جدّدت القوى السياسية التقدمية في الجزائر مطلبها المركزي المتعلق بالمطالبة بمرحلة انتقالية وهيئة تأسيسية تتولى صياغة دستور جديد للبلاد، يضمن الأطر والهياكل التي تتيح تكريس انتقال ديمقراطي.
وترفض هذه القوى تجاوز مطلبها هذا، على الرغم من إصرار السلطة السياسية على تنفيذ خطة إصلاحات دستورية وسياسية وفق دستور تعدّه لجنة دستورية، وخارج إطار مرحلة انتقالية.
وتعود "جبهة القوى الاشتراكية"، أقدم أحزاب المعارضة في الجزائر، إلى مطلبها التاريخي بإنشاء مجلس تأسيسي يعيد صياغة النصوص الأساسية للدولة، وأُعيد بعث نقاش سياسي، أمس الجمعة، بمناسبة احتفاء الحزب بذكرى مؤتمر الصومام (مؤتمر تاريخي للثورة الجزائرية عقد في 20 أغسطس 1956) حول هذا المطلب، إذ أكد السكرتير الأول للحزب يوسف أوشيش، الحاجة السياسية الماسة للذهاب إلى "مسار تأسيسي يضمن الاستقرار السياسي، تمهيداً للعودة إلى الشرعية الشعبية".
ولفت إلى أن "المجلس الوطني التأسيسي يُعدّ موعداً حتمياً قادراً على مساعدة البلاد للتخلص من الحلول الموقتة والتناقضات السياسية والقانونية، والولوج إلى الديمقراطية الدائمة"، معتبراً أن "البلد يحتاج إلى إعادة بناء إجماع وطني بقصد تشييد مؤسسات سياسية حقيقية، التي ستعمل على تخليص الجزائر نهائياً من هيمنة التسيير غير الرسمي والتعسفي".
ويذهب حزب "التجمع من أجل الديمقراطية"، العضو في كتلة "البديل الديمقراطي" (تكتل للأحزاب التقدمية) في بيان، اليوم السبت، إلى تسوية ديمقراطية على قاعدة التوافق على مرحلة انتقالية.
وذكر في البيان أن "الفرصة لم تضع بعد، وأن لا مناص من تسوية ديمقراطية لقيادة فترة انتقالية غايتها التعبير عن سيادة الشعب، التي وحدها قادرة على توحيد الجزائريين والجزائريات لطيّ صفحة الاستبداد، والسير في طريق التقدم بضمان المساواة في الحقوق والتناوب على السلطة عبر صناديق الاقتراع دون سواها".
ويعتبر الحزب أن السلطة أنجزت انتخابات، في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي في شكل انقلاب، لقطع الطريق على مطلب مرحلة انتقالية توافقية، وذكر أن "السلطة الشرعية المرتكزة على دولة قانون ديمقراطية وحدها كفيلة بإعادة البلاد إلى طريق الاستقرار والتقدم والتنمية، لأن الواجهة المدنية المنبثقة من انقلاب 12 ديسمبر 2019 لا تملك سوى خريطة طريق واحدة تتمثل بحماية النظام ضد إرادة الشعب الذي تجنّد لوضع حدّ للنظام السياسي الذي يضطهده"، مشيراً إلى أن "خيار السلطة باستبعاد التوافقات المرحلية سيقود البلاد إلى "مأزق مبرمج يهدد بجرّ البلاد إلى الهاوية، ولذلك لا مناص من مواصلة ثورة فبراير 2019 بأشكالها كافة".
وإذا كان إحياء هذه المطالب يأتي رداً على خطاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأربعاء الماضي، فإن السلطة السياسية لا تبدو مهتمة بهذه المطالب، وبتجديد هذه الدعوات المطالبة بمرحلة انتقالية وهيئة تأسيسية، وتبدي في المقابل تمسكاً بخطة الإصلاح السياسي والدستوري التي تطرحها، حيث كان الرئيس تبون قد أكد أنه لن تكون هناك أي مرحلة انتقالية في البلاد، قائلاً إنه "تعهد أمام الجزائريين بإطلاق مسار ديمقراطي حقيقي، يبدأ بتعديل شامل للدستور، ولن يكون هناك مرحلة انتقالية مثلما تدعو بعض الأصوات القادمة من وراء البحر"، مشدداً على أن "القطار انطلق ولن تكون هناك عودة إلى الوراء".