المغرب: مساعي الوساطة تتواصل لحل أزمة الريف

20 يونيو 2017
احتجاجات الحسيمة اختبار حقيقي للديمقراطية المغربية(فرانس برس)
+ الخط -
ابتهج الكثير من ناشطي الحراك الاجتماعي الذي تشهده منطقة الريف في المغرب، بما نقله الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن العاهل المغربي، الملك محمد السادس، لدى لقائه به قبل أيام وإقراره بأن مطالب المحتجين مشروعة. وفي سياق تأكيد أعلى سلطة في البلاد على أن الملك محمد السادس منشغل بما يجري في الريف، وأن حل الأزمة وشيك، تستمر مبادرات وساطة مدنية من أجل حلحلة الوضع في مدينة الحسيمة التي تشهد احتجاجات منذ سبعة أشهر، بعد مقتل بائع السمك، محسن فكري.

وخرج مؤتمر وطني حول أوضاع الحسيمة والريف عموماً، دعت إليه هيئات وجمعيات متعددة، بتوصيات رئيسية، جاء فيها أن المطالب التي ترفعها الاحتجاجات السلمية بإقليم الحسيمة "عادلة ومشروعة"، وهو التوصيف الذي ذهب إليه العاهل المغربي نفسه.

وطالب المشاركون في المؤتمر باعتماد مقاربة تنموية جديدة تُشرك سكان المناطق الريفية في بلورة تصورات ووضع وتنفيذ ومتابعة وتقييم كافة المشاريع الإصلاحية المخطط لها، أو التي سيتم إنجازها فيها. وفي ما يتعلق بكيفية تعامل السلطة مع التحركات الشعبية، ولا سيما من الناحية الأمنية، طالب المؤتمر الذي أنهى أعماله يوم السبت، بـ"إلزامية وضع حد للمقاربة الأمنية الصرفة، دون المساس بالدور المنوط بالقوى الأمنية في مجال الحفاظ على أمن الأشخاص والممتلكات". وشدد المؤتمر على المبادرة الوسطية لحل أزمة الريف بالمغرب وعلى "ضرورة الالتزام، بشكل قطعي، بالحوار الرصين والمسؤول، كمنهج وسبيل، من أجل إيجاد الحلول الناجعة والاستعجالية لكافة المشاكل التي يُعاني منها إقليم الحسيمة".

مبادرة الوساطة هذه، التي شاركت فيها شخصيات حكومية وسياسية ومدنية وثقافية رفيعة، دعت إلى اعتماد إجراءات طارئة لتلبية مطالب سكان الحسيمة والتوافق على إحداث الآليات الضرورية لتنفيذ البرامج والمشاريع ذات الصلة بالمطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المستعجلة. ولتحقيق توصيات المؤتمر الوطني، جاءت الدعوة إلى إحداث لجنة متابعة تضم في عضويتها ممثلين عن جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وعن الناشطين في الاحتجاجات، ووزارة الداخلية ووزارة حقوق الإنسان ووزارة العدل والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. ودعا المؤتمر الوطني "جميع الأطراف إلى التحلي بالحكمة وتغليب روح التوافق، من خلال وضع المصلحة العليا للبلاد فوق جميع الاعتبارات، ومن أجل الانتصار للوطن".


وطرح ناشطون وسياسيون وحقوقيون مبادرة أخرى تهدف إلى ملاقاة المحتجين في الحسيمة، وتؤكد أن الاحتجاجات أمر مشروع كما أن الحفاظ على الأمن والاستقرار "غاية حتمية"، وفق تعبير مطلقي المبادرة التي قادها الناشط السياسي، صلاح الوديع. وقام وفد من الوسطاء بلقاء المحتجين في الحسيمة وتبادلوا النقاشات والآراء مع شباب الحراك. وفي هذا السياق، اعتبر الوسطاء أن الاحتجاجات في هذه المنطقة اختبار حقيقي للديمقراطية المغربية، كما أنها اتسمت بمعطى جديد يتمثل في رفض الوساطة التقليدية. وتوقفت مبادرة الوساطة التي تهدف للتوسط بين المحتجين والدولة من أجل حلحلة الوضع في الريف، عند عشرة مفاتيح رئيسية لفهم ما يحصل في المنطقة، "أولها ضرورة القطع مع الدور المركزي للدولة في التعاطي مع تدبير الشأن العام، لأن ذلك من شأنه إضعاف المبادرات المحلية"، وفق موقف القائمين على الوساطة. وبعدما لفت الوسطاء إلى أن سن معظم محتجي الريف لا يتجاوز 20 عاماً، أوردوا كذلك أن الاحتجاجات في الحسيمة لا قائد لها منذ اعتقال الناشط ناصر الزفزافي، الأمر الذي يفضي إلى صعوبة في محاولات التهدئة والتفاوض"، وفق استنتاجهم.

وظهرت وساطة مدنية ثالثة من مثقفين وسياسيين وحزبيين تدعو الطرفين المعنييْن بمشكلة الريف إلى التنازل قدر الإمكان عن مطالبهما، من أجل الوصول إلى توافقات، عبر جلسات حوار لا يمكن أن تتم إلا في أجواء هادئة. ومن شأن تنازل المحتجين الذين لا يغادرون الشارع منذ أسابيع، أن يساهم، في نظر أصحاب هذه الوساطة، بالجنوح نحو الهدوء والتراجع قليلاً، وإفراغ الشارع حتى "تطمئن النفوس"، وتتمكن الدولة بالتالي من بداية تنفيذ مشاريعها التنموية التي وعدت بها، بحسب مصادر معنية بالوساطة. أما تنازل الدولة، بحسب المصادر نفسها، فيتجسد في إطلاق سراح المعتقلين على هامش احتجاجات الحسيمة، كخطوة لوضع حد للاحتقان السائد، ومن ثم فتح حوار مباشر مع ممثلي المحتجين والسكان لوضع جدول زمني لتنفيذ المشاريع المطلوبة.