المغرب: الشباب يبدلون انتماءاتهم الحزبية

07 ابريل 2015
التهميش أحد أسباب تبديل الشباب لانتماءاتهم الحزبية(فرانس برس)
+ الخط -
قُبيل أشهر معدودة من تنظيم الانتخابات المحلية والبلدية ابتداءً من شهر سبتمبر/أيلول المقبل، بدأ المغرب يشهد حركة انتقالات العديد من شباب بعض الأحزاب إلى أحزاب أخرى، لأسباب عديدة. وانتقل أخيراً عدد من شباب حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة المغربية، إلى حزب "الاستقلال" المعارض. كما يستقبل الحزب "الحاكم" توافد العديد من الشباب من أحزاب تنتمي إلى صفوف المعارضة، وهو الأمر الذي ينطبق أيضاً على هيئات حزبية أخرى.

وأثارت استقالة أكثر من سبعين عضواً ينتمون إلى شبيبة حزب "العدالة والتنمية"، قبل أيام، وانتقالهم إلى حزب الاستقلال، جدلاً ولغطاً بين قادة الحزبين الغريمين، إذ حاول "الاستقلال" تسويق الأمر على أنه "انتصار سياسي"، بينما هون "العدالة والتنمية" من ذلك.
وفي كل مرة يقترب موعد الانتخابات، تثار قضية عزوف الشباب عن ممارسة السياسة وعن المشاركة في الانتخابات. وهو ما دفع أخيراً المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى مطالبة الدولة بمنح تعويضات مالية للأحزاب السياسية، لترشيح الشباب في مناصب المسؤوليات الانتخابية.
ووفق إحصائيات غير رسمية، فإن نسبة الشباب المنخرط في الأحزاب السياسية لا تتجاوز 1 في المائة، والشباب الذين يشاركون في لقاءات تنظمها أحزاب يصلون إلى 4 في المائة، فيما لا تتجاوز نسبة الشباب الذين يشاركون بشكل اعتيادي في الانتخابات 36 في المائة فقط.

اقرأ أيضاً: المعارضة تهدد بمقاطعة الانتخابات المحلية في المغرب

واعتبر حزب الاستقلال حادثة انتقال عشرات الشباب المنسحبين من حزب العدالة والتنمية إلى صفوفه، مؤشراً على المسار السلبي الذي يسير فيه الحزب الذي يقود الحكومة. ولفت إلى أن "فرار الشباب منه يدل على أنه لا يولي العناية اللازمة لهذه الفئة الحيوية من المجتمع".
ويعتبر الأمين العام لمنظمة الشبيبة في حزب الاستقلال، عمر عباسي، أن "انسحاب عدد من الشباب من الحزب الذي يقود الحكومة يعتبر نتيجة حتمية لفشل هذه الأخيرة في ترجمة أحلام ومطالب الشباب التي حملها في الحراك في العام 2011، إلى حقيقة يلمسونها على أرض الواقع". وينفي عباسي وجود ما يسميه الكثيرون عزوفاً للشباب المغربي عن السياسة وممارستها في ظل النسب المتدنية للمشاركة الشبابية في عدد من الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، معتبراً أن الشباب المغربي عازف في الحقيقة عن طبيعة العمل الحزبي نفسه، إذ أنه لا يجري تمكينهم داخل هيئات القرار في هذه الأحزاب.
من جهته، يوضح الأمين العام لحزب العدالة والتنمية "الحاكم"، خالد بوقرعي، أن "انتقال عدد من شباب حزبه إلى الحزب الغريم ليس نهاية العالم. كما أن ذلك الانتقال تم تصويره بطريقة مسرحية رديئة"، موضحاً أن "حزب العدالة والتنمية بدوره يستقبل المئات من الشباب".
ويرى القيادي في حزب "العدالة والتنمية" أن انتقال بعض الشباب إلى حزب آخر يعبر عن دينامية هذا الحزب ويعدّ حرية شخصية للشباب، مشيراً إلى أن "الشباب دخلوا حزبه ليس بدافع البحث عن غنائم ومناصب، بل للعمل من أجل الإصلاح السياسي".

الترحال والشباب

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة فاس أحمد مفيد، فيعتبر أن التعدد الحزبي الذي يعرفه المغرب، لا يعكس تعددية سياسية حقيقية، إذ إن "تواجد ما يقارب أربعين حزباً سياسياً في البلاد، لا يعني على الإطلاق وجود مشاريع اجتماعية وبرامج سياسية وثقافات سياسية مختلفة".
ويوضح مفيد أنه "إذا كانت هذه التعددية تعكس حرية تأسيس الأحزاب في المملكة، وتعكس حرية الممارسة السياسية وحرية الانتماء السياسي، فهي لا تسهم بشكل كبير في الفرز السياسي، ولا تساعد على خلق استقطابات سياسية منسجمة".
ويعتبر مفيد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الوضع يؤثر بطبيعة الحال على واقع الممارسة السياسية، إذ إن قلة قليلة من منخرطي الأحزاب هم المؤمنون بثقافة الحزب وببرنامجه، وهذا ما يفتح المجال للترحال السياسي".
ويلفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن "الترحال الذي يقوم به العديد من القيادات السياسية، يساهم بشكل كبير في ترسيخ ثقافة الترحال"، مضيفاً أن "هذه الممارسات تدفع الشباب لتغيير الانتماء الحزبي، إذ يكون ارتباط بعض الشباب بأحد قيادات الحزب لا بالحزب في حذ ذاته".
كما يشير مفيد إلى أن "البحث عن المصالح، واستهداف الارتقاء الاجتماعي، قد يشكل عوامل مساعدة على تغيير الانتماء السياسي للشباب"، فضلاً عن "التهميش الذي قد يتعرضون له داخل أحزابهم الأصلية، حيث يضطرون في هذه الحالة للبحث عن حزب بديل قد يجدون فيه ذاتهم".
ويخلص مفيد إلى أن "ظاهرة انتقال العديد من الشباب المغربي من حزب إلى آخر، لا تشكل استثناء في واقع الممارسة السياسية في البلاد، والتي تكشف عن ضعف الالتزام السياسي لدى بعض المتحزبين بمن فيهم بعض القيادات الحزبية".

اقرأ أيضاً: شباب المغرب... موسم الهجرة إلى "يوتيوب"

دلالات
المساهمون