وتثير مطارح النفايات قلقاً متزايداً وأسئلة حارقة لدى نشطاء ومختصين في المجال البيئي، يعتبرون أن سوء تدبير هذا الملف يهدد صحة السكان والمجال البيئي على حد سواء.
وفي السياق، دعت جمعية التحدي للبيئة إلى الإسراع بسن قانون يضع حدا لمشكل مطارح النفايات في عدد من المدن المغربية، بالنظر إلى ما تخلفه من خطر كبير على البيئة وصحة المواطنين.
وقال رئيس جمعية التحدي للبيئة، المهدي ليمينة، في تصريح لـ "العربي الجديد": "يطرح ملف تدبير النفايات الكثير من المشاكل والثغرات بدءا من شركات التدبير إلى غياب أبسط حقوق العاملين في هذه المطارح ".
وعاب ليمينة على مجلس مدينة الدار البيضاء (كبرى مدن المغرب) تعاطيه مع |ملف كبير وحساس له تداعياته الصحية والبيئية على مدينة يتجاوز تعداد سكانها 5 ملايين نسمة"، وأكد أنه من واجب المجالس المنتخبة خلق لجان ومكاتب متابعة وفاء الشركات المكلفة بتدبير قطاع النفايات بالتزاماتها.
وطالب الناشط البيئي بإحداث مطارح للنفايات تشتغل بتقنية حديثة، وأكثر دقة واحترافية لمعالجة النفايات، بهدف حماية الأنظمة البيئية من تربة ومياه جوفية وغطاء نباتي وهواء، وكذا حماية الصحة العمومية.
كما دعا إلى إنشاء "مرصد بيئي" مهمته الوقوف على خروقات شركات التدبير لحل مشكل يتفاقم بالنظر للكثافة السكانية والتقدم الاقتصادي، الذي ضاعف كمية النفايات بشكل كبير، مما أدى إلى تلوث عناصر البيئة من أرض وهواء واستنزاف للموارد الطبيعية.
ولفت المتحدث إلى الإشكال الذي لا يزال قائما بسبب صعوبة اجتثات مطرح مديونة، ضواحي الدار البيضاء، الذي يستقبل أطنانا من النفايات المنزلية وتمديد الاشتغال به لمدة ستة أشهر أخرى، إلى حين الحصول على ترخيص لإنشاء مطرح جديد بجوار المطرح الحالي.
وليس مطرح مديونة وحده من يطرح الإشكال، إذ يعد مطرح سبع عيون (حوالى 20 كلم عن مدينة الحاجب و15 كلم شرق مكناس) أكبر نقطة سوداء بالإقليم، ويستقبل يوميا أزيد من 20 طناً من النفايات بأنواعها المنزلية والصلبة.
ويهدد هذا المطرح صحة وسلامة الساكنة، كما يهدد الفرشة المائية بمنطقة سايس (شمال).
واعتبر رئيس جمعية إعلاميي البيئة (منظمة غير حكومية)، نبارك أمرو، أنّ المغرب لا يزال بعيدا كل البعد عن مضمون النص القانوني 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، والذي يرمي إلى الوقاية من أضرار النفايات وتقليص إنتاجها، وتنظيم عمليات جمع النفايات ونقلها وتخزينها ومعالجتها والتخلص منها بطريقة عقلانية من الناحية الإيكولوجية، وتثمين النفايات بإعادة استعمالها أو تدويرها أو بكل عملية أخرى لأجل الحصول من هذه النفايات على مواد قابلة للاستعمال من جديد أو على الطاقة، واعتماد التخطيط على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي في مجال تدبير النفايات والتخلص منها، وإخبار العموم بالآثار المضرة للنفايات على الصحة العمومية وعلى البيئة وبالتدابير الهادفة إلى الوقاية من آثارها المؤذية أو معاوضتها، ووضع نظام للمراقبة وزجر المخالفات المرتكبة في هذا المجال".
وأضاف أمرو، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن "جهود القطاع الوزاري المعني غير كافية لحل هذا المشكل، وأعتقد أن المجالس المنتخبة مطالبة بالانخراط أيضا للمساهمة بإيجاد حلول لهذا الملف".
ونبه أمرو أيضا إلى التعثر الحاصل في تدبير ملف النفايات المنزلية ونقلها وإيداعها بالمطارح والتخلص منها، وكذا معالجتها وتثمينها، دون الحديث عن النفايات الطبية والصيدلية التي تتطلب تدبيرا خاصا تفاديا لأي ضرر يمكن أن يلحق بصحة الإنسان والبيئة.
ولفت الفاعل الجمعوي إلى حل جاء به المشرع بالنسبة للمجالس المنتخبة، ويتعلق بإحداث شركة للتنمية المحلية، بمساهمة 51 في المائة من القطاع العام و49 من مستثمري القطاع الخاص، تضع ضمن أجندة عملها الحد من التأثيرات السلبية لمطارح النفايات، داعيا إلى الاهتمام أكثر بالميزانية المرصودة لقطاع البيئة، واصفا إياها بالخجولة جدا.
ويصل إنتاج النفايات في المغرب إلى 7 ملايين طن، حيث يشكل نحو 7.5 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة. وبحسب دراسة للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، يتوقع أن يرتفع حجم النفايات في المغرب إلى الضعف بين عامي 2014 و2020 ليناهز 12 مليون طن.
ولا تتجاوز نسبة إعادة تدوير النفايات في المغرب 10 في المائة.
وخلصت الدراسة إلى أن الكلفة الاقتصادية لتدهور البيئة الناتج عن ضعف آليات معالجة النفايات تعادل 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يفوق نصف مليار دولار، ودعت الدراسة إلى تقوية قدرات المغرب في مجال معالجة وإعادة تدوير النفايات.
يذكر أن المغرب عيّن مؤخرا الفوج الأول لمفتشي الشرطة البيئية، من أجل مراقبة احترام المشاريع البيئية ومطارح النفايات ومشاريع ترميمها ومحطات تنقية المياه العادمة، فضلا عن مراقبة نقل النفايات الخطيرة.