعتها لكل الفتيات السوريات الثائرات على تقاليد المجتمع السوري وأعرافه وطبيعته المتحفظة؛ فالثورة التي خرجت قبل سبعة أعوام للتمرد على الطاغية والنظام الديكتاتوري المتغطرس، تحول مسارها بالفعل، وأصبحت أشبه بثورة جنسية، تحمل طابع التمرد على السائد مع التخلي عن قيم الثورة الأصيلة؛ ليبدو أن المنتخب السوري لعب من جديد دورًا رمزيًا، فعزز الاغتراب عن الثورة من خلال إفرازه لنماذج متمردة فعلًا، ولكنها تتعارض شكلًا ومضمونًا مع المفهوم السائد للثورة في سورية.