المعارضة السورية تطالب بموقف أوروبي حاسم حيال الأسد

19 يوليو 2016
استغربت المعارضة الغموض في الاتفاقات الروسية الأميركية (آدم بيري/Getty)
+ الخط -

 استبقت بريطانيا اجتماعاً يُعقد اليوم، يضم وزراء خارجية دول أوروبية بوزير خارجية الولايات المتحدة، جون كيري، بتصريحات لافتة من وزير خارجيتها الجديد، بوريس جونسون، دعت إلى تنحّي الرئيس بشار الأسد عن السلطة.


غير أن المعارضة السورية قللت من أهمية هذه التصريحات، مشككة في قدرة الاتحاد الأوروبي على لعب دور مهم في الملف السوري، بعيداً عن الولايات المتحدة الأميركية.

ودعا جونسون، روسيا ودولاً أخرى إلى مطالبة الأسد بالتنحي، وذلك قبل ساعات من أول اجتماع بنظرائه الغربيين لبحث الملف السوري وسبل الحل السياسي.

ووفقاً لتصريحات نشرها مكتبه قبل الاجتماع، قال جونسون: "سأكون واضحاً في التعبير عن رأيي أن معاناة الشعب السوري لن تنتهي ما بقي الأسد في السلطة"، مضيفاً: "يجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك روسيا أن يكون متحداً في هذا".

وكان جونسون، قد أشاد بالأسد عندما كان يتولى منصب عمدة لندن، إثر دخول قوات الأخير ومليشيات طائفية مدينة تدمر، في مارس/ آذار الفائت، تحت غطاء ناري جوي روسي منتزعة السيطرة على المدينة التاريخية من تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش).

وجاءت تصريحات وزير الخارجية البريطاني الجديد، عقب وصول واشنطن وموسكو إلى تفاهمات حول القضية السورية الجمعة الفائت، بعد اجتماعات ماراثونية عقدها جون كيري مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ووزير خارجيته سيرغي لافروف.

ولم يكشف الطرفان عن تفاصيل اللقاءات، إلا الجانب المتعلق بالتنسيق العملياتي في محاربة جبهة "النصرة"، وتنظيم "الدولة الإسلامية".

ومن المتوقع أن يطلع كيري نظرائه الأوروبيين على جانب من هذه التفاهمات التي انتقدتها المعارضة السورية، إذ استغربت الهيئة العليا للتفاوض التابعة للمعارضة "حالة الغموض في الاتفاقات الروسية ـ الأميركية حول القضية السورية"، مطالبة بـ"الشفافية والمصداقية، وبإجراء مراجعة دقيقة لعمليات محاربة الإرهاب، ولما تطلبه روسيا من فصل بين منظمات تسميها إرهابية وبين المدنيين وفصائل الجيش الحر".

وحذّرت الهيئة من أن "تتحوّل عملية مكافحة الإرهاب إلى مجازر ضد المدنيين، الذين لا يجدون مكاناً آمناً يلجأون إليه للنجاة من القصف اليومي لمدنهم وقراهم وبيوتهم".

كذلك، اعتبرت شخصيات في المعارضة السورية تصريحات جونسون خطوة متقدمة في الموقف الأوروبي، ومحاولة جديدة للعب دور أكثر أهمية في القضية، خصوصاً أن أوروبا هي المتضرر الأكبر من تداعيات ما يجري في البلاد وخاصة لجهة تدفق أمواج اللاجئين إليها.

وقال سفير الائتلاف الوطني السوري في العاصمة الإيطالية روما، بسام العمادي، لـ"العربي الجديد"، إن "تصريحات جونسون غير مؤثرة مالم يؤخذ بها جدياً من أميركا"، مضيفاً "هي لن تفعل ذلك"، مردفاً بالقول: "ستتركهم يتكلمون".

وأعرب العمادي عن اعتقاده أن "الهدف النهائي للولايات المتحدة الأميركية "تفتيت الشرق الأوسط"، مرجحاً عدم إطلاع دول الاتحاد الأوروبي على تفاصيل المخطط الأميركي من واشنطن، ومستبعداً كذلك أن يُطلع جون كيري نظراءه الأوربيين على كل تفاصيل اتفاقه الأخير مع لافروف بما يخص العديد من الملفات وفي مقدمتها الملف السوري.

ومنذ انطلاق الثورة السورية، في منتصف آذار/ مارس من عام 2011، أعلنت أغلب دول الاتحاد الأوروبي وقوفها الى جانب مطالب السوريين في نيل حريتهم، وأقدمت على مجموعة من القرارات التي تم بموجبها فرض حصار اقتصادي على النظام، وتجميد أموال عدد من أركان حكمه.

كما قدمت دعماً سياسياً للمعارضة السورية، ولكن أن تخطو باتجاه ردع نظام الأسد عسكرياً، مكتفية بالإدانات اللفظية للمجازر التي اقترفها بحق السوريين على مدى أعوام، ومنها مجزرة بالسلاح الكيماوي في منتصف عام 2013.

وتدفق مئات آلاف اللاجئين السوريين الى دول في الاتحاد الأوروبي بدءاً من عام 2012، ولكن الموجة العاتية كانت في صيف 2015، ما جعل أوروبا تهتز على وقع خطوات اللاجئين، وتحاول تغيير سياستها المهادنة، للخروج من تحت العباءة الأميركية للدفع باتجاه إيجاد حل سياسي يوقف سيل المهاجرين، ويعيد عدداً كبيراً ممن وصلوا إلى سورية.

لكن الكاتب والمعارض السوري، محمود الحمزة، رأى في حديث لـ"العربي الجديد" أنه لا يوجد موقف أوروبي "صلب" حيال الملف السوري، مضيفاً: "ليس لدى الأوروبيين سوى التصريحات من دون فعل جاد وحقيقي".

مصادر في المعارضة، أشارت إلى "تصلب روسي اتجاه مصير الأسد، حيث ترفض رحيله عن السلطة، يغذيه تراخ من إدارة الرئيس باراك أوباما التي لم تضغط على الروس بما يكفي لتغيير موقفهم"، موضحة أنها "لا تعوّل كثيراً على موقف أوروبي خارج الدائرة الأميركية".

من جهته، أوضح الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات، رياض نعسان آغا، لـ"العربي الجديد" أن "موقف وزير الخارجية البريطاني ليس جديداً"، مشيراً إلى أن "وزارة الخارجية البريطانية سبق وأعلنت مواقف كهذه قبل تسلّم جونسون منصبه وهو جاء ليؤكد هذه المواقف".

وبين أن "بريطانيا ترى أن بشار الأسد أكثر المتورطين بجرائم حرب"، مشدداً على أن "المعارضة السورية تريد أن يكون الموقف البريطاني والأوروبي حاسماً".

ودعا نعسان آغا إلى "حوار أوروبي أميركي جاد مع روسيا التي تعطل الحل السياسي في سورية من خلال إصرارها على بقاء بشار الأسد".

ويشكّل الأسد وأركان نظامه العقبة الأكبر، وربما الوحيدة، أمام عقد اتفاق سياسي بين المعارضة والنظام للشروع في مرحلة انتقالية بالبلاد كانت تأمل الأمم المتحدة أن تبدأ خلال هذا الصيف، ولكن الأمل الأممي بدأ يتلاشى في ظل تشبث الأسد بالسلطة، ورفضه أي حلول سياسية لا تضمن بقاءه، مدعوماً من روسيا وإيران عسكرياً وسياسياً.

هاتان الدولتان ترفضان طرح مصيره على طاولة التفاوض في جنيف، وهو ما أدى الى توقف مفاوضات السلام منذ أبريل/نيسان الفائت.

ولا يتوقع مراقبون أن يدعو الموفد الأممي الى سورية، ستيفان دي ميستورا الى جولة مفاوضات جديدة مالم يأخذ ضوءاً أخضر من روسيا وأميركا عن استعداد النظام لمناقشة تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات تدير مرحلة انتقالية، وهو ما تصر عليه المعارضة السورية، وتعتبر أي حل سياسي لا يضمن رحيل الأسد ليس ذا قيمة، ولا يمهد الطريق أمام تعافي سورية من أزمة تسبب فيها هذا النظام، بل ربما يزيد الأوضاع تعقيداً، ويؤدي الى إدخال سورية في نفق اقتتال طويل الأمد، يؤدي الى تشظيها الى أقاليم، وكانتونات متحاربة.