ويأتي ذلك، في وقتٍ اندلعت فيه اشتباكات شمالي المحافظة، بين "قوات سورية الديمقراطية" التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري من جهة، وفصائل "الجيش السوري الحر" المنضوية بعملية "درع الفرات".
وفي حين ذكرت وكالة أنباء النظام السوري "سانا" أن قواته سيطرت قبل ظهر اليوم على كتيبة الدفاع الجوي، التي كانت بحوزة فصائل المعارضة السورية قرب بلدة خان طومان جنوبي حلب، أكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" هذه المعلومات. وأوضح أن اشتباكات "تترافق مع قصف صاروخي مكثف، من قبل قوات النظام" مكنها من التقدم والسيطرة "على تل الصواريخ في المنطقة لتقترب قوات النظام أكثر من بلدة خان طومان بالريف الجنوبي لمحافظة حلب".
بموازاة ذلك، تواصلت الاشتباكات بين قوات النظام والمليشيات الموالية لها من جهة، مع "الجيش السوري الحر" وفصائل إسلامية من جهة أخرى، على عدة محاور داخل أحياء مدينة حلب الشرقية. وكانت قد تركزت ليلاً، على تخوم وداخل منطقة الـ"1070 شقة" قرب حي الحمدانية بمدينة حلب، بينما أعلنت فصائل المعارضة السورية مساء أمس، تصديها لهجومٍ آخر على جبهة صلاح الدين – العامرية، مشيرةً إلى أنّ 13 عنصراً من قوات النظام قتلوا في الاشتباكات.
وتأتي كل هذه التطورات، وسط تجدد غارات الطيران الحربي الروسي، على مناطق سيطرة المعارضة السورية في حلب وريفها، وتركز القصف، ظهر اليوم، في بلدة أورم الكبرى غربي المحافظة، بعد أن كان قد استهدف ليلاً كل من منطقة الـ"1070 شقة" وحي الراشدين، بالقنابل والصواريخ. وكذلك تعرضت بلدة كفرناها بريف حلب الغربي، ومناطق عندان بالريف الشمالي لقصفٍ مماثل.
التطورات المتسارعة التي أعقبت انتهاء هدنة الثلاثة أيام منذ مساء أمس، تدور جميع وقائعها في مدينة حلب وريفيها الغربي والجنوبي. لكن شمالي المحافظة، يشهد أيضاً مواجهات أخرى، تخوض فيها فصائل "الجيش السوري الحر" المنضوية بعملية "درع الفرات" المدعومة تركياً، معارك مع "قوات سورية الديمقرطية" ذات الغالبية الكردية، إذ إن "درع الفرات" تسعى للسيطرة على مدينة تل رفعت من قبضة ما يسمى اختصاراً بـ"قسد".
وقصفت "وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تشكل العمود الفقري لـ"قوات سورية الديمقرطية"، مدينة مارع القريبة من تل رفعت بالمدفعية صباح اليوم، حسبما أكدت لـ"العربي الجديد" مصادر ميدانية شمالي حلب.
في المقابل، وبحسب وكالة "الأناضول" فإنّ الجيش التركي قصف ثمانية أهداف لتنظيم "داعش" و51 هدفاً لـ"قوات سورية الديمقراطية" شمالي حلب.
ويبدو أن أنقرة حولت مسار عملية "درع الفرات" بعد السيطرة على بلدة دابق، الأسبوع الماضي، نحو الغرب من هذه البلدة، أي باتجاه تل رفعت وقبلها قرى الشيخ عيسى (تقع بين مارع وتل رفعت) بعد أن كانت تعتزم التوجه مباشرة نحو الشرق من دابق، إلى مدينة الباب، أبرز معاقل "داعش" بريف حلب الشرقي.
ويشكل تداخل السيطرة بين قوى مختلفة شمالي حلب، تعقيداً ميدانياً في تلك المناطق، التي يبدو أن سيناريوهات التطورات فيها تبقى مفتوحة على عدة احتمالات. تقدم "درع الفرات" نحو تل رفعت، يقطع الطريق على "قسد" في سباق استعادة السيطرة على مدينة الباب من "داعش" ويمنح المعارضة السورية، نتيجة تقدماتٍ متلاحقة وواسعة على حساب التنظيم في الأسابيع الثمانية الأخيرة، ارتياحاً ميدانياً في طريق معركة الباب.
ومع اقتراب قوات "درع الفرات" نحو تل رفعت، يصبح لها نقاط تماس مع مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري شمالي حلب. ويتواجد الأخير ومليشيات موالية له في مناطق تقع قريبة من تل رفعت إلى الشمال من مدينة الشيخ نجار الصناعية بنحو خمسة عشر كيلومتراً، فضلاً عن معاقل مليشياته في بلدتي نبل والزهراء، التي تقع جنوبي تل رفعت بأقل من عشرة كيلومترات.