لأعوام مضت من عمر الحرب والقصف، توقفت عجلة المسرح في محافظة إدلب شمال سورية، قبل أن تعود للدوران خلال بداية العالم الحالي بشكل جيد وملحوظ، وإن كان قد سبقها محاولات خجولة، منها ما لم يترجم على أرض الواقع، أو أنها لم تكن بالمستوى الذي ظهرت عليه التجارب الأخيرة.
العديد من الفرق المسرحيَّة عادت لتمارسها نشاطها المسرحي في المحافظة، بأعمال وعروض تستنبط من الواقع فصولها، بالإضافة لولادة فرق جديدة، وإن كان جديد تلك الفرق احتواءها لعناصر من خارج المحافظة نتيجة حملات التهجير الأخيرة التي حطت رحالها بمن حملتهم من المحافظات الأخرى، والذين أحضروا معهم تجاربهم وخبراتهم المتنوعة ومنها المسرح، لتضيف إلى هذا الفن في المحافظة دماءً وأفكاراً جديدة.
وقبل اندلاع الثورة كانت إدلب تملك حوالي خمس فرق مسرحية، مع كوادر فنية وتقنية مسرحية بمستوى جيد، تشارك في المهرجات والفعاليات الثقافية على المستوى السوري. واعتمدت هذه الفرق على كوادر إدلبية خالصة، سواء على مستوى الإخراج والتأليف والممثلين من حيث الجانب الفني. وينسحب الأمر ذاته على الجانب التقني من كوادر الإضاءة والديكور والشكل العام للمسرح. إلا أن المسرح الإدلبي لم يكن ذائع الصيب، شأنه في هذا الجانب، شأن الكثير من المحافظات السورية، كون إدلب والفرق المسرحية الفاعلة فيها، لم تقدم مسرحاً تجارياً طيلة أعوام من نشاطها ودخول المسرح إليها.
إبراهيم سرميني، ممثل ومخرج مسرحي، بدأ عمله ممثلاً قبل حوالي 20 عاماً، وكون خبرة جيدة من خلال مشاركته في العديد من العروض والمهرجانات، ثم أسس فرقته الخاصة التي توقفت أعمالها بسبب الحرب، ليعود ويؤسس فرقة "بيدق" عام 2017 وكانت باكورة أعمالها "سرداب الموت" الذي عرض منتصف العام الحالي على مسرح صالة المركز الثقافي في إدلب.
يقول إبراهيم لـ "العربي الجديد" عن تجربته مع كثيرين لإعادة إحياء المسرح في إدلب من جديد، بأن "المسرح هو حاجة أساسية كالحاجة للماء والهواء وهو يمثل الجزء الأكبر من الثقافة، فالمسرح هو متنفس لكي تستطيع أن ترى القضية الخاصة بك، وتقوم بعرضها وتتفاعل معها من خلال الشخصيات، وتحاول إيجاد الحلول لهذه الشخصيات التي تمثلك بشكل أو بآخر. وإعادة إحياء المسرح أو روح المسرح في إدلب، يعود لأننا، وبعد سنوات من الحرب، نريد أن يعود الناس ليتجمعوا حول الثقافة من جديد، وحاولنا بناء الفكرة من الصفر وساعدتنا بعض المنظمات، إحداها قدمت الدعم لإقامة دورة إعداد ممثل استمرت حوالي 3 أشهر، وضمت هذه الدورة حوالي 30 ممثلا هاويا معظمهم من طلاب الجامعات. صحيح أننا بدأنا معهم بمستوى مبتدئ، لكن تجاوبهم جعلنا نقدم لهم مستوى متقدماً، وهؤلاء أصبحوا جزءاً من فرقتنا أو فرق مسرحية أخرى بعد أن أتموا تدريبهم".
وعن المواضيع التي يحاولون تقديمها للناس في ظل الحرب على خشبة المسرح، يشير سرميني إلى أن "الفنان هو ابن بيئته، لا يمكن له أن يتخلى عنها، وكل القضايا التي تقدم اليوم هي قضايا تلامس الواقع الذي نعيشه في الشمال السوري المحرر، ومن أبرز تلك القضايا التي عملنا على تقديمها هي قضية المعتقلين، التي تعتبر ملفاً شائكاً تعاني منه كل عائلة هنا في بيئتنا، وقدمنا عرضاً كذلك يتحدث عن (لماذا قمنا بالثورة)، ويتناول كل الممارسات التي كانت تمارس علينا من قبل السلطة والتي أوصلتنا لأن نقوم بثورة عليها، وقدمناه بطابع كوميدي. ونقوم الآن بتحضير عمل آخر عن المعتقلين، ولكن سنقدمه بزاوية مختلفة عن العمل الأول، وسنقدم عرضاً بعنوان (خبز)، يتحدث عن الانحسار الاقتصادي الذي يعيشه المواطن السوري في أنحاء البلاد كافة، والذي ينعكس على حالة الفقراء بالدرجة الأولى". وينوه سرميني إلى أن أعضاء فرقته معظمهم، تقنيون وفنيون، من المحترفين وأصحاب التجارب المسرحية سابقاً، أي ما قبل الثورة، إلى أن تطعيمهم بعدد من الشبان الذين تم تدريبهم لاحقاً، يأتي في إطار ضخ دماء جديدة في المسرح الإدلبي بشكل عام.
أما ضياء عسّود وهو ممثل مهجّر من ريف دمشق، فقد وصل إلى إدلب وأسس "الفرقة السورية للفنون المسرحية" والتي شكلها من الهواة من أبناء محافظات مختلفة كحمص وحلب وريف دمشق وحماه، بالإضافة إلى إدلب، رغم أنه دخل غمار العمل المسرحي عام 2009.
وقدمت فرقته العديد من العروض، منها مسرحية "طب القاطع"، التي عرضت لأول مرة صيف هذا العام، ويستمر الآن مع أعضائها ببروفات متواصلة تحضيراً لأعمال جديدة، ويعكف كذلك مع أعضاء الفرقة لتصوير مسلسل سيعرض على وسائل التواصل الاجتماعي في رمضان القادم، ويقول عن هذه التجربة لـ "العربي الجديد"، أن "الناس وأهالي الشمال المحرر كان تجاوبهم وتفاعلهم مميزاً مع فكرة إحياء المسرح".
ويضيف حول الصعوبات التي واجهتم في بدء مهمتهم وتأسيس الفرقة، بالقول: "عندما وصلنا إلى هنا قبل أربعة أعوام، كان الوضع سيئاً جداً. فالقصف كان مستمراً ومتواصلاً، والمركز الثقافي ومسرحه كان مغلقاً، وأكثر ما ساعدنا هو إعادة افتتاح المركز الثقافي، ما شجعنا لتأسيس الفرقة والانطلاق، لكن الصعوبات الحالية التي تواجهنا تكمن في عدم وجود دعم للعمل من أي جهة أو هيئة، بالإضافة لعدم وجود نقابة أو مؤسسة نتبع لها كفنانين".
أمّا أحمد الخطاب وهو ممثل مسرحي نشط في هذا المجال قبل الثورة، وأسس مع أصدقاء له فرقة مسرحية في مدينة سراقب بالريف الأوسط من إدلب، فيقدم مقارنة عن حال المسرح في المحافظة بين فترة قبل الثورة وفترة ما بعد انطلاقها، حين أشار في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "العمل المسرحي قبل الثورة كان مقيداً بشكل كبير من الناحية الأمنية أولاً، وتفاعل المجتمع مع الأعمال المسرحية أو المسرح بشكل عام في المقام الثاني. أما بعد الثورة فبإمكانك القول أن مساحة الحرية قد زادت. ولكن لم تصل للسقف المطلوب. فقبل الثورة كان من الممكن العمل على مسرحيات عالمية، أما حالياً فكل عمل يجب أن يكون مرتبطاً بالأوضاع الحالية التي نعيشها ويعانيها المجتمع".
اقــرأ أيضاً
ويشير أحمد إلى أنهم في فرقتهم التابعة لـ "تجمع شباب سراقب"، وضعوا نصب أعينهم تعزيز الوعي المجتمعي مع تقدم عمر الثورة، إذ يقول: "طرحنا عدة مواضيع شعرنا أنه من المهم أن نتكلم فيها، وخاصة بسبب الظروف التي نعيشها، فسلطنا الضوء مثلاً على زواج القاصرات، وعمالة الأطفال، وفوضى السلاح، وأهمية الدراسة والتعليم مهما كانت الظروف، وتطرقنا كذلك للمواضيع السياسية مثل قمع الحريات الذي شهدته الثورة أيضاً للأسف ومارسته بعض الفصائل، أو الأشخاص الذين تسلموا مناصب خلال الثورة، بالإضافة لمواضيع أخرى طرحناها جميعها بقالب كوميدي لتكون أقرب من قلوب الناس".
العديد من الفرق المسرحيَّة عادت لتمارسها نشاطها المسرحي في المحافظة، بأعمال وعروض تستنبط من الواقع فصولها، بالإضافة لولادة فرق جديدة، وإن كان جديد تلك الفرق احتواءها لعناصر من خارج المحافظة نتيجة حملات التهجير الأخيرة التي حطت رحالها بمن حملتهم من المحافظات الأخرى، والذين أحضروا معهم تجاربهم وخبراتهم المتنوعة ومنها المسرح، لتضيف إلى هذا الفن في المحافظة دماءً وأفكاراً جديدة.
وقبل اندلاع الثورة كانت إدلب تملك حوالي خمس فرق مسرحية، مع كوادر فنية وتقنية مسرحية بمستوى جيد، تشارك في المهرجات والفعاليات الثقافية على المستوى السوري. واعتمدت هذه الفرق على كوادر إدلبية خالصة، سواء على مستوى الإخراج والتأليف والممثلين من حيث الجانب الفني. وينسحب الأمر ذاته على الجانب التقني من كوادر الإضاءة والديكور والشكل العام للمسرح. إلا أن المسرح الإدلبي لم يكن ذائع الصيب، شأنه في هذا الجانب، شأن الكثير من المحافظات السورية، كون إدلب والفرق المسرحية الفاعلة فيها، لم تقدم مسرحاً تجارياً طيلة أعوام من نشاطها ودخول المسرح إليها.
إبراهيم سرميني، ممثل ومخرج مسرحي، بدأ عمله ممثلاً قبل حوالي 20 عاماً، وكون خبرة جيدة من خلال مشاركته في العديد من العروض والمهرجانات، ثم أسس فرقته الخاصة التي توقفت أعمالها بسبب الحرب، ليعود ويؤسس فرقة "بيدق" عام 2017 وكانت باكورة أعمالها "سرداب الموت" الذي عرض منتصف العام الحالي على مسرح صالة المركز الثقافي في إدلب.
يقول إبراهيم لـ "العربي الجديد" عن تجربته مع كثيرين لإعادة إحياء المسرح في إدلب من جديد، بأن "المسرح هو حاجة أساسية كالحاجة للماء والهواء وهو يمثل الجزء الأكبر من الثقافة، فالمسرح هو متنفس لكي تستطيع أن ترى القضية الخاصة بك، وتقوم بعرضها وتتفاعل معها من خلال الشخصيات، وتحاول إيجاد الحلول لهذه الشخصيات التي تمثلك بشكل أو بآخر. وإعادة إحياء المسرح أو روح المسرح في إدلب، يعود لأننا، وبعد سنوات من الحرب، نريد أن يعود الناس ليتجمعوا حول الثقافة من جديد، وحاولنا بناء الفكرة من الصفر وساعدتنا بعض المنظمات، إحداها قدمت الدعم لإقامة دورة إعداد ممثل استمرت حوالي 3 أشهر، وضمت هذه الدورة حوالي 30 ممثلا هاويا معظمهم من طلاب الجامعات. صحيح أننا بدأنا معهم بمستوى مبتدئ، لكن تجاوبهم جعلنا نقدم لهم مستوى متقدماً، وهؤلاء أصبحوا جزءاً من فرقتنا أو فرق مسرحية أخرى بعد أن أتموا تدريبهم".
وعن المواضيع التي يحاولون تقديمها للناس في ظل الحرب على خشبة المسرح، يشير سرميني إلى أن "الفنان هو ابن بيئته، لا يمكن له أن يتخلى عنها، وكل القضايا التي تقدم اليوم هي قضايا تلامس الواقع الذي نعيشه في الشمال السوري المحرر، ومن أبرز تلك القضايا التي عملنا على تقديمها هي قضية المعتقلين، التي تعتبر ملفاً شائكاً تعاني منه كل عائلة هنا في بيئتنا، وقدمنا عرضاً كذلك يتحدث عن (لماذا قمنا بالثورة)، ويتناول كل الممارسات التي كانت تمارس علينا من قبل السلطة والتي أوصلتنا لأن نقوم بثورة عليها، وقدمناه بطابع كوميدي. ونقوم الآن بتحضير عمل آخر عن المعتقلين، ولكن سنقدمه بزاوية مختلفة عن العمل الأول، وسنقدم عرضاً بعنوان (خبز)، يتحدث عن الانحسار الاقتصادي الذي يعيشه المواطن السوري في أنحاء البلاد كافة، والذي ينعكس على حالة الفقراء بالدرجة الأولى". وينوه سرميني إلى أن أعضاء فرقته معظمهم، تقنيون وفنيون، من المحترفين وأصحاب التجارب المسرحية سابقاً، أي ما قبل الثورة، إلى أن تطعيمهم بعدد من الشبان الذين تم تدريبهم لاحقاً، يأتي في إطار ضخ دماء جديدة في المسرح الإدلبي بشكل عام.
أما ضياء عسّود وهو ممثل مهجّر من ريف دمشق، فقد وصل إلى إدلب وأسس "الفرقة السورية للفنون المسرحية" والتي شكلها من الهواة من أبناء محافظات مختلفة كحمص وحلب وريف دمشق وحماه، بالإضافة إلى إدلب، رغم أنه دخل غمار العمل المسرحي عام 2009.
وقدمت فرقته العديد من العروض، منها مسرحية "طب القاطع"، التي عرضت لأول مرة صيف هذا العام، ويستمر الآن مع أعضائها ببروفات متواصلة تحضيراً لأعمال جديدة، ويعكف كذلك مع أعضاء الفرقة لتصوير مسلسل سيعرض على وسائل التواصل الاجتماعي في رمضان القادم، ويقول عن هذه التجربة لـ "العربي الجديد"، أن "الناس وأهالي الشمال المحرر كان تجاوبهم وتفاعلهم مميزاً مع فكرة إحياء المسرح".
ويضيف حول الصعوبات التي واجهتم في بدء مهمتهم وتأسيس الفرقة، بالقول: "عندما وصلنا إلى هنا قبل أربعة أعوام، كان الوضع سيئاً جداً. فالقصف كان مستمراً ومتواصلاً، والمركز الثقافي ومسرحه كان مغلقاً، وأكثر ما ساعدنا هو إعادة افتتاح المركز الثقافي، ما شجعنا لتأسيس الفرقة والانطلاق، لكن الصعوبات الحالية التي تواجهنا تكمن في عدم وجود دعم للعمل من أي جهة أو هيئة، بالإضافة لعدم وجود نقابة أو مؤسسة نتبع لها كفنانين".
أمّا أحمد الخطاب وهو ممثل مسرحي نشط في هذا المجال قبل الثورة، وأسس مع أصدقاء له فرقة مسرحية في مدينة سراقب بالريف الأوسط من إدلب، فيقدم مقارنة عن حال المسرح في المحافظة بين فترة قبل الثورة وفترة ما بعد انطلاقها، حين أشار في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "العمل المسرحي قبل الثورة كان مقيداً بشكل كبير من الناحية الأمنية أولاً، وتفاعل المجتمع مع الأعمال المسرحية أو المسرح بشكل عام في المقام الثاني. أما بعد الثورة فبإمكانك القول أن مساحة الحرية قد زادت. ولكن لم تصل للسقف المطلوب. فقبل الثورة كان من الممكن العمل على مسرحيات عالمية، أما حالياً فكل عمل يجب أن يكون مرتبطاً بالأوضاع الحالية التي نعيشها ويعانيها المجتمع".
لكن الخطاب يشيد بالوعي المجتمعي في المرحلة الأخيرة، والذي لمسوه مع محاولاتهم لإحياء حركة المسرح في المحافظة من جديد، حين أشار إلى أن تلك المحاولات "لاقت نجاحاً بسبب زيادة الوعي العام عند الناس، بأهمية المسرح وخاصة خلال الأوضاع التي يمرون فيها، فهم باتوا يعون أن الداء والعلاج متضمن داخل جرعة مسرحية، ولكن حل كل مشكلة يحتاج إلى وعيهم، ما زاد من اهتمامهم في المسرح".
ويشير أحمد إلى أنهم في فرقتهم التابعة لـ "تجمع شباب سراقب"، وضعوا نصب أعينهم تعزيز الوعي المجتمعي مع تقدم عمر الثورة، إذ يقول: "طرحنا عدة مواضيع شعرنا أنه من المهم أن نتكلم فيها، وخاصة بسبب الظروف التي نعيشها، فسلطنا الضوء مثلاً على زواج القاصرات، وعمالة الأطفال، وفوضى السلاح، وأهمية الدراسة والتعليم مهما كانت الظروف، وتطرقنا كذلك للمواضيع السياسية مثل قمع الحريات الذي شهدته الثورة أيضاً للأسف ومارسته بعض الفصائل، أو الأشخاص الذين تسلموا مناصب خلال الثورة، بالإضافة لمواضيع أخرى طرحناها جميعها بقالب كوميدي لتكون أقرب من قلوب الناس".