وصف الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، بشار الأسد بأنه هولاكو العصر، لأنه يدمر سورية ويهجّر ويقتل شعبها، معبّراً عن أسفه لعدم قدرته على فتح حدود تونس أمام الشعب السوري، لكنه سيزور الحدود التركية السورية ويدخل المخيمات، ليستضيف أسرة سورية في بيته.
وفيما انتقد المرزوقي دور إيران في دعم بشار الأسد، الذي وصفه بمجرم القرن، واستعداء الدول العربية، تمنى أن تعيد طهران التفكير والنظر بسياستها، "هل تريد الاستمرار بنشر التشيّع وعداء الشعوب العربية، أم تعيش مع جوارها بشكل سلمي آمن؟".
التقى "العربي الجديد" الرئيس المرزوقي بإسطنبول، وطرح عليه تقييمه لتونس بعد مرور خمس سنوات على الثورة، ولماذا عاد للعمل السياسي، عبر تشكيل حزب "تونس الإرادة" بعد التوقف لعام كامل.
هذا نص المقابلة:
* هل نجحت الثورة التونسية وانتقلت إلى الديمقراطية بعد مرور الذكرى الخامسة على انتصارها وهروب الرئيس بن علي؟
** لا يمكننا القول إن الثورة التونسية نجحت، بل تعدينا العقبة الكبرى، لكننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن الأفق الذي حددناه، أي الحرية والكرامة والتشغيل، وربما تراجعنا خطوة، لأن الديمقراطية المزيفة التي تعيشها تونس، هي بناءٌ هشّ، ودخل فيه كثير من المال والإعلام الفاسد، وما زال هناك عمل كثير ينتظرنا لنبني ديمقراطية حقيقية.
* تُكثر من قول: ديمقراطية هشّة ومزيّفة، ما هي ملامح هذه الديمقراطية وخلافها عن مسعاكم الديمقراطي؟
** حقيقة، أشعر بخطر كبير لما آل إليه الحال بتونس، وربما ما سيؤول إليه ببعض بلدان الثورات العربية، فنحن ناضلنا لعشرات السنين من أجل حرية الرأي والتعبير، وما حصلنا عليه باسم الديمقراطية، كان نتيجة التقاء عصابات سياسية تجتمع في أحزاب يمولها المال.
للأسف، دخلنا من أسوأ أبواب الديمقراطية، وهذه ليست مشكلة الأخيرة بذاتها، كما يحاول البعض التكريس والتسويق، بل كانت التجارب سيئة ويجب تحليلها لنعبر إلى تجربة أكثر نضجاً.
وهنا أحذر إخوتي السوريين، وبقية شعوب الثورات العربية من الديمقراطية المزيفة، لأنها قد تكون أسوأ من الاستبداد، لأنها تعطي واجهة للظلم باسم الديمقراطية، وتصويبها باعتقادي بيد الشعوب.
اقرأ أيضاً: المرزوقي: الثورة بحاجة إلى الزمن لتحقق أهدافها
* وهل لهذا السبب عُدتم للعمل السياسي بعد توقف لعام، عبر تأسيس حزب "تونس الإرادة"؟
** عدنا للعمل النضالي عبر تشكيل الحزب، بعد أن أعطينا فرصة لمدة عام كامل لحكم السبسي، ولأن ما أتى بعد الثورة أشبه بالشركات السياسية وليس الأحزاب. وعدنا نتيجة الفراغ السياسي، لأن الشعب التونسي ينتظر حركة سياسية لها برنامج ومصداقية، ولها مبادئ ولا تنطلق من المصالح فحسب، ولهذا كله، أنا مضطر للعودة للنضال والعمل السياسي لوضع تونس على السكة الصحيحة.
* كيف تتوقعون حصتكم بالمشهد السياسي، علماً أن عام 2016 سيكون عام مؤتمرات الأحزاب وفرض الوجود على الأرض؟
** أعتقد أن عملية إعادة رسم المشهد السياسي الآن، ستكون واضحة بعد الانهيار السريع للنظام الذي جاء بالرئيس الباجي قائد السبسي للحكم، وهناك إعادة ترتيب البيت السياسي على قواعد أخرى وجديدة، والشركات السياسية المرتكزة على المال والإعلام الفاسد، ستحاول التموضع من جديد، بعد أن ثبت بالتجربة فشلها، لكني أعتقد أنها لن تعطى فرصة أخرى.
* وهل تعتقد أن الثورات المضادة ستسمح بخلق أجواء ديمقراطية صحية؟
** الثورات المضادة التي قامت بعقل وتفكير إسرائيلي ومال إماراتي - أقول إماراتي على مسؤوليتي - وتنفيذ محلي، كان لديها غرفة عمليات موازية لغرف عمليات الثورات، وحرفت الثورات عبر المال والإعلام الفاسد، الذي نفذ أجندة الثورات المضادة. لذا نحن بصدد إعادة تقييم كل الأخطاء التي ارتكبناها لفهم تلك الاستراتيجية، لنبني ردة فعل لمواجهتها.
ومن جملة ما قمنا به، تأسيس مجلس "الدفاع عن الثورات الديمقراطية العربية"، لتوعية شعوبنا من ذلك المخطط، وسنواجهه لأننا ضمن سياق التاريخ وهم ضد التاريخ وسياقه.
اقرأ أيضاً: حزب المرزوقي ينتقد "وضع اليد في يد جلّاد الأمس"
* ولكن أمام ما يمكن وصفه بالتحريض، ألا يخشى على تونس من انفجار وثورة أخرى؟
** هذا ممكن، ولكن نحن نريد للتطور أن يبقى سلمياً ويبقى في إطار الدستور.
* ما يتعلق بسورية، أعلنتم أخيراً أن الرئيس التونسي السبسي رفض استقبالكم وكنتم تحملون شيئاً يخص سورية، ماذا كنت ستقول للرئيس حول سورية؟
** كنت سأطلب منه فتح تونس للإخوة السوريين، إذ ليس من المعقول أن تغلق تونس حدودها بوجه السوريين. كنت أتطلع لتستقبل تونس ألف عائلة سورية على الأقل، والشعب التونسي مستعد لذلك، وقد استقبل مليوني ليبي في ظروف اقتصادية أسوأ مما هو عليه الآن.
لكن السبسي رفض استقبالي، رغم أن باب مكتبي كان مفتوحاً للجميع وقت كنت رئيساً، والسبسي بالذات استقبلته ثلاث مرات، لذا أنا أعتذر للشعب السوري، وسأزور الحدود والمخيمات وأستقبل أسرة سورية ببيتي، وهذا ما يمكنني فعله الآن، وهذا أضعف الإيمان.
هذا الأمر مطروح أمام جميع الزعماء العرب، هل ستستمرون بغلق حدودكم وعقولكم أمام هذه المأساة وتتصرفون وكأن السوريين سكان المريخ؟ أم ستعترفون أن هذا الشعب عربي.
أيها الحكام العرب: خذوا مسؤوليتكم أمام شعوبكم وتاريخكم.
ما يجري في سورية اليوم، هو ملحمة وحرب حرية بالنيابة، لتحرير 400 مليون عربي.
وما جرى ويجري، من قتل وإبادة وتهجير للشعب السوري، لم يتعرض له أي شعب بالعالم، كما لم يشهد القرن الحالي، مجرماً كبشار الأسد.
كما أن كل قوى الأرض تكاتفت ضد السوريين وثورتهم، لكنها لم تكسر عزيمتهم، ليبقى شعور بالإعجاب هو الغالب، من شعب يبدأ بالبناء منذ الآن، ليقول للأسد ومن يؤيده، أنتم تخربون ونحن نبني، نحن بدأنا البناء وأنتم تدمرون، ستتوقفون عن التدمير لكننا لن نتوقف عن البناء، لأنكم تسوّقون ثقافة الموت وسنبقى نسوّق ثقافة الحياة.
اقرأ أيضاً: وزير الدفاع البريطاني:القصف الروسي يطيل معاناة سوريين