المعلم والتلميذ...قصة 25 سنة بين الشيخ والقديس

04 يوليو 2016
كاسياس حامي عرين الريال سابقاً (العربي الجديد)
+ الخط -
ودّعت منذ أيامٍ إسبانيا بطولة أمم أوروبا لكرة القدم بعد الخسارة أمام إيطاليا، ومعها خسرت كرة القدم الكثير من الأمور الرائعة التي عاشتها في السنوات الأخيرة، وإحدى تلك القصص، ربما تصلح لرواية تخلدها كتب تاريخ الساحرة المستديرة.

هي قصة حدثت في الأروقة الجانبية بين مدرب مخضرم وحارس عملاق، الأول فيسنتي ديل بوسكي والثاني هو إيكر كاسياس، من نادي ريال مدريد بدأت أولى ومضات هذه العلاقة، بين شاب يافع في بداية مسيرته الكروية في صفوف الشباب والفريق الثاني، يتجه إلى الفريق الأول بتوجيه من المعلم.

بعدما بات ديل بوسكي مدرباً للفريق الأول، أخذ كاسياس فرصة تاريخية، يوم 27 نوفمبر من عام 1997 حين كان عمره 16 عاماً، يتم استدعاؤه لخوض مباراة روزنبرغ في دوري الأبطال ليجلس على دكة البدلاء، من دون شك هذا الاستدعاء كان تمهيداً وتحضيراً ذهنياً للحارس الشاب، الذي كان يعلم عنه المدرب المحنك كل شيء.

تتطور العلاقة بين الطرفين ويعطي ديل بوسكي الفرصة لكاسياس في عام 2000 ليصبح أصغر حارس يشارك في دوري أبطال أوروبا بالفوز على برشلونة 3-0، كانت تلك هدية عيد ميلاده الـ19 من شيخ المدربين، فرّط بعدها إيكر بالفرصة التي منحها لها مدربه، حين هبط مستواه وتلقى أهدافاً سهلة، ما دفع مدرب الميرنغي للاستعانة بسيزار سانشيز، كي لا يكمل إيكر حرق أوراقه أمام العلن.

شاء القدر بعدها أن يصاب سانشيز في نهائي دوري أبطال أوروبا 2002 أمام باير ليفركوزن، ديل بوسكي أقحم الشاب كاسياس، ولا أحد ربما يعلم ما الكلمات التي قالها له في تلك اللحظات، يومها توّج إيكر باللقب وبات الرقم 1 مع النادي الملكي قبل أن يغدو كذلك في المنتخب الإسباني.

في تلك الفترة ابتعد ديل بوسكي عن التدريب بعد تركه للريال، ثم عاد على إثر نهاية يورو 2008 وتتويج إسبانيا، اجتمع ديل بوسكي والفتى المدلل ثانية، كان كاسياس في تلك الفترة الرقم 1 أو 2 على الأقل في العالم، وكان المدرب الإسباني يعوّل عليه كثيراً، هناك كانت العلاقة أكثر قوة ومتانة، لم يعد إيكر ذلك الشاب اليافع الذي يحتاج للتوجيه، بل كان هو الرجل الذي يقف سنداً إلى جانب مدربه.

توالت الأيام وصنعا معاً إنجازات لاروخا، حقق المعلم والتلميذ معاً كأس العالم لأول مرة في تاريخ البلاد، رفع إيكر الكأس تحت أنظار ديل بوسكي وحملا هذا اللقب سوياً للاحتفال به على الأراضي الإسبانية، بعدها تابعا يداً بيد الإنجازات وظفرا بلقب يورو 2012، حينها بات الثنائي أمام إنجاز تاريخي، لقد فازا معاً بكل شيء.

لم يتوقع أحد أن يخرج الابن عن شور أبيه، فبعد هبوط أداء كاسياس ومغادرة إسبانيا كأس العالم 2014، بقي ديل بوسكي خلف الحارس العملاق سانده ودافع عنه، وأكد أنه ضمن الخيارات الأولى في المنتخب، مرّت الأيام وبدا أن "شيخ المدربين" فقد الثقة بحامي عرينه، حين استعاض عنه في كأس أمم أوروبا 2016 بديفيد دي خيا، ربما رضي كاسياس بالوضع أمام العلن، لكن علاقاته بالجهاز الفني كانت شبه ميتة، هذا الأمر لاحظه ديل بوسكي، والذي حين قرر ترك المنتخب والاستقالة، لم يبعث برسالة وداع لإيكر من بين الجميع، فقد قال: "يتعامل مع زملائه بشكل رائع، ولكن الأمر لم يكن كذلك مع الجهاز الفني، لم يكن مثالياً خلال معسكر الماتادور في فرنسا".

هذه الكلمات أسالت الكثير من الحبر، حول مصير العلاقة التي وصل إليها الطرفان، لكن "عشرة العمر" لم تهن عليهما، حيث التقيا مجدداً في مجمع مدينة كرة القدم الرياضي بضواحي مدريد، بحسب ما كشف حارس المرمى عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ليلتقطا الصور ويخط إيكر رسالته الأخير لديل بوسكي:"صباح اليوم بمدينة كرة القدم، 25 عاماً معاً.. وداعاً أيها المدرب، حظاً سعيداً".

المساهمون