رفع المغرب رصيده من النقد الأجنبي إلى 28.5 مليار دولار، رغم تداعيات انتشار فيروس كورونا، فيما يترقب صندوق النقد الدولي أن يستقر ذلك الرصيد في حدود 20.1 مليار دولار في العام الحالي.
وتمكن المغرب من تغذية رصيده الأجنبي، بعدما توصل بمبلغ في حدود 3.1 مليارات دولار، الذي سُحب من خط السيولة والوقاية الذي وضعه صندوق النقد الدولي رهن إشارته.
وكان رصيد المغرب من النقد الأجنبي في حدود 25.4 مليار دولار، قبل قرار السحب من ذلك الخط الذي وضعه صندوق النقد الدولي رهن إشارة المملكة.
وتأتي تحركات الحكومة المغربية الأخيرة ولجوءها إلى الصندوق لتجنب تراجع رصيد النقد الأجنبي بسبب تأثر العديد من مصادر الدخل بفيروس كورونا ومنها قطاعات مهمة كالسياحة وتحويلات المغتربين والاستثمارات المباشرة.
ويؤكد إنييغو موري، رئيس منظمة "ريميساس"، التي تتولى تتبع تحويلات المغتربين، لـ"العربي الجديد" أنه إذا كانت عائدات السياحة ستنهار في الظرفية الحالية، يمكن التخفيف من تراجع تحويلات المغتربين بالنظر إلى ما تمثله للاقتصاد والأسر المغربية التي يرتهن لها معاشها في العديد من المناطق.
وحسب موري فإنه على الصعيد الاقتصاد الكلي، يدعم المغرب ميزانه الجاري عبر مكونين أساسيين متمثلين بإيرادات السياحة وتحويلات المغتربين، مشيراً إلى أن العودة العادية للإيرادات لن تحصل، خاصة بالنسبة إلى السياحة، إلا بعد فترة طويلة، وفي حالة اكتشاف اللقاح المضاد لفيروس كورونا.
ويسعى المغرب إلى الحفاظ على رصيده من النقد الأجنبي في مستوى يوفر له تغطية جزء كبير من الواردات، خاصة في ظل توقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض ذلك الرصيد إلى 20.1 مليار دولار في العام الحالي، قبل أن يرتفع إلى 22.4 مليار دولار في العام المقبل، بعدما كان في حدود 26.4 مليار دولار في العام الماضي.
وكان رصيد النقد الأجنبي إلى حين اتخاذ قرار السحب يغطي خمسة أشهر وأحد عشر يوماً من واردات المغرب، ما يعني أن ضخ مبلغ خط السيولة سيرفع المدة التي سيغطيها ذلك الرصيد.
وينتظر أن يساهم مبلغ الخط عبر تغذية رصيد النقد الأجنبي، في تعويض جزء من التراجع الحاد الذي ستسجله إيرادات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين في الخارج والاستثمارات الخارجية الأجنبية.
وكان يفترض أن يساهم سعر النفط في السوق الدولية، في خفض فاتورة الطاقة، غير أن إعلان وزارة الزراعة والصيد البحري انهيار محصول الحبوب إلى 3 ملايين طن، سيفضي إلى ارتفاع فاتورة مشتريات الحبوب، ما يفرغ الربح على مستوى فاتورة الطاقة من محتواه.
وحسب مراقبين، يتجه المغرب نحو محاصرة انخفاض رصيد النقد الأجنبي، عبر السعي إلى خفض الواردات التي تعتبر غير رئيسية للاقتصاد الوطني، علما أن الواردات وصلت في العام الماضي إلى نحو 50 مليار دولار، مقابل صادرات في حدود 29 مليار دولار.
وطلبت مديرية الجمارك من مستوردي السيارات تقليص وارداتهم، في ظل تراجع رصيد النقد الأجنبي، ما يدفع محمد الرهج، الخبير الجبائي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى التشديد على أهمية تحديد لائحة السلع التي ستستورد والتي لا غنى عنها للمملكة، خاصة في ظل التوجه إلى الاقتراض من أجل دعم ذلك الرصيد.
ويعوّل المغرب، في ظل تراجع إيرادات السياحة وتحويلات المغتربين والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعثر بعض الصادرات، على دعم رصيده من النقد الأجنبي عبر الاقتراضات الخارجية، حيث رخص وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بشعبون، بتجاوز السقف الذي حدده البرلمان برسم العام الحالي في حدود 3.1 مليارات دولار.
ويراهن المغرب على طرح سندات في السوق الدولية في فترة ما زالت فيها أسعار الفائدة منخفضة، حيث سبق له أن حصل في العام الماضي على مليار يورو بسعر فائدة في حدود 1.5 في المائة.
وشدد وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في تصريحات، أخيراً، على أن تجاوز سقف الاقتراضات المسموح بها، سيدعم رصيد المغرب من العملة الصعبة، التي سيمسّ نفادها بسيادة البلاد التي تعاني من تراجع ذلك الرصيد جراء تراجع إيرادات متحصلة من السياحة وتحويلات المغتربين المغاربة وصادرات السيارات والنسيج والألبسة.
ويتوقع صندوق النقد الدولي، في آخر تقرير له، أن يرتفع الدين الخارجي للمملكة، ليمثل 35.1 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، بعدما كان في حدود 33 في المائة في العام الماضي.
ويعتبر الوزير المغربي أن رصيد المملكة من النقد الأجنبي يتآكل، معتبراً أنه لا يجب الانتظار إلى حين جفافه، مؤكداً أن التوجه إلى الاقتراض حالياً سيساعد على الحصول على قروض بأسعار فائدة مخفضة.