كشف عدد من خبراء صناعة ودباغة الجلود في مصر لـ"العربي الجديد" عن حجم الكارثة التي تهدد هذه الصناعة الوطنية، وهو ما كان أحد مظاهرها إلقاء جلود الأضاحي العام الماضي في النفايات لأول مرة في تاريخ المهنة، نتيجة تراجع الطلب عليها، بعد السماح بإغراق السوق المصري بالمنتجات الجلدية الصينية.
ويؤكد مسؤول في الغرفة التجارية بالقاهرة، وخبير في دباغة وصناعة الجلود، أن السبب الرئيسي لأزمة صناعة الجلود في مصر، يرجع إلى إغراق السوق بالمنتجات الصينية من الجلود الصناعية.
ويقول لـ"العربي الجديد"، إننا خاطبنا الجهات المعنية لفرض رسوم وقائية، حماية للصناعة الوطنية، فتم فرض رسوم على المنتج الكامل "الحذاء الكوتشي"، ولكن تحايل كبار المستوردين، واستوردوا الجزء العلوي من الكوتشي فقط ( الفوندي)، ضمن مستلزمات الإنتاج، بالإضافة لاستيراد ماكينات الحقن، إذ يتم حقن الوش (الجزء الأعلى) مع النعل مع (الجزء الأسفل)، في ورش تابعة لكبار المستوردين، ويخرج المنتج كاملًا، منافسًا للصناعة الوطنية، ومضيعًا على الدولة رسومًا كانت تُحصّل على المنتج الصيني كامل الصنع.
ويضيف أن 90 في المائة من ورش صناعة الأحذية في مصر لم تفتح أبوابها منذ موسم عيد الفطر الماضي، فأصحابها في أزمة حقيقية، فلديهم مخزون من الموديلات الصيفية، نتيجة حركة الركود التي تضرب الأسواق المصرية، خاصة عقب تفشي فيروس كورونا، وكان من المفروض أن تعمل في هذه الفترة على صناعة موديلات الشتوى، لكن الطلب محدود، وحركة المبيعات أثرت على الدخل.
ويشير إسلام أشرف، صاحب مدبغة، إلى انخفاض أسعار الجلود من 500 جنيه (31 دولارا تقريبا) قبل عامين في المتوسط إلى 30 جنيها هذا الموسم، نتيجة تراجع الطلب عليها، خاصة بعد تفشي فيروس كورونا، وتوقف الكثير من المدابغ عن العمل، نتيجة قلة الطلب من جهة، ومن جهة أخرى ارتفاع الأعباء على المدابغ، خاصة بعد نقلها لمنطقة الروبيكي، بالإضافة لمنافسة المنتجات الصينية للصناعة الوطنية.
ويلفت فتحي محمد (جزار)، إلى أنه في موسم عيد الأضحى، كان يبيع حوالى 100 قطعة جلد لتجار الجلود، بسعر يصل لحوالي 700 جنيه لجلد العجل البقري.
ويتابع لـ"العربي الجديد": كان هناك إقبال غير عادي، لدرجة أن التجار كانوا يتنافسون على حجز الجلود عند الجزارين قبل بداية الموسم بدفع مقدمات "عربون"، لكن منذ حوالى عامين تدهورت الأحوال ووصل سعر أجود قطعة جلد إلى 50 جنيهًا، الأمر الذى أدى إلى ظهور جلود الأضاحي لأول مرة في أماكن إلقاء النفايات.
وأظهرت بيانات المجلس التصديري للجلود، تراجع صادرات المنتجات الجلدية بنحو 25.3 في المائة، إذ سجلت 78.4 مليون دولار في 2019، مقابل 105 ملايين دولار خلال 2018، فيما انخفضت صادرات قطاع دباغة الجلود خلال 2019 مسجلة حوالي 74 مليون دولار، مقابل 99.5 مليون دولار في 2018، بانحفاض نحو 25.5 في المائة.
وبيّنت التقارير الشهرية للمجلس تراجع الصادرات أول 5 أشهر من 2020 (يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار) بنسبة 45.8 في المائة، مسجلة 22.7 مليون دولار، بالمقارنة بـ 42 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2019.