يرى متابعون للشأن السوري، ومعارضون لنظام بشار الأسد، أن الضربة العسكرية الأميركية التي استهدفت قاعدة الشعيرات العسكري، في ريف حمص، حملت رسائل سياسية إلى العديد من الأطراف الفاعلة في القضية السورية، وخاصة إلى روسيا وإيران، واللتين أفشلتا كل مساعي المجتمع الدولي، على مدى سنوات، لترسيخ حلول سياسية للقضية السورية، مستغلتين غياب الدور الأميركي إبان إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
وفي هذا الصدد، يرى كبير المفاوضين في وفد المعارضة المفاوض في مسار جنيف، محمد صبرا، أن "ضربة قاعدة الشعيرات"، فجر الجمعة، "حملت رسائل كثيرة، ولجهات متعددة"، مضيفًا: "أولى هذه الرسائل إلى نظام بشار الأسد أنه لن يستطيع التحرك بحرية في قمع السوريين إلى ما لا نهاية، والرسالة الثانية لروسيا، وهي أن زمن الاستفراد وفرض الوقائع على الأرض قد انتهى".
وحول انعكاس الضربة على المسار السياسي بشكل يؤدي إلى تسارعه، يقول صبرا في حديثه مع "العربي الجديد"، إنه "يجب أن ننتظر التطورات في الأيام القادمة، وردة فعل روسيا في هذا الصدد".
وكانت ضربة الشعيرات بمثابة "عودة الوعي والفعل" إلى الموقف الأميركي في سورية، بعد سنوات من تردد أميركي دفع ثمنه السوريون قتلًا، واعتقالًا، وتشريدًا. ورحّبت مختلف تيارات وهيئات المعارضة السورية بالضربة الأميركية على واحد من أهم مطارات نظام الأسد، معتبرة ما جرى "فركة إذن" من المرجح أن تعيد النظام وحلفاءه إلى الصواب، وأن تخلّص بشار الأسد من وهم الحسم العسكري، وعودة سورية إلى ما قبل مارس/آذار من عام 2011؛ العام الذي بدأت فيها الثورة السورية، وحوّلها النظام إلى حرب مفتوحة دفعت البلاد إلى حافة الخراب والتشظي.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات، التابعة للمعارضة السورية، رياض نعسان آغا، إن الهدف من ضربة قاعدة الشعيرات "إبلاغ النظام أنه لا يملك تفويضًا بقتل كامل الشعب السوري، والاستمرار في تحدي البشرية".
وأعرب نعسان آغا، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن ما وصفها بـ"الضربة الإنذارية" ستجعل روسيا "تدرك أيضًا أنها ليست مطلقة الصلاحية بتدمير ما تبقى من سورية، وأن على إيران أن تعيد النظر بمشروعها التوسعي، وأن تدرك أن تغييرًا كبيرًا حدث في أميركا مع رحيل باراك أوباما الذي سلم الملف السوري لروسيا لتتفرد به، وأعطى إيران ضوءًا أخضر للتوسع والسيطرة الكاملة على العراق ولبنان وسورية، وسمح لها بأن تمتد إلى اليمن".
من جهته، اعتبر رئيس الدائرة الإعلامية في "الائتلاف الوطني السوري"، أحمد رمضان، أن إعطاء ترامب الأوامر بضرب قاعدة الشعيرات "أعاد الاعتبار لدولة جعلها سلفه مجالًا للتندر"، مشيرًا إلى أنه "يجب ضرب رأس الأفعى، ومن أمر ونفّذ المجزرة في خان شيخون"، في إشارة واضحة منه إلى بشار الأسد.
ومن المتوقع أن تلقي ضربة قاعدة الشعيرات بظلالها على المسار التفاوضي، سواء في أستانة أو جنيف، حيث من المقرر أن تعقد جولتا تفاوض جديدتان منهما في مايو/أيار المقبل. ويبقى الموقف الروسي فيصلًا في تحقيق تقدم جدي وحقيقي قادر على الصمود في المسارين يؤسس لمرحلة جديدة في إيجاد حلول للقضية السورية.
ولربّما باتت تدرك روسيا أن مصير بشار الأسد بات على الطاولة الآن، وأنه أصبح عبئًا كبيرًا عليها، ربما يدفع تمسكها به إلى مواجهة مع الغرب ليست قادرة على الصمود فيها. وحاولت موسكو تمييع مسألة استخدام الأسد للسلاح الكيمياوي مرة جديدة، من خلال تعطيل دور مجلس الأمن الدولي الذي شُل بـ"الفيتو" الروسي منذ بدء الثورة السورية، ولكن تحرك الأميركيين بشكل منفرد ومفاجئ غيّر قواعد "اللعبة"، وأفقد الروس ورقة مجلس الأمن، في ظل حنق وغضب الأوروبيين من دور روسي سلبي يكاد يصل حدود العجرفة السياسية.