قبيل الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، دعت مؤسسات حقوقية ومدنية مغربية في الرباط إلى إصلاح المنظومة الجنائية واعتماد سياسة عقابية تتقاطع مع "المقاربة الحالية القائمة على الانتقام والقصاص والزجر وتشديد العقوبة ونهج مقاربة التسامح والإصلاح والتأهيل وإعادة الإدماج". ورأت كل من شبكة برلمانيين وبرلمانيات ضد عقوبة الإعدام في المغرب وشبكة المحامين والمحاميات ضد عقوبة الإعدام، أن "حماية الحق في الحياة وإلغاء عقوبة الإعدام هي التزام دستوري وموقف سياسي على المستوى الدولي يجب العمل على تطبيقه في أقرب وقت ممكن".
وعلى الرغم من تقديم مجموعة من القوانين الرامية إلى إلغاء عقوبة الإعدام بالكامل أو التقليص منها منذ عام 2013، إلا أن هذه القوانين لم تجد طريقها للمناقشة بعد، في الوقت الذي يقبع فيه 122 شخصاً محكوماً بالإعدام في سجون المغرب.
تقول نزهة الصقلي عضو شبكة برلمانيين وبرلمانيات لـ "العربي الجديد" إن "الدول التي تناهض عقوبة الإعدام تزداد يوماً بعد يوم، سواء من خلال النصوص أو الفعل. في المغرب مثلاً، لم تنفذ عقوبة الإعدام منذ 22 سنة، لكن هذا لا يعني عدم وجود مجموعة من النصوص أو القانون الجنائي أو العسكري تحكم بالإعدام". وتشير إلى أن الائتلاف المغربي لإلغاء عقوبة الإعدام وشبكة البرلمانيين (240 عضواً) في الغرفة الأولى والثانية من البرلمان من كل الأطياف السياسية "ينبذون الإعدام"، مضيفة أن "الدستور المغربي كفل وفق المادتين 21 و22 حق الحياة والسلامة الجسدية لكل مواطن ومواطنة، وأنه لا يحق لطرف آخر المساس بهما. وهي النقطة التي لا تتلاءم مع إقرار عقوبة الإعدام". لذلك "لا بدّ من المقاومة ومواصلة المعركة. نحن ننادي بفتح حوار وطني لنتبادل الآراء ونتوصل إلى قرار إلغاء التشريعات المتعلقة به".
اقرأ أيضاً: أسواق أسبوعيّة بإدارة مغربيات
وتعوّل الصقلي في ذلك على افتتاح الدورة الخريفية الرابعة للبرلمان التي يمكن أن تتيح فرصة لمناقشة مشروع القانون الجنائي الذي أصدرته وزارة العدل والحريات المغربية في مارس/ آذار الماضي، وإقناع الجهات المختصة بضرورة إسقاط العقوبة من النصوص التشريعية. لكن في حالة المغرب اليوم الذي لا ينفذ عقوبة الإعدام، لماذا يستمر الحقوقيون بنداءاتهم لإلغاء العقوبة؟ تعيد الصقلي الأمر إلى "التناقض وعدم الانسجام اللذين يحكمان العلاقة ما بين العدالة الجنائية وتطورات حقوق الإنسان في المملكة المغربية".
إلى ذلك، تتجدد النقاشات والجدال بالتزامن مع اليوم العالمي لإلغاء عقوبة الإعدام، ما بين التيارين الحداثي والمحافظ في المغرب. ويحمّل الحداثيون التيار المحافظ الذي يقود الحكومة المغربية الحالية مسؤولية التقهقر والتأخير في إصدار القرار، إلّا أن الأخير يرجع الشأن إلى كونه مجتمعياً وليس سياسياً.
ويوضح البرلماني عبد العزيز أفتاتي عن حزب العدالة والتنمية، أن القرار "لا يرتبط بحزب أو غيره، بل يرتكز على قواعد يضمنها المجتمع ويحسمها حتى من دون قانون، لكن بعد إشباعها جدالاً". ويلفت إلى أن "الإعدامات لا تطبّق في المغرب صباحاً ومساءً، وحكم الإعدام الأخير نُفّذ في تسعينيات القرن الماضي". ويؤكد أفتاتي على أن عقوبة الإعدام لا تطال الإدانات السياسية، لكنها ترتبط بجرائم وإشكاليات مجتمعية كالاعتداء على القاصرين أو الاغتصاب. يضيف: "المجتمع هو فقط من يقرر، بالإضافة إلى أنه نقاش هادئ يتدخّل فيه أهل الاختصاص من قضاة وأكاديميين وغيرهم".
ويعزو أفتاتي الجدال حول الإعدام إلى "مجموعات هامشية تغرد خارج السرب"، ويرى أن هذه العقوبة ليست "أمّ الإشكاليات، إنما الأولوية هي للديمقراطية والعدالة الاجتماعية اللتان يسعى المغرب إلى تحقيقهما في ظلّ الظروف الراهنة".
اقرأ أيضاً: قاصرون مغاربة في إسبانيا