المعطيات الشخصية للمغاربة: تجارة مربحة

17 اغسطس 2015
البيانات الشخصية هدفاً لشركات الإعلانات (Getty)
+ الخط -
من منا لا يتلقى يومياً رسائل نصية قصيرة أو رسائل إلكترونية تخبره عن عرض تجاري جديد أو إطلاق منتج جديد، دون أن يكون قد منح رقمه أو بريده الإلكتروني للشركة صاحبة الإعلان؟ الأمر يخفي وراءه تجارة مربحة بالنسبة للعديد من الشركات، هذه الأخيرة أصبحت تتخذ من المعطيات الشخصية لمستعملي الإنترنت والهاتف مادة للتجارة.

وانطلقت أولى ملامح هذه التجارة منذ حوالي سنتين، حيث بدأت الشركات في الاعتماد على استعمال المعطيات الشخصية للمغاربة لإرسال رسائل أغلبها يكون إعلانياً، وحسب المعطيات التي توصلت إليها دراسة حول المعطيات الشخصية بالإنترنت، فإن الشركات تعتمد شراء المعطيات الشخصية لإرسال رسائل نصية قصيرة؛ لأنها تضمن أن الإعلان سيتم قراءته من طرف 90% من المرسل إليهم؛ وذلك في ظرف 5 دقائق حسب نتائج دراسة جمعية حماية المعطيات الشخصية.

أما عن طبيعة الأشخاص العاملين في مجال المتاجرة بالمعطيات الشخصية في الإنترنت والهاتف، فيتعلق الأمر بشباب لا تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة يتقنون العمل الإلكتروني ويتوفرون على بعض التقنيات في التسويق، حسب ما يؤكده هشام بنعلي الخبير في التسويق الإلكتروني، مضيفاً أن أغلب الشباب الذين يمتهنون هذه المهنة لا يشتغلون في إطار مؤسسات وإنما يعملون من منازلهم، ويجمعون أكبر قدر من قواعد البيانات لإعادة بيعها، وتبقى شركات الاتصالات المصدر الرئيس لهم من أجل الحصول على قواعد بيانات مستعملي الإنترنت والهاتف.

وإلى جانب شركات الاتصال التي تتوفر على المعطيات الشخصية للمشتركين، فهناك شركات التجارة الإلكترونية التي تفرض قبل القيام بأي عملية بيع أو شراء ملء استمارة حول المعطيات الشخصية للشخص المعني، ذلك أن هذه الشركات تتوفر على معطيات شخصية دقيقة، وقد يبلغ هامش الخطأ فيها حوالي 5% بحسب هشام بنعلي، الذي أكد أن مواقع التجارة الإلكترونية بالإضافة إلى بيعها للسلع والخدمات عبر الإنترنت، فهي أيضاً تقوم ببيع المعطيات الشخصية، "ولأن كل زبون لديها يمكن أن يقوم بأكثر من عملية بيع في الشهر؛ فهذا يتيح لها استخدام المعطيات الشخصية لمرتادي الموقع".

وبلغة الأرقام فإن ثمن المعطيات الشخصية لفرد واحد تعادل 0.3 دولار أو أقل، وقد يقل هذا السعر حسب عدد الأشخاص المطلوبين، ذلك أن شراء قاعدة بيانات تتوفر على معطيات 1.5 مليون شخص يمكن بيعها بأكثر من 250 دولارا للزبون الواحد، ولأن الأمر يتعلق بآلاف الشركات والمؤسسات الباحثة عن قاعدة بيانات توفر المعطيات الشخصية فإن الشركات التي تبيع هذه المعطيات ستحقق أرباحاً ضخمة.

وتحدث هشام بنعلي عن أن هناك بعض الشركات التي لا تكتفي فقط ببيع المعطيات الشخصية، بل إنها تقترح على الشركات الراغبة في الشراء، بأن تتكفل بإرسال الرسائل النصية القصيرة وكذلك الرسائل الإلكترونية إلى الزبائن، مقابل 0.4 دولار لكل رسالة، وتتوفر هذه الشركات على قدرة إرسال أكثر من 20 ألف رسالة نصية في اليوم يعني أن الشركة يمكن أن تحقق أرباحا في حدود 5 آلاف دولار يومياً دون الحديث عن الرسائل الإلكترونية.

وحتى تثبت فعاليتها فإن الشركات تجارة المعطيات الشخصية، تقوم بإرسال بيانات دقيقة عن الأشخاص الذين توصلوا فعلاً بالرسائل النصية وحتى الرسائل الإلكترونية.

من جهته تحدث الخبير في الأمن والاقتصاد الرقمي محمد تمارت، عن الشق القانوني المنظم للمعطيات الشخصية، ويتعلق الأمر بالقانون رقم 08-09 الذي يحمي المعطيات الشخصية. وقال المتحدث نفسه إن هذا القانون يقضي بأنه لا يمكن لأي موقع استعمال المعلومات الشخصية لأي فرد دون أخذ موافقته.

ولفت تمارت إلى أن بعض المواقع وحتى المحلات التجارية تطلب من زبائنها ملء استمارة تسمى استمارة "الزبائن الأوفياء" وفيها يملأ الزبون جميع المعطيات، "وفي هذه الاستمارة تكون هناك فقرة مكتوبة بخط دقيق لا ينتبه لها أغلب الزبائن تتحدث على أن الزبون يسمح للشركة بأن تستعمل معطياته الشخصية وأنه يمكن أن تسلمها لجهة أخرى"، مضيفاً أن أغلب الاستمارات لا تشير إلى هذا القانون "وفي الأمر خرق للقوانين الجاري بها العمل".

وأكد تمارت أن تجارة المعطيات الشخصية أصبحت نشاطاً رائجاً سواء كان وراءه أشخاص عاديون أو مؤسسات، مستطرداً بأن قاعدة بيانات واحدة أصبح بإمكانها توفير معطيات أكثر من نصف مليون شخص، خصوصاً مع ارتفاع عدد مستعملي الإنترنت وارتفاع الإقبال على التجارة الإلكترونية.

وأشار الخبير المعلوماتي إلى أن ما ينقض في المغرب هو قواعد البيانات الفئوية، ذلك أنه لحدود الآن لا تتوفر شركات تجارة المعطيات الشخصية على قواعد بيانات لفئات بعينها، موضحاً أن التجار في العالم الإلكتروني أصبحوا بحاجة إلى قواعد بيانات تستهدف فئة بعينها سواء حسب مدخولها أو العمر أو غيره.

من جهته، تحدث الخبير في التسويق الإلكتروني أسامة أبرشا عن أن شراء المعطيات الشخصية لمستخدمي الإنترنت، بات يعتبر من أنجع طرق الإعلان بالنسبة للشركة لأنه يمس فئة واسعة وبكلفة أقل، مضيفاً أن الأمر يختلف بين قواعد بيانات لأشخاص معنويين وبين قواعد بيانات الشركات، هذه الأخيرة تعتبر أغلى في سعر بيعها لأنها تمكن من التوجه إلى أصحاب القرار داخل الشركات.
دلالات
المساهمون