الملحفة الصحراوية.. زي مغربي فلكلوري غزته الألوان

03 مايو 2015
وقار التقاليد (Getty)
+ الخط -
"الملحفة" قطعة قماش طويلة (بين 3 و4 أمتار) تلبسها المرأة الصحراوية في المناطق الجنوبية للمغرب، تغطّي كامل جسدها، من خلال إبرام بعض العقد، ووضع بعض اللباس فوق الرأس والأكتاف، ولا يقتصر على النساء "البيضانيات" المغربيات، بل الموريتانيات أيضاً (و"البيضان" هم سكان الصحراء المتكلمون باللغة الحسانية، سواء كانوا من أصول عربية أو أمازيغية أو أفريقية).

وبعد أن كانت "الملحفة" زيّاً صحراوياً تقليدياً بلون أسود، غزته مؤخراً الألوان المختلفة وأضاءت سواده. وبينما تتمسّك كبيرات السنّ بالملحفة السوداء، اعتبارا لعامل السنّ، تميل الشابات والمقبلات على الزواج خاصة، إلى الألوان الزاهية وحتى المزركشة بأكثر من لون.
وغير الألوان، اقتحمت الملحفةً أيضا الصناعاتُ والخياطات العصرية، منها ملحفة "النص" الرقيقة والشفافة، وملحفة "الشرك" الموريتانية المطرزة.

فاطمة بنت باباه، من سكان مدينة الداخلة جنوب المغرب، تقول: "ملحفة حفلات الزفاف أو العقيقة مثلاً، ليست الملحفة التي ألبسها في الجامعة.. أرتدي الملحفة الصحراوية منذ سن البلوغ، وهي عادة الفتيات في المناطق الصحراوية".

"الملحفة في التقاليد الصحراوية رداء يوازي الحشمة والحياء"، إلا أنّ فاطمة تقول إنّ هذا لم يعد سائداً بين بنات جيلها، حيث صار لباساً عصرياً لمن لا ينحدرن من مناطق الصحراء، بسبب جذبه للأنظار.

مريم نوهة، سيدة متزوجة، قالت لنا إنها ترتدي الملحفة عندما تزور أهلها في الصحراء، باعتباره زيّاً يرمز إلى تقاليد المنطقة وشرف المرأة الصحراوية، لكنها ترتدي لباساً آخر في الرباط. وبرأيها: "الملحفة مرآة تعكس أناقة ومجتمع المرأة الصحراوية، وبها تُعرف في أي مكان تذهب إليه"، داعية إلى العناية بهذا اللباس الصحراوي حتى لا يتعرض للاندثار، كما جرى لزيّ "الحايك" المرتبط بنساء الشمال.

ولا ترمز الملحفة لتقاليد الصحراء المغربية وحضارتها فقط، بل هي تبرز الجمال الأنثوي، وهو ما يؤكده الباحث في التراث الصحراوي، إبراهيم الحيْسن، صاحب العديد من المؤلفات حول عادات المجتمع الصحراوية من أزياء وأكلات وعادات وتقاليد. وهو يرى ملاحف الصحراء كأردية تقليدية دائمة الاتصال بالجسد، خاصة ملحفة "الرقيق"، التي تتّسم برقّة قماشها وشفافيتها وألوانها الزاهية، مبرزاً أنها النوعية الأكثر رواجاً لدى الفتيات، فهي "رقيقة شفافة تكشف عن مفاتن الجسد بطريقة جميلة وليست مبتذلة".

واعتبر الباحث في كتاب خصّص جزءاً منه للباس الملحفة، أن "المرأة الصحراوية جسد ناعم يتوارى تحت الملحفة، وخطاب أيقوني يعتمد الحجب والستر، فاختفاء العُري يزيد رغبة في اكتشاف أسرار الجسد ومفاتنه".

وسجل الحيسن أن "أنوثة المرأة الصحراوية تبرز كثيراً من خلال أسلوب ارتداء الملاحف، وطريقة المشي وإيقاعاته المحسوبة حساباً في كلّ خطوة"، ليخلص إلى أن "ملاحف الصحراء أيقونات متجدّدة ترسم خرائط الفتنة والغواية عند إنسان الصحراء".

إقرأ أيضا:"الملحفة" المغربية.. رمز جمال الصحراويات
المساهمون