أعلنت السلطات المغربية "الحرب" على ظاهرة استئجار "البيوت الآمنة" لأشخاص من دون الكشف عن هوياتهم، بعد تنامي ظاهرة استئجار متطرفين يناصرون تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بيوتاً حولوها إلى مقار لاجتماعاتهم والتحضير لعمليات إرهابية.
وحذّرت أصحاب البيوت والشقق السكنية من التأجير لأشخاص مجهولي الهوية بدون التبليغ عنهم، منبهة إلى أن إجراءات قانونية ومساءلة قضائية ستُتخذ بحقهم.
وفككت مصالح الأمن المغربية، في الآونة الأخيرة، عددا من الخلايا الإرهابية التي اتخذ "أمراؤها" بيوتا استأجروها في كل من طنجة شمال المملكة، ووجدة شرقها، والجديد في الغرب وغيرها من المناطق، وجعلوا منها غرف عمليات للاجتماعات وصنع المتفجرات.
كما فككت عناصر الأمن، يوم الجمعة الماضي، خلية إرهابية مكونة من سبعة عناصر، حولوا "بيتا آمنا" في مدينة الجديدة إلى فضاء لاجتماعاتهم، ومكان لإخفاء أسلحة مختلفة الأحجام والاستعمالات، وكمية وافرة من الذخيرة الحية، إضافة إلى سيوف وأجهزة اتصالات لاسلكية، وسراويل عسكرية، وعصي تلسكوبية.
كذلك أحبطت محاولة إرهابية، قبل أسابيع خلت، في مدينة طنجة، كما اعتقلت مواطنا تشاديا يُدعى "أبو البتول الذباح" جعل من بيت استأجره في المدينة وكرا لملاقاة متطرفين مغاربة، كانوا على صلة بتنظيم "داعش"، ويخططون لتنفيذ عمليات إرهابية، بحسب عناصر الأمن المغربية.
وفي شهر سبتمبر الماضي، أحبط عناصر الأمن في المغرب محاولة خلية إرهابية مكونة من ثلاثة متطرفين استهداف مواقع حساسة وحيوية في كل من وجدة والسعيدية وفاس. واستأجر زعيم هذه الخلية "بيتا آمنا" في ضواحي مدينة وجدة، وخصصه لإيواء أفراد خليته، وتحضير وصناعة العبوات المتفجرة عن بُعد.
وأصدرت وزارة الداخلية المغربية بلاغاً، أمس، أمام تنامي هذه الظاهرة، أوضحت فيه أنه "على إثر تفكيك بعض خلايا الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة، تبيّن أن هؤلاء يكترون (يستأجرون) في عدة حالات بيوتا أو شققا من بعض المواطنين، من دون تبليغ السلطات الأمنية المختصة".
واعتبرت الداخلية أن "هذا التصرف تهديد مباشر لأمن البلاد، لأنه يسهّل تواري الأشخاص المشبوهين، ويساعدهم في التحضير لأعمالهم التخريبية"، داعية أصحاب المنازل والشقق المفروشة إلى "الحرص على إبلاغ السلطات الأمنية بهوية المكترين"، محذرة من أن "أي تهاون منهم يعرّضهم للمساءلة القضائية باعتبارهم شركاء محتملين لمنفذي الجرائم".
ويعلق الخبير في الشأن الديني، إدريس الكنبوري، بالقول لـ"العربي الجديد"، إن تحذير السلطات المغربية المواطنين من تأجير البيوت لأشخاص من دون معرفة هويتهم والتبليغ عنهم، يهدف إلى محاولة الضبط الاجتماعي لهذه الظاهرة.
ويتابع الكنبوري "خلال متابعة تجارب سابقة تبيّن أن بعض المتطرفين يستأجرون بيوتا لتحضير المتفجرات فيها، والتخطيط لعمليات إرهابية، بل يصل الأمر أحياناً إلى تأجير البيوت لأشخاص أجانب من دون التأكد من هوياتهم، كما حصل مع المواطن التشادي الذي اعتقل قبل أشهر في مدينة طنجة".
ويستطرد الخبير أنه "قبل أشهر عدة فوّض أعوان السلطة "المقدمين" بمهمة الإبلاغ عن الأشخاص المجهولين الذي يلجؤون إلى الإقامة في الأحياء، لكن يبدو أن هذا الإجراء ليس ناجحا من دون انخراط المواطنين في العملية"، مؤكدا أن هذه الإجراءات من شأنها أن تؤدي إلى التضييق على الأشخاص المشبوهين ووضعهم تحت مراقبة السلطات، بمساهمة من المواطنين أنفسهم.