تأتي استقالة حكومة حسان دياب، التي لم يتجاوز عمرها 7 أشهر، لتفتح الباب مجدّدًا أمام أسئلة وسيناريوهات المستقبل، وهو الذي لم يغلق بالأساس منذ أن أعلن عن تشكيلها على خلاف مطالب الجماهير المنتفضة في 17 أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، والتي كانت تنادي بحكومة انتقالية تقودها كفاءات. حتى المسار الدستوري، الذي من المفترض أن يكون محدّدًا وواضح المعالم وفقًا للأطر القانونية المتبعة في حال استقالة الحكومة، فقد يكون أيضًا مفتوحًا على سيناريوهات معقّدة، لا سيّما في ظل حملة الضغوط على نواب البرلمان لتقديم استقالاتهم، بوصفهم جزءًا من المشهد السياسي الذي أوصل البلاد إلى حالتها الراهنة، علمًا أن البرلمان بدوره أيضًا يصبح معطّلًا عند استقالة أكثر من نصف أعضائه.
ويقول المحامي جميل مراد لـ"العربي الجديد" إنّ "استقالة الحكومة اليوم تسقط الهدف من انعقاد جلسة مجلس النواب يوم الخميس، التي كانت معدّة لمساءلة الحكومة عن انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب توصلاً لطرح الثقة بها، وبالتالي فإنّ الاستقالة حققت الهدف الأول، والمساءلة تبقى متاحة، إذ في حال كانت هناك مسؤولية على الوزراء أو أي وزير معين يحاكم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء".
ويلفت مراد إلى أنّ النواب الذين تقدّموا باستقالتهم لا يعتبرون مستقيلين إلا عند تلاوة استقالتهم الخطية في أول جلسة عامة للبرلمان. وعن الحراك السياسي الذي يحصل لتجميع أكبر عدد من استقالات للنواب، يقول مراد إنّ "استقالة النصف زائد واحد تعطّل المجلس، بحيث يفقد قدرته على الاجتماع، وتبقى الإمكانية للدعوة إلى انتخابات فرعية لسدّ النقص أمرا متاحا، ولكن في حال تعطّل المجلس بفعل الاستقالات، بالتزامن مع استقالة الحكومة، نكون أمام سابقة في تاريخ لبنان، وستفتح حتماً المجال أمام الاجتهادات والأعراف الدستورية".
وتقول المحامية جوديت التيني، لـ"العربي الجديد"، إنّ البلاد مع الاستقالة تصبح أمام حكومة تصريف أعمال بالمعنى الضيق، أي تسيير الأعمال العادية اليومية، ويصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائية حتى تشكيل حكومة جديدة ونيلها الثقة.
وتضيف: "عند استقالة الحكومة، يدعو رئيس الجمهورية إلى استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف، علماً أنه لا مهلة زمنية محددة لهذه الدعوة، وعند التسمية، يبدأ رئيس الحكومة المكلف استشارات نيابية لتشكيل الحكومة، الأمر الذي لا يخضع أيضاً لمهلة زمنية محددة، وعلى الحكومة أن تتقدم لمجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها؛ وحتى انتهاء هذا السيناريو القانوني تبقى الحكومة في فترة تصريف الأعمال".
وتلفت التيني إلى أنّ هناك إشكالية حول صلاحية مجلس النواب عند استقالة الحكومة؛ بين من يرى أنه بإمكان البرلمان أن يمارس صلاحياته التشريعية خلال دورة الانعقاد الحكمية، فيما يعارض آخرون ذلك معتبرين أن الانعقاد الحكمي هو فقط لمواكبة الحكومة وينتهي بنيلها الثقة.