المعارضة السورية و"خطوط جنيف الحمراء": لا ممانعة لتمديد الهدنة

11 مارس 2016
يصرّ حجاب والمسلط على تطبيق قرارات جنيف1(فابريك كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -
تتجه الأنظار إلى جنيف السويسرية، يوم الاثنين المقبل، إذ من المتوقع أن تبدأ فعلياً جولة ثانية من المفاوضات بين وفد المعارضة السورية والنظام للدفع باتجاه إيجاد حلّ سياسي. ويأتي ذلك، في وقت يستعد فيه السوريون لإحياء الذكرى الخامسة لثورتهم على وقع قصف جوي ومدفعي لم يهدأ على الرغم من الهدنة القائمة منذ 27 فبراير/ شباط الماضي تحت مظلة روسية ـ أميركية. وأكد المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، أنّ الهدنة مستمرة إلى أجل غير مسمى من وجهة نظر الأمم المتحدة والقوى الدولية الكبرى. ولم ينتظر دي ميستورا طويلاً، حتى بدأ بتسريب فحوى جولة المفاوضات المقبلة، والتي من المتوقع أن تبدأ في 14 مارس/ آذار الحالي لغاية الـ24 منه.

وتحدث المبعوث الأممي عن أن المفاوضات ستركز على القضايا السياسية الجوهرية، مثل تشكيل ما سمّاها "حكومة وحدة وطنية"، والشروع في انتخابات وفق دستور جديد، الأمر الذي اعتبرته "الهيئة العليا للتفاوض" المعارضة بمثابة انقلاب سياسي على كل مرجعيات التفاوض التي تدعو إلى عملية انتقال سياسي من خلال تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات بحسب ما نص اتفاق جنيف1 عام 2012. وتضمّن هذا الاتفاق، تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة تضم ممثلين عن المعارضة، وشخصيات من النظام ليست ضالعة بعمليات القتل، بحسب تصريح سفير "الائتلاف السوري المعارض" في باريس، منذر ماخوس.

ويؤكد المتحدث باسم "الهيئة العليا للتفاوض"، رياض نعسان آغا، لـ"العربي الجديد"، أن المعارضة متمسكة بما نص عليه بيان جنيف1، وقرار مجلس الأمن الدولي 2254. ويوضح أن المعارضة "تدرس بإيجابية قرار المشاركة في الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف3"، مشدداً على أنها ستبحث "مسألة تشكيل هيئة انتقالية دون غيرها من القضايا". ويشير إلى أن المعارضة لا تمانع تمديد الهدنة، بشرط إنهاء الخروقات المتلاحقة من قبل قوات النظام وحلفائه.

وتخوض المعارضة السياسية التي لم تحسم أمرها بعد بشأن المشاركة من عدمها في جولة جنيف المقبلة على الرغم من اقتراب الموعد، اجتماعات ماراثونية لحسم خيارها. وتدرك المعارضة أنّ ذهابها إلى جنيف، وفق ما هو مطروح، يعد تنازلاً كبيراً ربما لا تستطيع تحمّل تبعاته، خصوصاً أنّ الشارع الثوري السوري وضع، يوم الجمعة الماضي، خطوطاً حمراء لها لا يمكنها تجاوزها. وتجلّت هذه الخطوط من خلال تجديد الشعب مطالبته بـ"إسقاط النظام" في تظاهرات حاشدة عمّت معظم مناطق سورية، ومن المتوقع أن تتكرر، اليوم الجمعة. لكنها في المقابل، لا يمكنها أن تواجه الاتفاق الأميركي الروسي الواضح حول سورية، ولذلك ربما لن تبدأ الجلسات الجدية لجنيف قبل اجتماع مجموعة الدول حول سورية، يوم الأحد في باريس، حيث تأمل المعارضة أن تحظى بموقف جدي من دول "أصدقاء الشعب السوري" ضد تغوّل الموقف الروسي في الملف السوري.

واستبق "الائتلاف السوري المعارض" بدء الجولة الثانية من مفاوضات جنيف3 للتأكيد على أنّ "إطلاق سراح المعتقلين في سجون نظام الأسد سيعزز فرص نجاح الحل السياسي". وهذا ما نص عليه القرار 2254، واتفاق وقف الأعمال العدائية. وصدر هذا الكلام في بيان، إثر اجتماع لأعضاء هيئة "الائتلاف" الجديدة، يوم الأربعاء، مع ممثلي "مجموعة أصدقاء سورية". وأكد أعضاء الائتلاف "على ضرورة الإفراج المبكر عن المعتقلين قبل استئناف المفاوضات خلال الأسبوع المقبل، خصوصاً النساء والأطفال"، وفق البيان.

اقرأ أيضاً: ضبابية بجدول "مشاورات" جنيف السورية: مناورات تسبق "المفاوضات"

وسبق للدبلوماسي المنشق عن النظام السوري، جهاد المقدسي، أن أعلن، في وقت سابق، أنه تلقى دعوة "شخصية" للمشاركة في الجولة الثانية للمحادثات "غير المباشرة" في جنيف، كممثل عن "منصة مؤتمر القاهرة للحل السياسي"، معرباً عن عزمه على المشاركة وبأنه سينسّق "مع جميع الزملاء من باقي الأطياف بالمؤتمر، وربما يكون الحضور فرصة للتأثير إيجاباً باتجاه الحل السياسي المنشود"، على حد تعبيره. ولا يتوقع أن تسجل مفاجآت في لائحة المدعوين، إذ جزم دي ميستورا أن قائمة المشاركين ستكون هي نفسها ممّن شاركوا في الجولة الماضية في يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط الماضي في سويسرا، أكان من النظام أو المعارضة أو المدعوّين "بصفة شخصية" من قبل الوسيط الدولي. 

في هذا الصدد، يقول عضو هيئة "الائتلاف"، عقاب يحيى، إنّ "ممثلي الدول الداعمة للشعب السوري جدّدوا دعمهم للمعارضة السورية، وأكدوا على دور الائتلاف مع الهيئة العليا للمفاوضات في تمثيل الثورة السورية". ويشير يحيى لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "تصريحات دي ميستورا في ما يخصّ تشكيل حكومة وحدة وطنية لافتة للانتباه، فهي بمثابة إلغاء لجوهر جنيف1 الداعي لتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات"، على حدّ تعبيره. ويرجح عضو "الهيئة" أن تكون هذه التصريحات "وسيلة ضغط على المعارضة للذهاب إلى الجولة المقبلة من المفاوضات في مدينة جنيف السويسرية".

ويؤكد يحيى أنّ التوجه العام لدى المعارضة السورية، هو "العودة إلى جنيف مع التمسك بثوابت ومحددات الثورة"، مضيفاً أنّه "في حال وجدنا أنّ هناك ضغطاً للتنازل عن هذه الثوابت، فلا شيء يمنع من الانسحاب، وإعلان موقف حيال ذلك". ويشدّد على "ضرورة ذهاب المعارضة إلى جنيف لتصدير الأزمة إلى النظام"، وفقاً لقوله.

من جهته، يرى المعارض، الكاتب السوري محمود الحمزة، أنّ طروحات دي ميستورا حول تشكيل حكومة وحدة وطنية يعد تراجعاً عن كل القرارات الدولية ذات الصلة وآخرها القرار 2254، الذي نصّ على تشكيل هيئة حكم انتقالية وليس "حكومة وحدة وطنية". ويضيف الحمزة لـ"العربي الجديد"، أنهم (الروس والأميركيون) "يريدون تمييع الأمور، وتمرير بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة"، معتبراً ما يجري مجرد "لعبة روسية ـ أميركية". ويؤكد الكاتب المعارض على إصرار "الهيئة العليا للتفاوض" على هيئة حكم انتقالي، "لأن قبولها بحكومة وحدة وطنية كما يسميها المبعوث الأممي يعني قبولها ببقاء الأسد على رأس السلطة. أمّا هيئة الحكم كاملة الصلاحية فتلغي وجود الأسد لأنها تنفيذية كاملة الصلاحيات"، على حدّ تعبيره.

ولا يتوقع الحمزة أن تفضي الجولة المقبلة من جنيف إلى نتائج مهمة، "لأننا لا نرى جدية، وواقعية، وصدقاً من القوى الدولية المؤثرة"، مضيفاً أنّ الطريق للحل واضح تماماً، وهو "تطبيق قرارات جنيف1، والبدء بهيئة الحكم الانتقالية، وإيقاف القتل، وإطلاق سراح المعتقلين، والبدء بالعدالة الانتقالية. لكن لا النظام ولا روسيا يريدان تطبيق القرارات الدولية التي تطالب بذلك"، لافتاً إلى أنّ "الولايات المتحدة متواطئة مع الروس في ذلك".

اقرأ أيضاً: مؤشرات جنيف السوري: الهدنة دائمة وهيئة الحكم الانتقالي أولاً

المساهمون