المغنون في بيت الطاعة

07 اغسطس 2018
يحيي ناصيف زيتون الجيش والنظام في حفلاته (2u2c)
+ الخط -
انقسم الفنانون في العالم العربي، منذ بداية الثورات العربية، بين مؤيد ومعارض لما يجري. سبع سنوات، وبعض الفنانين يعلنون مواقف، ومواقف مضادة، سبع سنوات من الحروب، لكن من أفظع ما كان في حرب الفنانين والتسلط السوري المتمثل في النظام، هو في التهديد، إلى حد القتل، وكذلك منع بعض الفنانين من العمل أحياناً، أو من العودة إلى سورية، بعد نشر ما يُسمى بلوائح العار والخيانة على مواقع التواصل، وسحب عضوية انتساب بعضهم المعارض من النقابات والمهن الفنية في سورية.
هذه السياسة التي ينتهجها النظام، أدت إلى شرخ كبير لم يطاول فقط السوريين، بل وصل في تداعياته إلى اللبنانيين الذين يمنع عدد منهم اليوم من السفر إلى سورية، فيما حاول البعض الآخر أن ينأى بنفسه عن كل ما يؤثر على مسيرته الفنية وعمله واضعاً نفسه ضمن دائرة الحياد.
النظام السوري نفسه، يحاول النيل من بعض الفنانين السوريين الذين يقفون أحياناً على الحياد، أولئك الذين لا يرضون بكل أنواع المجازر التي تحصل في بلدهم، فيدفعون الثمن معنوياً، تماما كما حصل مع الفنانة أمل عرفة، عندما قدمت واجب العزاء بزميلتها مي سكاف، الماكينة الخاصة بالنظام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قادت حملة ضد عرفة دعت فيها إلى الاقتصاص ومحاربة أمل عرفة لمجرد أنها كتبت "الله يرحمك" لسكاف.
من المؤكد أن الفنان مروان خوري ورط نفسه في المشاركة ضمن فعاليات مهرجان القلعة في دمشق. أسئلة كثيرة لم يجب عنها مروان ويبدو أنه لن يجيب بعد عاصفة من الانتقادات التي حصدها مساء السبت الماضي، خصوصاً أن الحفل جاء بعد أيام قليلة من إعلان لائحة الموت في سجون النظام السوري.
مروان خوري، وبحسب كل الفيديوهات التي نُشرت في الحفل، لم يذكر النظام السوري كما فعل زملاؤه، وحاكى سورية كشعب، لكنه لم يتنبه إلى بعض المفردات التي تتحدث عن انتهاء المعارك وعودة "الشام" إلى طبيعتها، في وقت بات واضحاً أن الممول الرئيسي للمهرجان هو أدوات الشركات التجارية التابعة للنظام السوري ومنها شركة MTN، وغيرها.
أمام كل المعطيات التي لا بد لمروان خوري أن يكون عرفها، أو سأل عنها، كان "التقديم" الذي بالغ في الحديث عن انتصارات الدولة والنظام، احتفاءً في ما يُسمى انتصار سورية، قصة ثانية أظهرت الرسائل الكامنة والهدف من وراء المهرجان، خصوصاً في حفل الفنان السوري ناصيف زيتون الذي سبق خوري بيومين. زيتون الذي يعتبر الابن المدلل اليوم للنظام السوري، وجه التحيات من على المسرح للجيش، وراح يتحدث عن انتصاراته. ولطالما أبدى زيتون تعاطفه مع النظام في كل المناسبات.
هكذا يُسجل النظام السوري، بين الحين والآخر "أهدافًا" تتعلق بتغيير صورته أمام الناس عن طريق الفن، وما الدعوة الأخيرة لمروان خوري الذي ينأى بنفسه عن كل ما هو سياسي، إلا ورطة أرادها النظام لكسب مروان خوري أو الضرر به.

وفي السياق ذاته، يتمهل عدد كبير من الفنانين اللبنانيين في القبول أو الموافقة على زيارة دمشق. الفنانة نجوى كرم التي كانت لوقت طويل تُصنف ضمن دائرة الفنانين الموالين لنظام الأسد، لا تزال حتى اليوم تنأى بنفسها عن السفر إلى سورية.
في المقابل، ورغم انحيازه للنظام السوري، ألغت الجهات السورية حفلاً للفنان فارس كرم كان مقرراً أن يحييه منتصف الشهر الحالي، ولم تعرف الأسباب الحقيقية التي أدت إلى إلغاء الحفل، والمعروف أن فارس كرم من أكثر الفنانين اللبنانيين، الذي يمدحون بالنظام السوري، وظهر ذلك موثقاً بفيديو في حفل أحياه السنة الماضية ضمن فعاليات مهرجان دمشق الدولي.
المساهمون