حصر المغرب واردات سلعية بقيمة 4.3 مليارات دولار، تعتقد أنه يمكن توفيرها عبر الصناعة المحلية، ما سيساعد على توفير فرص عمل محلية وتفادي استنزاف رصيد النقد الأجنبي.
ويواجه المغرب تحدي تشجيع الصناعة المحلية عبر وضع بنك مشاريع يمكن إنجازها من قبل مستثمرين محليين، بهدف عدم الارتهان للسوق الخارجية، وتقليص العجز التجاري، الذي تجاوز في العام الماضي 20 مليار دولار، بعدما بلغت الواردات 49 مليار دولار، مقابل صادرات في حدود 28.4 مليار دولار.
وانكبت وزارة الصناعة والتجارة، في سياق استخلاص الدروس من تداعيات الأزمة الصحية، على تحديد المنتجات المستوردة، والتي يمكن توفيرها عبر الصناعة المحلية.
ويقوم تصور الوزارة على وضع بنك مشاريع يمكن أن تنجز محليا، مع مواكبة المستثمرين فيها من أجل بلورتها، وكي يحصلوا على التمويلات الضرورية بهدف الانخراط فيها، خاصة أن الوزارة ترى أن هناك العديد من الفرص المتاحة في مجال التصنيع المحلي.
وتتطلع وزارة الصناعة والتجارة إلى تعويض واردات تصل قيمتها إلى 4.3 مليارات دولار بمنتجات محلية الصنع، من بينها واردات في حدود 2.2 مليار دولار تم تحديد قطاعاتها في انتظار تحديد تفاصيل قطاعات أخرى.
ودأب وزير الصناعة والتجارة، مولاي حفيظ العلمي، بعد تمكن المغرب من تأمين الكمامات محليا والشروع في تصنيع أجهزة التنفس تحت ضغط الجائحة، على التأكيد على ضرورة التوجه نحو تصنيع منتجات محليا، ليس فقط من أجل تقليص عجز الميزان التجاري ودعم رصيد المملكة من النقد الأجنبي، بل بهدف المساهمة، كذلك، في توفير فرص العمل.
ويرى العلمي أن الأزمة الصحية تحيي الوعي بضرورة الاستثمار في بعض القطاعات التي تعتبر حيوية، من قبيل تلك التي ترتبط بالتجهيزات الصحية، التي أفضى ارتفاع الطلب عليها في السوق الدولية إلى نوع من المنافسة الحادة بين الدول.
غير أن وزارة الصناعة تعتبر أنه إذا كان المغرب سيشجع التصنيع المحلي، فإن المنتجات المقترحة يجب أن تكون في مستوى الجودة التي تتوفر في المنتجات المماثلة المستوردة.
وتعتبر أنه إذا كان التصنيع المحلي مطلوبا في الفترة المقبلة، فإن ذلك لن يفضي إلى التخلي عن المضي في الصناعات التصديرية، في الوقت نفسه الذي تشدد وزارة الصناعة والتجارة على أن حماية المنتجات المحلية من المنافسة الخارجية، لن تتمتع بها سوى تلك التي تتوفر فيها الشروط التنافسية، علما أن المغرب منخرط في حوالي 55 اتفاقية للتبادل الحر.
وفي انتظار ترجمة تصور السلطات العمومية إلى خطة واضحة المعالم، يرتقب أن يتجه المغرب نحو رفع رسم الاستيراد الجمركي على بعض السلع النهائية، بهدف تحفيز الإنتاج المحلي وتفادي تدهور عجز الميزان التجاري وتعظيم الإيرادات الجمركية، حيث ترجح مصادر أن يطبق رسم جمركي في حدود 40 في المائة على تلك السلع، مقابل 30 في المائة حاليا،
ويعتقد الخبير الجبائي، محمد الرهج، أن التوجه الرامي إلى زيادة الرسوم الجمركية، إذا ما أخذ به، ينسجم مع الدعوات التي أكدت منذ بداية انتشار الفيروس وتداعياته على ضرورة التوجه نحو إعطاء الأولوية للمنتجات المصنعة محليا.
ويحيل الرهج، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى المبادرة التي اتخذت في مارس/ آذار الماضي، عندما دعا مدير الجمارك والضرائب غير المباشرة، نبيل لخضر، مستوردي السيارات إلى تقليص وارداتهم بسبب انخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي.
ويعتبر أن التدابير التي قد يتخذها المغرب ستستحضر الهوامش التي تتيحها المنظمة العالمية للتجارة، واتفاقيات التبادل الحر، ملاحظا أن هناك توجها عالميا نحو نوع من التخفيف من استيراد المنتجات التي يمكن أن تثقل على الميزان التجاري ورصيد النقد الأجنبي.