ويأتي هذا في وقت اقترحت فيه الولايات المتحدة على روسيا أن تتولى مسؤولية إيصال المساعدات الإنسانية جواً في سورية، في حال واصل النظام السوري عرقلة إدخالها للمدن المحاصرة، بينما قالت الأمم المتحدة إن النظام وافق على إدخال مساعدات هذا الشهر إلى 15 منطقة، واعترض على منطقتين.
واتهم المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر، موسكو بعدم احترام التزاماتها، التي أعلنتها خلال لقاء المجموعة الدولية لدعم سورية في مايو/ أيار، لإقناع نظام بشار الأسد بالسماح بتوزيع المساعدات الإنسانية الدولية في سورية.
وقال إن بلاده اقترحت على الروس أن يكونوا مسؤولين عن إيصال المساعدات الإنسانية جواً في سورية، "لأنهم موجودون على الأرض مع وسائل جوية، وهم قادرون على القيام بعمليات مماثلة".
وكانت المجموعة الدولية لدعم سورية قررت في فيينا الشهر الماضي ضرورة البدء بإسقاط المساعدات على المدن المحاصرة من الجو، إذا لم يسمح بدخولها براً بحلول الأول من يونيو/ حزيران. وقد انقضى الموعد النهائي، ولم تبدأ حتى الآن عمليات نقل الأغذية والأدوية جواً، ما دفع الولايات المتحدة لتوجيه انتقادات.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، طلب عدم كشف هويته، إن واشنطن تحاول وضع موسكو "في تحد" مع وعودها بمساعدة المدنيين السوريين المتضررين من الحرب.
من جهتها، قالت الأمم المتحدة إنها طلبت من النظام السوري السماح لها بإيصال مساعدات إنسانية خلال شهر يونيو/ حزيران الجاري إلى 17 منطقة محاصرة، وإنها تلقت موافقته على 15 منها. والمنطقتان اللتان لم تحظيا بموافقة النظام، هما حيّ الوعر في مدينة حمص، والزبداني في ريف دمشق.
وأوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن من بين المناطق التي سمح بإدخال المساعدات إليها براً مدن محاصرة مثل داريا ودوما ومضايا في ريف دمشق.
وأوضح متحدثون دوليون في وقت سابق أن النظام لم يوافق بالنسبة لمنطقتي داريا ودوما، على دخول مواد غذائية إليهما، ووافق فقط على إدخال مساعدات طبية وإمدادات دراسية وحليب للأطفال.
وبالنسبة إلى إلقاء المساعدات جواً في حال تعذر سلوك طريق البر، قال دوجاريك إن "هذا يبقى خياراً، لكن علينا أن نحصل على إذن دمشق".
وأضاف المسؤول الأممي، في مؤتمر صحافي بمقر المنظمة في نيويورك: "قدمنا يوم الخامس من يونيو/حزيران الجاري طلبا كتابيا إلى وزارة الخارجية السورية، شرحنا فيه خطتنا لعمليات النقل الجوي، وليس الإنزال الجوي كملاذ آخر إلى داريا ودوما والمعضمية في ريف دمشق والوعر في حمص"، مشيرا إلى أن "المنظمة تفضّل الطرق البرية لإيصال مساعداتنا للمحاصرين، لأن حمولة الطائرة من المساعدات تساوي حمولة حافلة واحدة"، موضحا أن نقل المساعدات بالمروحيات إلى تلك المناطق المحاصرة سيكون خيارًا أخيرًا في حال تعذّر إيصالها برا.
وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن المنسق الأممي للشؤون الإنسانية طلب من دمشق الرد على الطلب بحلول يوم غد، الجمعة.
وحذر أبو محمد الديراني، من المجلس المحلي في مدينة داريا، في حديث مع "العربي الجديد"، من أن النظام يواصل خداعه في ما يتصل بالمساعدات، معتبرا أن موافقته المزعومة على إدخال مساعدات إلى هذه المنطقة أو تلك، تأتي في سياق المناورة، وفي محاولة منه لامتصاص الضغوط الدولية عليه، متوقعا أن ينكث بعهوده هذه المرة أيضا كما حصل في مرات سابقة.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 600 ألف شخص يعيشون في 19 منطقة محاصرة داخل سورية ثلثاهم محاصرون من جانب قوات النظام، بينما يحاصر الباقين تنظيم "داعش" وفصائل المعارضة، في حين يعيش حوالي أربعة ملايين آخرين في مناطق يصعب الوصول إليها.
وعمدت الأمم المتحدة بالفعل في أوقات سابقة إلى إسقاط مساعدات جوا من ارتفاعات عالية إلى 110 آلاف من السكان في دير الزور، لكن أغلب هذه المساعدات تتلقفها قوات النظام في المدينة، وتوزعها على عائلات المليشيات التي تقاتل إلى جانبها.
إلى ذلك، يتواصل الجدل بشأن توزيع مساعدات إسرائيلية إنسانية دخلت إلى محافظة القنيطرة الحدودية من معبر بلدة العشة، يوم أمس الأربعاء.
وقد دان مجلس المحافظة التابع للحكومة السورية المؤقتة توزيع تلك المساعدات. وقال في بيان له، إن "تلك السلل الغذائية القادمة من العدو الإسرائيلي، تم توزيعها من قبل الخونة والعملاء على المواطنين الأبرياء"، مؤكداً أنه "لن يسكت عن هذا العمل الجبان وسيقدم كل من تورط به إلى دار العدل".
وقال ناشطون إن كميات من المساعدات الإنسانية دخلت إلى ريف القنيطرة الغربي من الجانب الإسرائيلي، تضمنت كميات من السكر والرز وحليب الأطفال وبعض المواد الغذائية الأخرى.
وأوضحوا أن المسؤول عن دخول تلك المساعدات على الأغلب هو فصيل جبهة ثوار سورية التابع للجبهة الجنوبية نظراً لنفوذه الكبير في بلدة العشة ومعبرها مع إسرائيل الذي تم فتحه أخيراً، مشيرين إلى أن استلام المساعدات جرى تحت إشراف مجلس محافظة القنيطرة الذي تم إنشاؤه من قبل هذا الفصيل، وهو غير المجلس الشرعي في المحافظة المرتبط بالحكومة المؤقتة.
وقد جرى توزيع بعض المساعدات على بعض مخيمات النازحين في القنيطرة والتي تعاني أوضاعا إنسانية صعبة، وأكد الناشطون أن معظم الأهالي رفضوا استلام تلك المواد عندما علموا أنها إسرائيلية، وقام بعضهم بإحراقها.