المصريون يدفعون ثمن انخفاض الجنيه ‏

02 فبراير 2015
ترقب في انتظار أسعار الجنيه (فرانس برس)
+ الخط -
يكفي أن نعلم أن مصر تعتمد على السلع والمواد الخام المستوردة من ‏الخارج لتأمين 80% من احتياجاتها من الغذاء والدواء والمعدات والملابس، ‏حتى نُدرك حجم التأثير المرتقب على المواطنين إثر الانخفاض القوي ‏والسريع للجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي. هذا بعد أن سمح البنك ‏المركزي المصري بوصول الجنيه إلى أدنى مستوى تاريخي له بالسوق ‏الرسمية عند 7.43 جنيهات.

السوق السوداء 
ويأتي ذلك التطور السريع في السياسية النقدية للبلاد بهدف إغلاق الفجوة بين ‏سعر صرف الدولار في السوق الرسمية ونظيرتها السوداء. غير أنه يبدو ‏أن هذه السياسة لن تجني ثمارها‎. وهو ما يؤكده خبير الاستثمار والتمويل أيمن إسماعيل لـ "العربي الجديد"، ‏قائلاً إنه طالما بقي الاحتياطي من العملات الأجنبية عند حدود منخفضة لا ‏تسمح بإبرام عقود مستقبلية طويلة الأجل للسلع الرئيسية، من المؤكد سيزداد ‏الطلب على السوق السوداء نتيجة تراجع الثقة في قدرة البنك المركزي على ‏توفير كافة احتياجات البلاد من النقد الأجنبي‎. ‎ وحين نطابق هذا الرأي مع تطورات سعر الدولار في السوق الموازية خلال ‏الأيام القليلة الماضية، سنكتشف أنه يتحقق عملياً إذ انخفضت قيمة الجنيه ‏سريعاً في السوق السوداء طردياً مع السعر الرسمي حتى وصلت قيمة ‏الدولار إلى 7.95 جنيهات.‎

انهيار الجنيه المصري
وفي تقرير لبنك الاستثمار "فاروس"، ‏يتوقع أن يواصل الجنيه المصري الاتجاه الهابط مقابل الدولار حتى يصل ‏إلى مستوى 8 جنيهات خلال عام 2015، أملاً في إغلاق الفجوة بين السوقين ‏الرسمية والموازية‎. ‎
وعن آثار هذا التراجع الملحوظ في قيمة الجنيه، قال إسماعيل: "إنه من ‏المتوقع أن تشهد مصر موجة غلاء قوية في أسعار السلع الاستهلاكية ‏والمُعمرة والخدمات، نظراً لاستيراد 80% من احتياجات البلاد من الخارج ‏طبقاً للبيانات الصادرة عن الاتحاد العام للغرف التجارية. ويشرح أن دخول ‏المواطنين لا تستوعب الزيادات المتتالية في الأسعار، ما ينعكس في تراجع ‏حجم الاستهلاك الذي يساهم حتى الآن بقرابة 40% من الناتج المحلي ‏الإجمالي الذي يقيس كافة ما يتم إنتاجه داخل مصر‎.

تضرر الاقتصاد
وباستعراض بسيط لبيانات تاريخية صادرة عن الهيئة العامة للرقابة على ‏الصادرات والواردات، يمكننا رصد تأثير تراجع قيمة الجنيه على أسعار ‏الاحتياجات السلعية ومن ثم حياة المواطنين خلال العامين الماضيين. فخلال ‏عام 2012 بلغت واردات مصر 58 مليار دولار، ثم انخفضت ‏إلى 57.2 مليار دولار في 2013‏. وعند مقارنة نفس الواردات، ولكن مع ترجمتها إلى الجنيه سنكتشف أن قيمتها ‏ترتفع من 352.8 مليار جنيه في 2012 إلى 393.8 مليار جنيه ‏في 2013 نتيجة الانخفاض المستمر في قيمة الجنيه مقابل الدولار منذ الثورة المصرية.
هذا وتصل فاتورة الواردات من الصناعات الغذائية الى 20.6 مليار جنيه، بخلاف ‏‏8.3 مليارات جنيه للمحاصيل الزراعية التي لا يدخل ضمنها مخصصات ‏استيراد الحبوب وتحديداً القمح، وهي حجم واردات مصر الغذائية خلال أول ‏سبعة أشهر من 2014، بحسب بيانات صادرة عن الجهاز المركزي ‏للتعبئة العامة والإحصاء.
وبجانب هذه الواردات المباشرة هناك 65.1 مليار ‏جنيه واردات أسمدة وكيماويات مخصصة لاستزراع الأراضي‎. هذه الفاتورة سترتفع بالتأكيد مع الصعود اللافت لسعر الدولار مقابل الجنيه، ‏طبقاً لمدير علاقات المستثمرين في الشركة العامة للصوامع ‏والتخزين، محمد عبد اللطيف، الذي يؤكد أن الحبوب وفي مقدمتها القمح ستأتي على رأس ‏السلع المرشح ارتفاع مخصصات استيرادها.‎

الصحة في خطر
إلى ذلك فقد رصد مركز ‏الحق في الدواء اختفاء 700 صنف دواء، حيث ‏واجهت شركات الأدوية صعوبة في توفير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد ‏المواد الخام المستخدمة في التصنيع‎.‎ ورغم ذلك النقص الحاد في الأدوية، يرى رئيس القطاعات المالية بشركة ‏"إيبيكو" علي راغب أن شركات الأدوية العاملة في السوق المحلية تتعرض ‏لخسائر فادحة، نتيجة موجة هبوط سعر الجنيه نظراً لاستيرادها 90% من ‏المواد الخام الأساسية.
ووسط حالة القلق التي تنتاب شركات الأدوية المحلية، تقف نظيرتها ‏الصناعية في منطقة آمنة إذ تمرر أي زيادة في تكلفة إلى المستهلك. وتقول رئيسة قطاع الاستثمار بإحدى شركات السيارات منة ‏صادق، لـ "العربي الجديد" إن المؤسسات الصناعية ومنها ‏المتخصصة في تجميع السيارات لن تتحمل أي تكاليف إضافية ناتجة عن ‏انخفاض قيمة الجنيه، فالمستهلك هو من يتحمل هذه التكلفة.
المساهمون