وشرعت قيادات في "الكتلة الديمقراطية" بالبرلمان (12 عضواً)، وكتلة "الجبهة الشعبية" (15 عضواً)، وكتلة "الولاء للوطن" (10 نواب)، وكتلة "نداء تونس" (39 عضواً) ونواب مستقلون وغير منتمين، في التشاور بشأن تمرير لائحة اللوم ضد الحكومة، بسبب عدم استجابة يوسف الشاهد رئيس الحكومة لدعوة مجلس الشعب، وطلب الحوار مع البرلمانيين حول قضية الوفاة المريبة لمجموعة من الرضّع في مستشفى بالعاصمة.
ويحتاج تمرير "لائحة اللوم" على مكتب البرلمان توقيع ثلث أعضاء البرلمان على الأقل، أي ما لا يقل عن 73 عضواً، وهو ما يحتاج إلى حشد جميع المعارضين إلى جانب كتلة "نداء تونس"، و"الاتحاد الوطني الحر"، فيما يفرض القانون لسحب الثقة من رئيس الحكومة وإطاحة حكومته تصويت الأغلبية المطلقة لأعضاء البرلمان أي 109 نواب على الأقل، ليتنحى الشاهد من منصبه.
وأكد غازي الشواشي، أمين عام حزب "التيار الديمقراطي" ومساعد رئيس البرلمان التونسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن قوى المعارضة البرلمانية بصدد دراسة تقديم لائحة لسحب الثقة من رئيس الحكومة للتوقيع عليها من قبل نواب المعارضة، ويرجح أن يوقعها نواب نداء تونس قبل تمريرها إلى مكتب البرلمان.
وأضاف الشواشي أن رئيس الحكومة "خالف الدستور وضرب بدعوة مجلس نواب الشعب عرض الحائط"، مشيراً إلى أن الشاهد "يمتنع عن القدوم إلى جلسات الحوار مع الحكومة تحت قبة البرلمان، وهو ما يفرضه الدستور وينظمه القانون الداخلي للبرلمان في موعد شهري".
ولفت إلى أن البرلمان وجّه دعوة رسمية إلى الشاهد للحوار، حول كارثة وفاة 15 رضيعاً منذ 15 مارس/ آذار، "غير أن رئيس الحكومة لم يكلف نفسه الإجابة رسمياً، في رفض صريح للقدوم إلى البرلمان"، مؤكداً أنها ليست المرة الأولى أو الوحيدة التي يمتنع فيها الشاهد عن القدوم للبرلمان أو الإجابة عن أسئلة البرلمانيين.
بدوره، أكد زهير المغزاوي أمين عام "حركة الشعب"، وعضو البرلمان المعارض لـ"العربي الجديد"، أن المعارضة "تتجه لسحب الثقة من رئيس الحكومة لمخالفته القوانين والدستور الذي ينصّ على أن الحكومة مسؤولة أمام مجلس نواب الشعب"، مشدداً أن رئيس الحكومة "لم يستجب لطلب مجلس نواب الشعب بتنظيم جلسة عامة للتحاور حول الوضع الصحّي، وفي المقابل اتجه الشاهد لتنظيم حوار تشاركي اليوم حول التحديات والإجراءات العاجلة لقطاع الصحّة العمومية، في رسالة استخفاف بالسلطة التشريعية واستهزاء بنواب الشعب".
وأضاف المغزاوي أن رسالة الشاهد "واضحة، فهو لا يقيم اعتباراً لمجلس نواب الشعب الذي أعطاه الثقة وزكّاه هو وحكومته"، مشدداً على أن المعارضة وكتلاً أخرى "قررت مقاطعة الجلسات العامة وتعليق النشاط بسبب رفض الشاهد الحوار".
ولفت إلى أن الشاهد "لا يذكر البرلمان إلا للمصادقة على القروض التي عمّقت مديونية البلاد ورهنتها للمؤسسات المانحة، ولتمرير إملاءات وقرارات صندوق النقد الدولي".
وينصّ البند 148 من القانون البرلماني في تونس على أنه "يمكن التصويت على لائحة لوم ضد الحكومة، بعد طلب معلل يقدم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث الأعضاء على الأقل".
ويفرض النظام الداخلي أن تحال لائحة اللوم "على مكتب المجلس الذي يتولّى إعداد تقرير حول مشروع اللائحة، في أجل أقصاه أسبوع يدعو رئيس المجلس الجلسة العامة للانعقاد بأي وسيلة تترك أثراً كتابياً، في أجل أدناه خمسة عشر يوماً وأقصاه شهر من تاريخ تقديم الطلب وذلك لمناقشته واتخاذ قرار في شأنه".
ويشترط القانون "لسحب الثقة من الحكومة موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس، وتقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة يُصادَق على ترشيحه في نفس التصويت. ويُعلَم رئيس الجمهورية بقرار المجلس".
ويرى مراقبون أن عريضة سحب الثقة من رئيس الحكومة وفريقه الوزاري لا تتجاوز عتبات الضغط السياسي والإحراج الإعلامي، الذي تسلطه المعارضة على رئيس الحكومة لاعتبار تشتت قوى المعارضة وعدم امتلاكها الأغلبية العددية المطلوبة.
في المقابل، يمتلك الشاهد أغلبية برلمانية تتجاوز 120 عضواً، بما يجعل فرضية إسقاط الحكومة رهينة حزب "النهضة"، غير أنها تتمسك إلى حد الآن باستقرار عمل الحكومة رغم معارضتها لاستغلال الشاهد ووزراء حزب "تحيا تونس" لمنصبهم الحكومي، في الترويج الانتخابي والتسويق الحزبي.
وشهدت الولاية البرلمانية الحالية محاولة وحيدة لسحب الثقة، ضد القيادي عن حزب "النهضة" أنور معروف وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي، إذ نجحت المعارضة مع كتلة "نداء تونس"، ومن كتلة "الحرة لمشروع تونس" في عرض لائحة لوم، غير أنها سرعان ما سقطت بتراجع نواب الائتلاف والحرة إثر التعديل الوزاري، والتحاقهم بالتحالف الحكومي الذي تمثل "النهضة" أقوى أركانه.