المعارضة السورية تحضر جنيف3 بتشاؤم... ولا تقدّم مشروع دستور

03 ابريل 2016
قال حجاب إنّهم ذهبوا إلى جنيف لفضح النظام(مصطفى يالكين/الأناضول)
+ الخط -
يرتّب كل من المعارضة السورية والنظام أوراقهما، استعداداً للجولة الثالثة من المفاوضات السورية التي تنطلق نظرياً في 11 أبريل/ نيسان الحالي، في جنيف، وسط تشاؤم المعارضة من نجاح هذه المحادثات "لعدم وجود إرادة دولية للانتقال السياسي"، مؤكدة حضورها هذه الجولة. وتتزامن هذه الاستعدادات مع تفجّر خلاف لفظي بين موسكو وواشنطن، في اليومين الأخيرين، على خلفية تسريبات عن تفاهم روسي ـ أميركي حول مصير بشار الأسد، إذ تبادل الطرفان اتهامات إعلامية بـ"خلط الأوراق"، ترى مصادر في المعارضة أنّ صداها "سيصل إلى طاولات التفاوض بعد أيام".

ووصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تلك التسريبات بـ"القذرة"، ما يعكس امتعاضاً روسياً واضحاً من واشنطن لكشفها ما كان مستوراً من تفاهمات تمّت، أخيراً، بين موسكو وواشنطن. ويوضح عارفون في الشأن الروسي أنّ موسكو تفضّل إبقاء هذه التفاهمات طيّ الكتمان حتى تنضج.

وفي حديث مع "شبكة التلفزيون العربي"، قال المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات المعارضة، رياض حجاب، إنّ "المعارضة السورية ليست متفائلة بشأن محادثات السلام المقرّر إجراؤها في جنيف، لعدم وجود إرادة دولية للانتقال السياسي". وأضاف حجاب: "لا توجد إرادة دولية، خصوصاً من الجانب الأميركي، وأنا لا أتوقع من المفاوضات أن ينتج عنها شيء". وأوضح حجاب أن الهيئة العليا للمفاوضات ستحضر الجولة المقبلة من المحادثات، قائلاً "سنذهب إلى مفاوضات جنيف في جولة المفاوضات المقبلة لتمثيل القضية العادلة للشعب السوري". وأشار حجاب إلى أنّنا (المعارضة) "لا نخشى التقارب الأميركي ـ الروسي، لكن ما نخشاه الغموض. هناك عدم وضوح وعدم شفافية، ولا نعلم ماهية الاتفاقات التي تمت بكل الأحوال"، مضيفاً أنّ "ما يحدث في سورية هي حرب وكالة". ولفت إلى أنّنا "ذهبنا إلى جنيف من أجل مطالب السوريين وفضح النظام وداعميه. ذهبنا إلى جنيف ونحن نعلم أنه لا يوجد هناك إرادة دولية لفرض انتقال سياسي".

وتؤكد المعارضة السورية أنّها جاهزة للدخول في تفاصيل جوهر العملية التفاوضية، خصوصاً لجهة تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات من دون الأسد، وأنّها لن تسمح للنظام بالاستمرار في محاولاته لـ"تمييع عملية التفاوض"، وتقديم أولوياته ما يخدم بقاءه في السلطة، وهروبه من استحقاقات حددها قرار مجلس الأمن الدولي الأخير 2254 .

في هذا السياق، تشير عضو وفد المعارضة المفاوض في جنيف، سهير الأتاسي، إلى أنّ "ما يهم في الجولة المقبلة هو وجود توافق دولي على الدخول في جوهر المفاوضات الجديّة"، مبينة لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك ضغطاً روسياً على النظام "للحيلولة دون استخدامه استراتيجية تعطيل المفاوضات، وكسب الوقت التي يمارسها". وأملت موسكو، أول من أمس الجمعة، أن يبدي وفد النظام "مرونة" في الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، "نأمل أن تستمر هذه المشاركة لوفد دمشق بطريقة بناءة، وإظهار المرونة اللازمة بالطبع في إطار الحدود الممكنة".

وتوضح الأتاسي أنّ المعارضة السورية "على أتم الاستعداد للانخراط في تفاصيل جوهر العملية السياسية، وهو الانتقال السياسي الجذري والشامل، وأداته التنفيذية تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة السلطات والصلاحيات على أساس الموافقة المتبادلة. الأمر الذي يشير إلى أنّ للمعارضة حقاً في رفض أي دور للأسد في المرحلة الانتقالية، وفي مستقبل سورية"، على حدّ تعبيرها. وتلفت إلى أن تلك هي "إرادة السوريين التي صدحت بها حناجرهم في التظاهرات التي عادت في مختلف المدن والبلدات السورية".



وفي ما يخصّ تصريحات لافروف المتشنّجة، يرى الكاتب المعارض السوري محمود الحمزة أنّ هذه التصريحات دليل على أنّ "الروس يفضّلون العمل سراً"، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أنّ "القيادة الروسية مهتمة ومعنية بالحلّ السياسي "حتى تخفي ورطتها في سورية"، بينما تراوغ أميركا، وتستفز الروس، فهي ليست خاسرة بكل الأحوال"، وفقاً له. ويلفت الحمزة، وهو مختص بالشأن الروسي، إلى أنّ روسيا "هي التي تحتاج لأميركا، لأنها تتعرض لعقوبات غربية"، مضيفاً أنّ "واشنطن استطاعت توريط موسكو في المستنقع السوري"، على حدّ تعبيره.

على صعيد متصل، بدأت الأوساط السياسية والقانونية السورية، خلال الأيام القليلة الماضية، تداول أفكار الحالة الدستورية التي ستحكم المرحلة الانتقالية بعد رفض الأسد الانتقال السياسي، كما نصت عليه قرارات دولية، مشيراً في تصريحات لوسائل إعلام روسية إلى أنّه يعني "الانتقال من دستور حالي إلى دستور جديد". ويرى خبراء قانونيون أنّ "الظروف الحالية التي تمر بها البلاد تتطلب إعلاناً دستورياً مؤقتاً ريثما يتم وضع دستور جديد دائم. وذكرت مصادر إعلامية أن رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، أنور البني، قدّم تصوراً دستورياً يحكم المرحلة الانتقالية في سورية، ويحدد ضوابط وصلاحيات هيئة الحكم الانتقالي، والتي من المفترض أن تتمخض مفاوضات جنيف عنها.

وقال البني في حديث صحافي، أخيراً، إنه "لا يمكن الحديث عن دستور للمرحلة الانتقالية المرتقبة في سورية، فهذا المبدأ خاطئ ولا يمكن اعتماده. الدستور ملك لكل السوريين، ولاعتماده هو بحاجة لاستفتاء شعبي، ولا يمكن بالظروف التي تمر بها سورية إجراء أي استفتاء، فأكثر من نصف الشعب مهجّر ومشرّد، ونصفه الآخر يعيش في الداخل ظروفاً في غاية السوء".

ويؤكد البني لـ"العربي الجديد" أنّه لم يقدم الإعلان الدستوري لأي جهة "وليست من مهمتي. أنا أنشر أبحاثاً ودراسات، ويمكن لمن أراد أن يستفيد منها"، مشيراً إلى أن "مسودة الإعلان الدستوري منجزة منذ عام 2012 وليست وليدة الظروف السياسية الراهنة". ويشير البني الذي اعتقل لمدة خمس سنوات في سجون النظام (2006 -2011)، ويقيم في ألمانيا، إلى أنه أنجز مشروع المبادئ فوق الدستورية، والإعلان الدستوري المؤقت للمرحلة الانتقالية، وخطة لتطبيق العدالة الانتقالية، ومشروع قانون أحزاب وقانون انتخابات وكيفية تغيير النظام بتغيير القوانين. ويوضح المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، رياض نعسان آغا، أنّ المسودة التي قدّمها المحامي أنور البني عن إعلان دستوري مؤقت للمرحلة الانتقالية في سورية "تحتاج لنقاش وتعديلات، وهي اجتهاد شخصي منه"، مستبعداً تبني الهيئة لها، ومشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أن "لدى الهيئة مكاتب قانونية بالإمكان تقديم الدراسات لها".

من جهته، يرى الخبير في القانون الدولي أيمن أبو هاشم أنّ هيئة الحكم الانتقالي مناط بها تشكيل لجنة مهمتها وضع مسودة الدستور الذي سيصوّت عليه الشعب على أن تضم هذه اللجنة كل مكوّنات المجتمع بناء على مشاورات، وخبراء مختصين بالقانون الدستوري والدولي، مع مراعاة أن تضم أيضاً ممثلين عن المجتمع المدني وتمثيلاً عادلاً للمرأة والشباب. ويشير أبو هاشم في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنه في الفترة التي تعمل فيها اللجنة على اقتراح مسودة الدستور، لا بد أن يصدر إعلان دستوري مؤقت عن هيئة الحكم الانتقالي، أو تتم العودة إلى دساتير سابقة ريثما يتم إقرار الدستور الجديد.