تنوي الحكومة المغربية التخلّص من القفة التي يحملها الزائرون إلى ذويهم المعتقلين في السجون، بخاصة وأنها قد تؤدي إلى مشاكل أمنية وأعباء اجتماعية. أما ذلك، فمن خلال الاتفاق مع شركات متخصصة في هذا المجال على تأمين وجبات الطعام إلى السجناء، لتكون أول تجربة من نوعها في البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن إدارة السجون تخشى تهريب المخدرات من خلال القفف.
وبدأت إدارة السجون وإعادة الإدماج في المغرب العمل على منع وصول المخدرات إلى المعتقلين، التي قد يضعها الأهالي في القفف التي يجلبونها لأبنائهم المعتقلين، ما قد يؤدي إلى مشاكل عدة في السجون.
ويقول المندوب العام لإدارة السجون صالح التامك إنه "يجري حالياً تكليف شركات خاصة لتأمين الغذاء للسجناء بهدف التخلص من القفة، خصوصاً وأنها تسبب قلقاً للمسؤولين في السجون". يضيف أن الاستعانة بشركات خاصة لتغذية السجناء "يمكن أن يحقق أهدافاً إيجابية عدة، منها تخفيف الأعباء المالية عن كاهل الأسر، التي تجد نفسها مضطرة إلى زيارة أبنائها أكثر من مرة، وحمل القفف التي تحتوي على أنواع مختلفة من الطعام".
أما الأهداف الأخرى بحسب التامك، فتتمثل في "الحد من القفف التي قد تحتوي في بعض الأحيان على الممنوعات، وقد تؤدي إلى نشوب مشاكل في داخل السجون".
تجدر الإشارة إلى أنه عادة ما يتم دس كثير من المواد المحظورة كالمخدرات وغيرها، في القفف التي تحملها الأسر للمعتقلين، عبر الأواني أو المعلبات أو المأكولات المختلفة. ويلفت التامك إلى أن هذا الخيار سيؤدي إلى تحسين النظام الصحي للمعتقلين، بخاصة وأن بعضهم يستاء من تردي الوجبات الغذائية التي تقدمها لهم مؤسسات السجون، لافتاً إلى أن ذلك قد يساهم أيضاً في "تحسين شروط عيش المعتقلين في داخل السجون، وتأهيلها، وجعلها أكثر أمناً، وعدم تضييع الوقت في مراقبة القفف".
اختلفت الآراء حيال إسناد تغذية نحو 70 ألف سجين في المغرب إلى شركات القطاع الخاص. وجد بعضهم القرار مناسباً، كونه سيجعل الوجبات الغذائية للمعتقلين أفضل، فيما قال آخرون إنه قد يزيد من معاناة هؤلاء في هذا الإطار.
في السياق، يصف المحامي بدر قريشي في حديث إلى "العربي الجديد" هذه الخطوة، بـ "الجيدة والموفقة مهما كانت الدوافع وراء إقرارها. فهي ستأتي بالنفع على المعتقلين لناحية التغذية، خصوصاً وأنها ليست بالمستوى المطلوب في سجون المملكة".
يضيف أن "وجبات الطعام التي تقدم للسجناء لن تكون بأي حال من الأحوال أفضل من تلك التي ستقدمها الشركات المتخصصة في مجال التغذية"، مشيراً إلى أن هذه الشركات ستكون أكثر حرصاً ودراية في مجال إعداد الوجبات الغذائية". ويلفت إلى أن "معدل كلفة تغذية كل سجين في المغرب تقدّر بـ 11 درهماً فقط في اليوم الواحد وهو رقم هزيل جداً، خصوصاً وأنه بالكاد يكفي لتأمين وجبة الفطور أو الغذاء". في الوقت نفسه، يشير إلى "ضرورة إيلاء أهمية قصوى للتغذية والطبابة للسجناء".
في المقابل، يرفض عدد كبير من أهالي المعتقلين الأمر. برأيهم، لا يجب إسناد تغذية السجناء إلى شركات خاصة، بدعوى أن "هذه الشركات لا يمكنها توفير الحاجات الغذائية لكل سجين، خصوصاً وأن لكل واحد ظروفه الغذائية الخاصة التي لا تعرفها إلا عائلته. في هذا الإطار، يولون القفة أهمية كبيرة".
في السياق، تقول فاطمة لـ "العربي الجديد": "لا أحبّذ أن تكلّف شركات خاصة بتغذية ابني المعتقل على خلفيّة دهسه أحدهم بالسيارة"، مشيرة إلى أن "وضع ابني الصحي يستوجب نظاماً غذائياً معيّناً لا يمكن أن توفّرها له شركة تغذية خاصة". بالتالي، لا تجد أفضل من القفة التي تحملها له كل يوم ثلاثاء، وتملؤها بما يلائم صحته.
70 ألف سجين
تضم سجون المغرب أكثر من 70 ألف سجين موزعين على نحو 73 سجناً، و49 في المائة منهم معتقلون احتياطيّون. ويشكل الذكور النسبة الأكبر (97% من مجموع المعتقلين). أما السجناء الذين تتراوح أعمارهم ما بين 21 و50 عاماً، فتصل نسبتهم إلى 87%، وتبلغ المساحة المخصصة لكل سجين 1.6 متر مربع فقط.