وتضمّن الاستجواب خمسة محاور، ومن المتوقع أن يضر بالهدنة التي كانت قد عقدتها أطراف بارزة في المعارضة مع الحكومة، وتنص على تحصين رئيس مجلس الوزراء، وتمرير حزمة من القوانين المرتبطة بالميزانية، في مقابل إعادة الجنسيات لمن سُحبت منهم لأسباب سياسية، وإزالة القيود الأمنية عن النشطاء المعارضين، وإصدار عفو عام عن المتهمين في قضايا سياسية.
وعقد النواب الثلاثة ندوة جماهيرية، يوم أمس الأحد، شارك فيها معارضون مقاطعون للانتخابات، وعلى رأسهم رئيس مجلس الأمة السابق، أحمد السعدون.
وهاجم السعدون، بشكل مفاجئ، النواب المشاركين في انتخابات مجلس الأمة الأخيرة، وقال "المشاركة في الانتخابات البرلمانية ومجلس الأمة في ظل التفرد بالقرار السياسي وفي ظل مرسوم الصوت الواحد، هو تشريع لهذا التفرد، تشريع للفساد، وتأكيد على قرارات المجلس السابق في تصفية البلد".
ومن المنتظر أن تتصاعد حدة الخلافات داخل المعارضة الكويتية، بسبب تقديم استجواب رئيس مجلس الوزراء، إذ انقسم النواب بين مطالبين بمزيد من التأنّي وعدم تقديم الاستجوابات حتى انتهاء لجنة الجنسية من العمل ورفع الأسماء المشمولة بعفو الأمير، وبين الذين يرون أن الحكومة أخذت ما يكفي من الوقت، وأنها غير جادة في تقديم حلول لمأزق الجنسيات.
ويستشهد الراغبون في استجواب رئيس مجلس الوزراء بوجود تقارير من ديوان المحاسبة، وهو أعلى جهة رقابية في البلاد، حول شبهات مالية في أعمال عدة وزارات.
في السياق ذاته، تنتظر المعارضة الخطوات العملية التي سيقوم بها النائب السابق وزعيم المعارضة، مسلم البراك، والذي خرج من السجن الجمعة. ويبدو أن البراك يعتزم تصعيد خطابه السياسي، وتنظيم وقيادة المعارضة، من خلال التنسيق مع بعض نواب البرلمان الحالي.
ولم يخف البراك، في خطابه الجمعة، رفضه للهدنة مع الحكومة، واستجواب رئيس الوزراء، معتبرا أن الاستجوابات "حق دستوري".
وقال أحد مقدمي الاستجواب، ومنظم الندوة، النائب محمد براك المطير، لـ"العربي الجديد" "كان عنوان المشاركة في هذا المجلس بعد مقاطعة استمرت أربع سنين هو محاربة الفساد، لكن للأسف تبيّن أن الفساد أقوى من الجميع بسبب تحكم الحكومة في النواب الفاسدين الذين يغيرون آراءهم في غضون أيام قليلة، كما حدث في قانون تعديلات الجنسية، حيث إن هناك مجموعة من النواب قدموا مشروع القانون معنا، ثم فوجئنا بأنهم يصوتون ضده".
وأضاف "أعلم أن هناك بعض الأطراف في المعارضة تقول إننا استعجلنا في تقديم الاستجواب ولا بد لنا من التأنّي، ولكننا نقول إننا تأخرنا في تقديم الاستجواب كثيراً، لأن الجميع كان يعلم أن الحكومة لم تكن جادة في حل موضوع الجنسيات أو حل قضايا الفساد، ولو كانت جادة في ذلك لقامت بالموافقة على الحد الأدنى من قانون تعديلات الجنسية، والذي يسمح للمحكمة الإدارية بالنظر في قضايا سحب الجنسية وإسقاطها عن المواطنين".
ويضيف المطير "هذه ليست الندوة الأولى ولا الأخيرة، ولن نواجه الحكومة بسلاح الاستجوابات فقط، بل بكل الأسلحة الممكنة دستورياً، حتى تستقيم الأمور وتُحل كافة القضايا العالقة، وعلى رأسها قضية الجنسية، وما يحدث ليس بتأزيم كما تزعم الحكومة، بل هو معركة إصلاحية كبرى".
وقال النائب وليد الطبطبائي، خلال الندوة "بعد جلسة تعديلات قانون الجنسية، فإن هذه الحكومة لا تستحق البقاء أبداً، ونحن أزلنا رئيس مجلس الوزراء السابق بسبب قضايا الفساد، وطالبنا بنهج جديد، لكننا فوجئنا بأن من تغيّر هم الأشخاص بينما بقي النهج على نفس الحال"، في إشارة إلى رئيس مجلس الأوزراء الأسبق ناصر المحمد، والذي ترك رئاسة الوزراء في 2011 بعد تكرار استجوابه في مجلس الأمة، واحتجاجات واسعة ضده في البلاد.
وأضاف الطبطبائي "اتجهنا إلى باب الاستجواب، لأن الحكومة تملك 15 وزيراً، بالإضافة إلى النواب الموالين لها في المجلس، فلا يمكن تمرير أي قانون دون موافقة الحكومة عليه، وهذا أمر غير مقبول في الديمقراطيات".
وقالت أطراف نافذة داخل المعارضة لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق هذا الأسبوع، إن مقدمي الاستجواب يسعون للتصعيد والتأزيم والدفع باتجاه حل مجلس الأمة، وذلك لتلميع صورتهم أمام الناخبين والحصول على مزيد من الأضواء على حساب العائلات التي سحبت جنسياتها والمهددة بألا تعود لها في حال ما تم حل البرلمان.
فيما قال الكاتب والباحث السياسي فواز البحر، لـ"العربي الجديد": لا أعتقد أن وراء سلسلة الاستجوابات المقدمة في مجلس الأمة من النواب لرئيس مجلس الوزراء أطرافا من خارج مجلس الأمة، لأن هذه الأطراف لا تملك السلطة الكافية على هؤلاء الأعضاء حتى الآن، بل هي استجوابات جاءت نتيجة لمحاولة النواب المحافظة على رصيدهم الشعبي أمام قواعدهم الانتخابية، بعد أن وعدوا بتقديم حلول فيما يخص قضايا سحب الجنسية وتخفيف القبضة الأمنية وقضية رفع أسعار الوقود وغيرها، بالإضافة إلى ادعاء أن هذه الاستجوابات ستؤدي إلى حل مجلس الأمة، هو أمر غير صحيح، لأن القيادة السياسية لها حسابات مختلفة تقوم بحل المجلس على أساسها، والدليل على هذا أن المجلس الفائت كان من أكثر المجالس موالاة للحكومة، لكنها قامت بحله في نهاية المطاف".
وأضاف "لا توجد أرضية صلبة يستطيع أن ينطلق من خلالها المحلل السياسي في الكويت لاستشراف المستقبل، بسبب تعقيدات الأمور، لكني أعتقد أن خروج البراك سيخلط الأوراق وموازين القوى في الساحة السياسية، وسيصعد الأمور بشكل كبير جداً".
والتزم النواب المحسوبون على الحكومة، ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، الصمت أمام تصاعد حدة خطاب المعارضة داخل وخارج البرلمان. وحيال خروج مسلم البراك، والذي وجه خطابه بصورة مباشرة إلى المرزوق، وإلى وزير الداخلية السابق محمد الخالد الصباح، ورفع سقف مطالب المعارضة إلى "الحكومة المنتخبة" لا مجرد تمرير قوانين إصلاحية في مجلس الأمة.