يراهن المغرب على تحسين وتوطيد علاقاته السياسية والاقتصادية مع حليفه التاريخي فرنسا، خاصة بعد الإعلان، أمس الأحد، عن فوز إيمانويل ماكرون بالانتخابات الرئاسية، متفوقا على مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان.
وعبّرت الرباط عن حرصها على إرساء علاقات دبلوماسية جيدة مع باريس، لاسيما بعد أن عرفت نوعا من الفتور خلال فترات من ولاية فرانسوا هولاند، في برقية العاهل المغربي، الملك محمد السادس، الموجهة إلى ماكرون، والتي أبدى فيها رغبته في دعم الصلات بين البلدين.
وعُرفت فرنسا، خلال ولايات العديد من الرؤساء الذين مرّوا من قصر الإليزيه، بإقامة علاقات تتراوح بين الجيدة والعادية مع المملكة، كما أنها حليف لا غنى عنه للمغرب في ملف الصحراء.
وأعرب المغرب، من خلال برقية الملك إلى ماكرون، عن ترحيبه بفوز مرشح الوسط، مشيداً بما يتحلى به الرئيس الفرنسي الجديد من "خصال إنسانية وفكرية عالية، بحيث اختار نهج التقدم والانفتاح والثقة في المستقبل، وفاء منه للمبادئ السامية التي تقوم عليها الهوية الفرنسية".
وتوقف العاهل المغربي عند ما أسماه "الخيار الاستراتيجي" الذي نهجه البلدان معا، والمضي قدما في الاستثمار الأمثل للإمكانات المتاحة أمام التعاون الاقتصادي بين الجانبين، وتدعيم جهودهما لصالح القضايا المتعلقة بالمناخ، و"المبادئ السامية للسلم والأمن والانفتاح على الآخر، والتصدي للإرهاب والتطرف".
ويرتقب أن يقوم ماكرون بأول زيارة له خارج فرنسا إلى المغرب، وفق ما صرح به من قبل لبعض وسائل الإعلام، وهو ما اعتبره أستاذ القانون والعلاقات الدوليين بجامعة مراكش، إدريس لكريني، إشارة تحيل إلى أن العلاقات الثنائية ستعرف مزيداً من التطور في المستقبل.
وأفاد لكريني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن توجّهات السياسة الخارجية للدول تؤطرها، بشكل عام، العديد من المحدّدات والثوابت؛ علاوة على المصالح الحيوية والعليا للدولة في أبعادها المختلفة والمتطورة، وهو ما يجعل تحققها واستمرارها يتجاوز تغيّر الأشخاص.
واستطرد المحلل ذاته بأن "رؤساء الدول يحظون بأدوار وازنة على مستوى صناعة القرارات الخارجية في أبعادها السياسية والاقتصادية والعسكرية، غير أن ذلك يظل مؤَطّرا بهذه المحددات والثوابت والمصالح".
وسجل المتحدث ذاته أن "قوّة المصالح الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين؛ على المستوى الاقتصادي والتجاري؛ وحجم الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين في مختلف المجالات؛ علاوة على الجالية المغربية الهامة المقيمة في فرنسا؛ ونظيرتها الفرنسية المقيمة في المغرب، كلها عوامل تعطي للعلاقات المغربية – الفرنسية طابعا استراتيجيا مستداما، وتجعلها محصنة ضد كل التّقلبات المحتملة".