في العام 2012، اكتشف اللبنانيون أنّ في البلاد مكتبا لمكافحة جرائم المعلوماتية (تأسس بشكل مخالف للقانون)، وأن مديرة هذا الجهاز، التابع لقوى الأمن الداخلي، سيّدة جميلة تدعى سوزان الحاج حبيش. بسرعة تحوّلت حبيش إلى وجه إعلامي، بشعرها الطويل وأدائها اللافت. فباتت صورها تنتشر على مواقع التواصل وفي الصحف والمجلات. وبات حضورها بارزاً عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
بعد عامٍ فقط، وفيما كانت سوزان الحاج حبيش تتحول إلى نجمة بكل معنى الكلمة، وتطل في المجلات النسائية لتتحدّث عن دور المرأة وعن أهمية الكفاح في مجتمع يسيطر عليه الرجال، كان الصحافيون والناشطون الإلكترونيون يتعرفون عليها عن كثب، وجهاً إلى وجه، في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، في منطقة الحدت.
سنة واحدة تحوّل فيها المكتب، إلى مرادف لقمع حرية التعبير في لبنان، وبات الصحافيون والمدونون يتوافدون إليه بالعشرات، وبشكل شبه يومي، فتفرّغ المكتب الذي يفترض أن تركّز مهامه على الحماية من "الجريمة على شبكة الإنترنت"، إلى استقبال الصحافيين، والتحقيق معهم، ثمّ إجبارهم على توقيع على تعهد بعدم الكلام حول موضوع التحقيق: الزميل ربيع فران، عماد بزي، رشا الأمين، حياة مرشاد، جينو رعيدي، الصحافي مهند الحاج علي، لقمان سليم... كرّت السبحة منذ العام 2013، ولم تتوقّف حتى اليوم.
وكانت حبيش، الصورة المباشرة لهذا المكتب المريب، وواجهة جهاز كامل بدا أن هدفه فقط تضييق هامش الحريات. فتلقت هي كل الانتقادات التي وجّهت للمكتب، وتلقت هي كل التهاني بأي إنجاز عملي.
انطلاقاً من هذه الثنائية، ومع الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد، كانت سوزان الحاج حبيش تبني ممكلتها، حتى باتت تسمّى بـ"المرأة الأقوى في لبنان".
عرفت حبيش جيداً، كيف تحصّن نفسها، وكيف تحمي سمعتها المهنية، فكان صحافيون وناشطون يتلقون تهديدات على هواتفهم من أرقام مجهولة، في حال انتقدوا أداءها بمنشوراتهم على مواقع التواصل. القبضة الحديدية للحاج، سارت جنباً إلى جنب، مع صورتها كسيدة مجتمع ناشطة في المجال الإنساني، والتوعية من كل المخاطر: من الإدمان على المخدرات إلى فيروس الفدية على الإنترنت.
منذ العام 2015، بدا أن صورة المرأة القوية، تتداعى تدريجياً، من خلال تسريبات أمنية تفيد بأن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي غير راضية عن أدائها، وأنها توجه لها ملاحظات بشكل مستمرّ. وقتها بدأت بعض المجلات والمواقع تنشر مقالات بدت أشبه بسير ترويجية إعلانية عن مسيرة حبيش "المبهرة"، والخارقة.
اقــرأ أيضاً
حتى العام 2017، بقيت حبيش في منصبها، وبقيت لعبة القط والفأر بينها وبين الناشطين والصحافيين قائمة. تستعدي صحافيين، فينتفض الرأي العام. تخف الرقابة لفترة وجيزة، ثمّ تستدعي ناشطاً، ينتفض الرأي العام مجدداً... الدائرة المغلقة والخانقة بقيت على حالها، حتى سبتمبر/أيلول 2017.
وقتها انتشرت صورة لـ"لايك" وضعته حبيش على منشور للمخرج اللبناني شربل خليل يهاجم فيه النساء السعوديات ويتهمهنّ بالإرهاب. انتشرت الصورة بشكل كبير على مواقع التواصل، استدعيت حبيش للتحقيق، وتمّت إقالتها من منصبها. ليتبيّن بعدها أنها تلقت تنبيهات كثيرة بسبب سلوكها المهني والشخصي، وأنها لم تعر هذه التنبيهات أي اهتمام.
يوم أمس، عاد اسم سوزان الحاج حبيش إلى الواجهة. إذ بدأ التحقيق معها بجرم فبركة ملف أمني للممثل اللبناني زياد عيتاني (جرم العمالة مع العدو الإسرائيلي)، بما أنها اتهمته أنه كان هو المسؤول عن تسريب صورة "اللايك" الشهير الذي أطاح بها من منصبها.
لا يزال إصدار الحكم الأخلاقي والقانوني ربما مبكراً ضد حبيش، والقرار الأخير سيصدره القضاء، الذي بدأ التحقيق معها. لكن السمعة السيئة لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، والطريقة السيئة التي أدارت بها حبيش الجهاز الأمني، كافية لطرح أسئلة كثيرة حول مهنيتها.
سنة واحدة تحوّل فيها المكتب، إلى مرادف لقمع حرية التعبير في لبنان، وبات الصحافيون والمدونون يتوافدون إليه بالعشرات، وبشكل شبه يومي، فتفرّغ المكتب الذي يفترض أن تركّز مهامه على الحماية من "الجريمة على شبكة الإنترنت"، إلى استقبال الصحافيين، والتحقيق معهم، ثمّ إجبارهم على توقيع على تعهد بعدم الكلام حول موضوع التحقيق: الزميل ربيع فران، عماد بزي، رشا الأمين، حياة مرشاد، جينو رعيدي، الصحافي مهند الحاج علي، لقمان سليم... كرّت السبحة منذ العام 2013، ولم تتوقّف حتى اليوم.
وكانت حبيش، الصورة المباشرة لهذا المكتب المريب، وواجهة جهاز كامل بدا أن هدفه فقط تضييق هامش الحريات. فتلقت هي كل الانتقادات التي وجّهت للمكتب، وتلقت هي كل التهاني بأي إنجاز عملي.
انطلاقاً من هذه الثنائية، ومع الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد، كانت سوزان الحاج حبيش تبني ممكلتها، حتى باتت تسمّى بـ"المرأة الأقوى في لبنان".
عرفت حبيش جيداً، كيف تحصّن نفسها، وكيف تحمي سمعتها المهنية، فكان صحافيون وناشطون يتلقون تهديدات على هواتفهم من أرقام مجهولة، في حال انتقدوا أداءها بمنشوراتهم على مواقع التواصل. القبضة الحديدية للحاج، سارت جنباً إلى جنب، مع صورتها كسيدة مجتمع ناشطة في المجال الإنساني، والتوعية من كل المخاطر: من الإدمان على المخدرات إلى فيروس الفدية على الإنترنت.
منذ العام 2015، بدا أن صورة المرأة القوية، تتداعى تدريجياً، من خلال تسريبات أمنية تفيد بأن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي غير راضية عن أدائها، وأنها توجه لها ملاحظات بشكل مستمرّ. وقتها بدأت بعض المجلات والمواقع تنشر مقالات بدت أشبه بسير ترويجية إعلانية عن مسيرة حبيش "المبهرة"، والخارقة.
وقتها انتشرت صورة لـ"لايك" وضعته حبيش على منشور للمخرج اللبناني شربل خليل يهاجم فيه النساء السعوديات ويتهمهنّ بالإرهاب. انتشرت الصورة بشكل كبير على مواقع التواصل، استدعيت حبيش للتحقيق، وتمّت إقالتها من منصبها. ليتبيّن بعدها أنها تلقت تنبيهات كثيرة بسبب سلوكها المهني والشخصي، وأنها لم تعر هذه التنبيهات أي اهتمام.
يوم أمس، عاد اسم سوزان الحاج حبيش إلى الواجهة. إذ بدأ التحقيق معها بجرم فبركة ملف أمني للممثل اللبناني زياد عيتاني (جرم العمالة مع العدو الإسرائيلي)، بما أنها اتهمته أنه كان هو المسؤول عن تسريب صورة "اللايك" الشهير الذي أطاح بها من منصبها.
لا يزال إصدار الحكم الأخلاقي والقانوني ربما مبكراً ضد حبيش، والقرار الأخير سيصدره القضاء، الذي بدأ التحقيق معها. لكن السمعة السيئة لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، والطريقة السيئة التي أدارت بها حبيش الجهاز الأمني، كافية لطرح أسئلة كثيرة حول مهنيتها.