المركز الفلسطيني للتراث والثقافة: تحصين الذاكرة.. بوجه النسيان

22 ديسمبر 2014
أعمال يدويّة تراثية (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يحمل الفلسطينيّون اللاجئون في مخيم عين الحلوة، جنوب لبنان، أغراضاً ملموسة وعادات وتقاليد، إنّما حملوا ذكريات لن يمحيها التاريخ. بالإضافة إلى أشياء تتعلّق بحق يأبى النسيان أو الاندثار، كمفاتيح قديمة لمنازلهم، وصكوك الملكية، التزاماً بقناعتهم بأنّ الحفاظ على هذا التراث الفلسطيني، يعتبر شكلاً من أشكال النضال الوطني، ولا يقلّ أهمية عن المقاومة المسلحة.
منذ ثماني سنوات و"المركز الفلسطيني للتراث والثقافة" يفتح أبوابه، ليقدّم كل أنواع التراث الفلسطيني في قالب وطني، هدفه الحفاظ على التراث.

تقول رئيسة المركز عدلة منصور لـ"العربي الجديد": "لقد صار مركز التراث معلماً فلسطينياً، يُقدم أشكالاً مختلفة من التراث، تعبيراً عن التمسك بالنضال". وتتابع: "لقد أسست المركز بجهودٍ فرديةٍ، من أجل الحفاظ على التراث الفلسطيني، لكني وجدت نفسي يوماً بعد يوم أنغمس في كل ما هو جديد، بعدما شعرت بأنّي غير قادرة على تلبية طلبات الناس، وخصوصاً عند كل عدوان إسرائيلي على لبنان أو فلسطين، يزداد الإقبال للتعبير عن التضامن مع اللبنانيين والفلسطينيين".

لفتت منصور إلى أنّ الهدف من إنشاء هذا المعرض لم يكن تجارياً، إنّما لنشر الثقافة والتراث الفلسطيني في قلوب وعقول الأجيال من اللاجئين. وأكبر دليل على ذلك، أنّ أسعار المعروضات مقبولة ورمزية، وباستطاعة أي شخصٍ شراء ما يريد. مؤكّدة أنّهم أحياناً لا يستطيعون تغطية نفقات إيجار المحل ولوازمه، أو حتى دفع رواتب الموظفين. وعلى الرغم من ذلك، هم مصممون على الاستمرار لتحقيق رسالتهم، باعتبار أنّ هذا العمل شكل من أشكال النضال الوطني.

وتضيف عدلة: "هذا المركز لا تزيد مساحته عن 20 متراً مربعاً، لكنّه يحتوي على عشرات القطع من الأشغال اليدوية، والمطرزات والحرفيات والنحاسيات، والحفر على الخشب، وخارطة فلسطين، وصور مكبّرة للمسجد الأقصى والقدس، وقبة الصخرة، وكتب، و"سي دي" به أغان وطنية، إلى جانب صور للقادة والمناضلين الفلسطينيين والعرب.

وتؤكد منصور أنّهم حقّقوا من خلال المعروضات التراثية نقلة نوعية في تغيير عادات الناس وتقاليدها. إذ بدأ البعض يعتمدها كهدايا يقدّمها لمن يزوره، بدلاً من الهدايا العادية، وهي عادة تلقى ترحيباً وسؤالاً عن المكان، فيأتون لشراء المزيد، ويتكرر الأمر.

وأكّدت أنّ الإقبال على المركز ليس مقتصراً على جيل النكبة، الذي يريد المحافظة في منزله على ما يذكّره دائماً بفلسطين الأرض والذكريات، وإنّما على جيل الشباب الصاعد المتحمس، لمعرفة كل ما يتعلق بأرض أجداده وآبائه، والتعرف على التراث والثقافة والحفاظ عليهما، كتعبير عن الانتماء الوطني، وربّما يعود إلى شعوره بأنه لم يقاوم كما فعل آباؤه وأجداده، فتكون هذه وسيلة للتعبير عن الرغبة، في النضال بطريقة مختلفة.

وتختم منصور بالقول: "أمنيتي الحفاظ على هذا المركز قدر المستطاع، وأن أتمكن يوماً من عرضه في فلسطين، كي أعلن على الملأ أنّي حققت هدفي، وضميري مرتاح تجاه قضيتي وشعبي وواجبي الوطني، من دون كلل أو استسلام".
المساهمون