لم يتعطّل المصعد في البناية فجأة. كان واضحاً أنه سيصل إلى هذه المرحلة. الأصوات التي كانت تخرج من محرّكه لم تكن طبيعية. توقّفه الدائم عن العمل كان مؤشراً آخر على أنه دخل في نزاع مع الحياة.
مع ذلك، لم يأبه الجيران وتصرّفوا كأن شيئاً لم يكن. كأنهم كانوا ينتظرون أن يلفظ المصعد النفس الأخير.
وللمصعد تاريخ في البناية، مثل سكانها. فهو جزء من لعبة العلاقات الاجتماعية بين الجيران. يلتقون فيه عفوياً، يدعون بعضهم البعض إلى الدخول إليه والخروج منه بوجوه مبتسمة، ويسألون عن الأحوال والأبناء.
وقد يتحول المصعد أحياناً إلى "فخ" عندما ينقطع التيار الكهربائي. فخ لا تنفع الصلاة في الهروب منه طالما أن أمره بيد موظف شركة الكهرباء الخبيث الذي يمارس التقنين بجدول أو من دونه. لكنه فخ ممتع في بعض الأحيان. يفتح الجيران أبواب منازلهم من أجل معرفة هوية الشخص العالق، فيصير بيت الدرج مساحة لتناقل السلام والأخبار وصولاً إلى صبحيات القهوة المرّة.
في الماضي، كانت أم مصطفى تصرخ بصوتها العالي من الطابق الخامس منادية أسامة، ابنها الشاب، لإنقاذ العالق. ولأم مصطفى، أطال الله بعمرها، صوت غليظ يُحضر أسامة من آخر الدنيا. يركض الشاب الدرج صعوداً نحو سطح البناية من أجل سحب المصعد يدوياً. ثم ينزل بعدها ليفتح باب المصعد الحديدي وإنقاذ العالق، سواء أكان ضيفاً غريباً أو جاراً من السكان.
عندما جاءت فاتورة الصيانة مرتفعة أخيراً قرّر بعض الجيران الامتناع عن الدفع. إثر ذلك، علّق مسؤول البناية إعلاناً على باب المصعد وضع فيه السكان أمام ثلاثة خيارات: التنحي عبر تسليم مسؤولية البناية والحسابات إلى شخص آخر، إبقاء الأمور على ما هي عليه من دون مصعد، أو الطلب من الجيران الذين يرفضون الدفع عدم استخدام المصعد.
مرّ الوقت ثقيلاً على الأجساد التي صارت ترفع نفسها على الدرج. شعر السكان، لا سيما الذين يعانون من آلام المفاصل أو الذين أسكنهم الحظ الطوابق العليا، بألم البقاء من دون مصعد. فبدأت الصرخات تعلو. ومن تمنّع عن الدفع صار يحسّ بـ"حرارة" موقفه وبالإحراج أمام جيرانه.
في الأيام المقبلة يعود المصعد إلى العمل بعد صيانته. لكنّ الكهرباء لن تعود في وقت قريب. طلب أحد الجيران تأمين زرٍ خاص لجرس الطوارىء. فأم مصطفى أقعدها المرض في الفراش، وأسامة تزوج وغادر البناية.
أما شبان البناية الآخرون، أصحاب النخوة، فقد هجروا البناية نحو بلدان بعيدة. بلدان لا تتوقف المصاعد عن العمل فيها.
مع ذلك، لم يأبه الجيران وتصرّفوا كأن شيئاً لم يكن. كأنهم كانوا ينتظرون أن يلفظ المصعد النفس الأخير.
وللمصعد تاريخ في البناية، مثل سكانها. فهو جزء من لعبة العلاقات الاجتماعية بين الجيران. يلتقون فيه عفوياً، يدعون بعضهم البعض إلى الدخول إليه والخروج منه بوجوه مبتسمة، ويسألون عن الأحوال والأبناء.
وقد يتحول المصعد أحياناً إلى "فخ" عندما ينقطع التيار الكهربائي. فخ لا تنفع الصلاة في الهروب منه طالما أن أمره بيد موظف شركة الكهرباء الخبيث الذي يمارس التقنين بجدول أو من دونه. لكنه فخ ممتع في بعض الأحيان. يفتح الجيران أبواب منازلهم من أجل معرفة هوية الشخص العالق، فيصير بيت الدرج مساحة لتناقل السلام والأخبار وصولاً إلى صبحيات القهوة المرّة.
في الماضي، كانت أم مصطفى تصرخ بصوتها العالي من الطابق الخامس منادية أسامة، ابنها الشاب، لإنقاذ العالق. ولأم مصطفى، أطال الله بعمرها، صوت غليظ يُحضر أسامة من آخر الدنيا. يركض الشاب الدرج صعوداً نحو سطح البناية من أجل سحب المصعد يدوياً. ثم ينزل بعدها ليفتح باب المصعد الحديدي وإنقاذ العالق، سواء أكان ضيفاً غريباً أو جاراً من السكان.
عندما جاءت فاتورة الصيانة مرتفعة أخيراً قرّر بعض الجيران الامتناع عن الدفع. إثر ذلك، علّق مسؤول البناية إعلاناً على باب المصعد وضع فيه السكان أمام ثلاثة خيارات: التنحي عبر تسليم مسؤولية البناية والحسابات إلى شخص آخر، إبقاء الأمور على ما هي عليه من دون مصعد، أو الطلب من الجيران الذين يرفضون الدفع عدم استخدام المصعد.
مرّ الوقت ثقيلاً على الأجساد التي صارت ترفع نفسها على الدرج. شعر السكان، لا سيما الذين يعانون من آلام المفاصل أو الذين أسكنهم الحظ الطوابق العليا، بألم البقاء من دون مصعد. فبدأت الصرخات تعلو. ومن تمنّع عن الدفع صار يحسّ بـ"حرارة" موقفه وبالإحراج أمام جيرانه.
في الأيام المقبلة يعود المصعد إلى العمل بعد صيانته. لكنّ الكهرباء لن تعود في وقت قريب. طلب أحد الجيران تأمين زرٍ خاص لجرس الطوارىء. فأم مصطفى أقعدها المرض في الفراش، وأسامة تزوج وغادر البناية.
أما شبان البناية الآخرون، أصحاب النخوة، فقد هجروا البناية نحو بلدان بعيدة. بلدان لا تتوقف المصاعد عن العمل فيها.