ساهمت التكنولوجيا في تطوير ميادين مختلفة في حياة البشر، لكنّها في المقابل رفعت من حالات الاكتئاب بينهم. يقول عفيف (74 عاماً) لـ"العربي الجديد" إنّه اندهش من معرفة حفيدته فاديا معنى الاكتئاب وهي في أجمل مراحل حياتها. هي في الخامسة عشرة "أشبه بفراشة مفعمة بالبهجة والجمال". لكنّها "لا تفلت جوّالها من يدها، وتنزوي في غرفتها وحدها لا تتحدّث إلى أحد إلاّ عند الضرورة، حتى أنّها تشكو من الملل والاكتئاب".
الاكتئاب حالة يصعب شرحها أو فهمها من قبل أشخاص لم يختبروها. وعلى الرغم من ازدياد حالاته أخيراً فهي لا تلقى اهتماماً، ولا تجد وسيلة لمساعدة أصحابها الذين يلجأ قلّة منهم إلى الأطبّاء ليحصلوا على جرعات من الأدوية المعروفة بمضادات الاكتئاب.
من جانبها، تقول لينا (41 عاماً) لـ "العربي الجديد" إنّها تتناول حبوباً خاصة بالاكتئاب، وصفها لها الطبيب، تساعدها على تهدئة أعصابها والنوم، لكن يستحيل لأي عقار أن يعالج أو يداوي الحزن الذي يفتك في أعماقها. تتابع لينا التي عانت من حالات اكتئاب حادّة أدّت بها إلى محاولات انتحار عديدة، أنّ أموراً بسيطة أو بضع كلمات كانت تخفّف من كآبتها. وتلفت إلى أنّها من خلال تجربتها تستطيع أن تنصح في كيفية التعامل مع مرضى الاكتئاب، وتؤكّد على الابتعاد عن لومهم أو معاتبتهم على فشلهم في حياتهم الزوجية أو العملية أو العلمية أو غيرها، لأنّهم بغنى عن أيّ انتقادات، بل هم بأمسّ الحاجة إلى تعزيز ثقتهم بأنفسهم ومدّ يد العون لهم.
الاستماع إلى المكتئب، وإبداء الاهتمام إزاء ما يقوله وإخباره بأنّه يستحق الأفضل، يؤثّر بشكل إيجابي في حالته بحسب لينا. تقول إنّها في كثير من الأحيان كانت تلجأ إلى النوم والانعزال عن العالم للهروب من مشاكلها أو التفكير بهزيمتها. لكنّها في أحيان أخرى كانت تقترب من الأصحاب والأهل لتنسى ما يخالجها من أحاسيس مؤلمة تفتك بكيانها، وتخشى العودة إلى المنزل أو البقاء وحيدة كي لا تدخل في دوامة الحزن.
كما ساعدها على التخفيف من حدّة الاكتئاب، أولئك الأشخاص الذين كانوا يبدون إعجابهم بها، أولئك الذين قالوا لها إنها إنسانة رائعة مهما كبر سنّهم أو صغر. أحياناً كانت تشعر بحاجتها إلى عناق، وكطفلة كانت تهرع إلى حضن والدتها وتبكي بحرقة. تبتسم لينا وتقول إنّ والدتها فهمت حالتها وتوقّفت عن معاتبتها الضارة بها، واكتفت بالاستماع إليها ومساندتها وتشجيعها على البدء من جديد.
اقرأ أيضاً: مصر: 9 آلاف "مكتئب" يجتمعون في "رأس السنة" بالإسكندرية