يراهن المغرب على تحقيق محصول حبوب متوسط في العام الحالي، بعد التساقطات المطرية التي عرفها في الشهرين الأخيرين، غير أن الكثيرين يشدّدون على ضرورة مراقبة منسوب المياه في السدود التي ما زالت دون التوقعات، خاصة بعد الصعوبات التي وجدها المغرب في تأمين مياه الشرب في الصيف الماضي.
ووصلت نسبة ملء السدود حتى منتصف الأسبوع الجاري إلى 41.1%، أي حوالي 6.24 مليارات متر مكعب، وهو مستوى دون ما تحقق في الفترة نفسها من العام الماضي، حين بلغت نسبة ملء السدود حوالي 56%، حيث وصلت إلى 8.49 مليارات متر مكعب، حسب بيانات وزارة المياه.
ويقل المتوفر من المياه في السدود بـ8.8 مليارات متر مكعب، عما يمكن أن تستقبله من المياه، حيث يفترض أن تستوعب حوالي 15.5 مليار متر مكعب.
ويأتي الانشغال بمستوى المياه في السدود من كونها تساهم، بشكل حاسم، في توفير مياه السقي في بعض الأحواض الزراعية في المملكة، مثل تلك التي تتخصص في إنتاج البنجر.
وتجلى أن منسوب المياه في أغلب السدود التي تعتبر استراتيجية في المملكة، دون التوقعات، مثل سد بين الويدان، الذي استقبل 284 مليون متر مكعب، أي حوالي نصف ما استوعبه في الفترة نفسها من العام الماضي، حسب تقارير رسمية.
ولاحظت وزارة المياه، أن نسبة المياه التي أضيفت إلى تلك التي كانت متوافرة في السدود، بلغت 5 % فقط.
وتلك النسبة ما زالت ضعيفة، مقارنة بالتوقعات السابقة، فقد زادت تلك المياه بحوالي 800 مليون متر مكعب، منذ موجة التساقطات المطرية، التي شهدتها المملكة اعتبارا من الخامس من يناير/ كانون الثاني الماضي.
غير أن المزارع محمد بشعيري، يذهب في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنه عند الحديث عن مستوى المياه في السدود، يجب أخذ بعين الاعتبار مستوى الطمي، كما يفترض استحضار الحد الذي لا يمكن معه استغلال مياه السدود.
ويعتقد بشعيري أنه بعد الأمطار الأخيرة التي ساعدت على تجاوز خطر الجفاف، رغم توقع تحقيق محصول حبوب متوسط، أي في حدود 70 مليون قنطار من الحبوب، إلا أنه يشدد على أن الاهتمام بمياه السدود يعزى إلى دورها في ري الخضر والفواكه ومساحات الحبوب ذات المردودية الكبيرة.
ومن جانبه، يرى المزارع محمد أيت لحسن، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه يجب انتظار ذوبان الثلوج التي عرفها المغرب في الأسابيع الأخيرة، حيث يرتقب أن تغذي السدود، في الوقت نفسه، يجب ترقب الأمطار التي يتمناها المزارعون في مارس/ آذار.
ويشدد لحسن على أن أمطار الشهر الجاري ستكون حاسمة بالنسبة للموسم الزراعي الحالي، حيث ستساعد المغرب على تأمين محاصيل، تغني المغرب عن الإمعان في الاستيراد.
ويتخوف المزارع عبدالله الحريزي، من عدم تغذية السدود بما يكفي من المياه في الأشهر الثلاثة المقبلة، ما قد يطرح مشكل تزويد بعض المناطق بمياه الشرب.
ويستحضر هذا المزارع في حديثه لـ"العربي الجديد" الاحتجاجات التي عرفها المغرب في الصيف الماضي بسبب عدم توفر المياه، ما دفع الحكومة إلى التدخل من أجل تقديم وعود بالسعي لمعالجة المشكل.
وكان العاهل المغربي محمد السادس، دعا الحكومة إلى تشكيل لجنة من أجل معالجة مشكل المياه، وهي اللجنة التي كلفت بحصر حالات الخصاص في المياه بالمغرب، وبلورة حلول، تسخر لها الاستثمارات التي تقتضيها.
ويراد من هذه اللجنة تصور التدابير الواجبة من أجل التصدي لمعالجة الخصاص، والسعي لتعزيز الحكامة من أجل ضمان نجاعة تعبئة الموارد المالية بغية تحسين التزود بالمياه للشرب والري.
وتعتبر الوزارة المكلفة بالماء، أن معالجة مشكلة المياه في المغرب، يتوجب أن تحل عبر ترشيد الاستهلاك، والمضي في سياسة السدود، وتحلية مياه البحري، وإعادة معالجة المياه.
وفي هذا السياق، يشير الخبير في القطاع الزراعي، محمد الهاكش، إلى حلول أخرى منها التوجه نحو زراعات لا تستدعي استهلاك كميات كبيرة من المياه في ظل الوضع الحالي لمستوى المياه السطحية والجوفية.
ودفع ضعف الأمطار، خلال الشهرين الأخيرين من العام الماضي، المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، إلى الإعراب عن قلقها في تقرير رسمي، من إمكان تراجع معدل النمو في الربع الأول من العام الحالي 2018، ليصل إلى 2.6%، مقابل 3.8% في الفترة نفسها من العام الماضي، ولكن شهدت التساقطات المطرية زيادة ملحوظة خلال الشهر الماضي، ما أعاد النظرة التفاؤلية للمغاربة.