المغرب: برلمانيون يطالبون بوقف غلاء الوقود.. والمقاطعة تتواصل

17 مايو 2018
مقترح بوضع حد أقصى لأسعار الوقود (Getty)
+ الخط -
تواصلت تداعيات حملات مقاطعة بعض السلع في المغرب احتجاجاً على ارتفاع الأسعار، إذ أعلن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أنه يتابع باهتمام مقاطعة منتجات ثلاث شركات في المملكة، مشددا على أن حكومته "لم ولن تكون ضد المواطنين". وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي أوصى فيه برلمانيون مغاربة من الأغلبية والمعارضة، بتحديد حد أقصى لأسعار السولار والبنزين بالمغرب، في سياق متسم باتهام الحكومة بعدم حماية المستهلك من ارتفاعها منذ تحريرها في ديسمبر/ كانون الأول 2015. ورغم أن الجلسة البرلمانية، التي عقدت أول من أمس، كانت مخصصة لمناقشة تقرير عن الوقود الذي شكلت من أجل إعداده لجنة برلمانية، في صيف العام الماضي، إلا أن موضوع المقاطعة طغى على المناقشات، بجانب بحث نتائج التقرير.
وخلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة حول السياسة العامة، أول من أمس، في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، قال العثماني: "تابعت منذ البداية، وباهتمام كبير، موضوع المقاطعة لمنتجات بعض العلامات التجارية.. من موقع مسؤوليتي، فإني أنصت بإمعان للجميع".
وشدد على أن "الحكومة لم ولن تكون ضد المواطنين، كما يروج لذلك البعض، بل الحكومة واعية ومتشبثة بالدفاع عن مصلحة جميع المواطنين وبجميع فئاتهم وأيضًا بمصلحة الاقتصاد الوطني، بكل صراحة وشفافية، لأننا حكومة نابعة من الإرادة الشعبية".
في مقابل ذلك، قال العثماني إن "مسؤولياتنا ضمان حرية الاستثمار وتحسين الظروف المواتية للإنتاج وتشجيع المقاولات، كما أننا نعكف على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة للدفاع عن المصالح التي تهم المواطن، في المدينة أو في القرية، كما تهم الاستثمار بشكل عام".
وتستهدف المقاطعة غير المسبوقة لمنتجات 3 شركات، والمستمرة منذ 20 إبريل/ نيسان الماضي، شركة لبيع الوقود يملكها وزير مغربي، وشركة للمياه المعدنية تملكها رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب (أكبر تجمع لرجال الأعمال المغاربة)، وشركة فرنسية للحليب، للمطالبة بخفض الأسعار.




وينتقد نشطاء وسياسيون، حتى من أحزاب الائتلاف الحكومي، تعاطي الحكومة مع هذه المقاطعة، متهمين إياها بـ"الانحياز" للشركات ضد المواطنين و"تهديد" المقاطعين.
ومن جانبهم، أكد نواب على ضرورة تحديد حد أقصى لأسعار الوقود، عند مناقشة تقرير لجنة برلمانية، أول من أمس، حول سوق المحروقات بالمملكة، الذي استدعى التحقيق حول الأسعار فيه ودور شركات التوزيع، في ظل أحاديث عن عدم استفادة المستهلكين من التحرير.
وأحاطت بالتقرير الذي وضعته لجنة برلمانية حول الوقود، الكثير من علامات الاستفهام، حيث جرى الحديث عن حذف بيانات تشير إلى الأرباح التي حققتها الشركات، وهو ما اختلف حول السبب وراء دواعيه.
ويعتقد رئيس الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مسؤولية الحكومة ثابتة في ارتفاع الأسعار، ما دامت حررت الأسواق دون دعم القدرة الشرائية للأسر المغربية، مع عدم تفعيل المؤسسات التي تعود إليها حماية المستهلك.
وفي الوقت الذي سعى برلمانيون إلى التأكيد على أن الدولة هي المستفيد الأكبر من التحرير، ما دامت قلصت نفقات الدعم، اعتبر آخرون أن شركات توزيع المحروقات جنت أرباحا غير مبررة في ظل ارتفاع الأسعار التي تعكس حقيقة سعر البرميل في السوق العالمية.
وعرفت أسعار البنزين زيادات متواصلة منذ التحرير، لتستقر في الفترة الحالية في حدود 1.22 دولار للتر الواحد، بينما وصل سعر لتر السولار إلى 1.10 دولار.
وذهب رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، إدريس الأزمي، إلى أنه بعد تحرير أسعار المحروقات ضاعف القطاع أرباحه، بينما لم يستفد المستهلك، معتبرا في الوقت نفسه أنه لا يمكن العودة إلى نظام الدعم، الذي تخلى عنه المغرب قبل ثلاثة أعوام.
وشدد على أن الدولة هي المستفيد الأول من تحرير أسعار السولار والبنزين، مضيفا أن ذلك أتاح لها ادخار أموال من أجل استعمالها في تمويل القطاعات الاجتماعية، في إشارة إلى انخفاض نفقات الدعم، حيث وفرت الدولة 3.5 مليارات دولار.
وانتقد الأزمي ما جاء في التقرير البرلماني، الذي وصف الأسعار المعتمدة بالمغرب بأنها من بين الأضعف في العالم، متسائلا حول ما إذا كان ذلك الحكم يستند إلى الدخل المتوسط أم الضغط الجبائي.
واعتبر الأزمي الذي كان وزيرا مكلفا بالمالية في حكومة عبد الإله بنكيران، أن الضغط الجبائي منخفض في قطاع المحروقات، ما يعني أن الأسعار التي تعتمدها الشركات جد مرتفعة بالمغرب.
ومن جانبه، حمّل النائب عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، صلاح الدين أبو الغالي، الحكومة مسؤولية ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب، على اعتبار أنها لم تهتم بالهيئات التي تساعد على ضبط السوق.
واعتبر أن ذلك ساهم في الأسعار غير المعقولة المعتمدة حاليا، داعيا إلى مراجعة قانون حرية الأسعار والمنافسة، بما يتيح تدخل الحكومة من أجل التأثير على الأسعار عندما تقفز إلى مستويات مرتفعة.