قبيل زيارة ماكرون... المرزوقي لصحيفة فرنسية: خائف مما سيحدث في تونس

28 يناير 2018
المرزوقي: تونس انتقلت من ديكتاتورية فاسدة إلى ديمقراطية فاسدة(Getty)
+ الخط -



يحل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بعد ثلاثة أيام، ضيفاً على تونس، في أول زيارة رسمية له إلى هذا البلد الذي انطلقت منه الثورات العربية، قبل سبع سنوات.

وبهذه المناسبة، أجرت صحيفة "لوجورنال دي ديمانش" لقاء شاملاً مع الرئيس التونسي السابق، منصف المرزوقي، تطرق لزيارة الرئيس ماكرون وللوضع في تونس بعد الثورة، الذي يصفه بأنه "متوقفٌ عن الحركة منذ ثلاث سنوات".

وكان المرزوقي إيجابياً مع زيارة ماكرون، إذ اعتبرها تأتي من أجل "ترسيخ الصداقة بين البلدين. لأن موقف فرنسا كان دائما ودياً وأخوياً". وأشاد كذلك بالزيارات الثلاث للرئيس السابق، فرانسوا هولاند، إلى تونس، معبراً عن الأمل في أن يستمر هذا التقليد.

ولم ير المرزوقي أي مبرر يدفع ماكرون للتطرق إلى التظاهرات الأخيرة: "تونس بلد ذو سيادة، ونحن من يتوجب علينا أن نحلّ مشاكلنا، على الرغم من أننا مستعدون للإنصات إلى نصائح الأصدقاء الجيدين".

وعند سؤاله عن موقفه من التظاهرات، اعتبر الرئيس التونسي السابق أنها "لم تكن مسألة عارضة؛ كانت أول إشارة، وأنا خائف مما يمكن أن يحدث مستقبلاً. الأزمة حقيقيةٌ، والاضطراب عميق".

وأضاف منتقداً الرئيس الحالي: "حتى يتمَّ انتخابُه قام الرئيس الحالي بحملة ديماغوجية، مع كثير من الوعود. فصدّقه الناخبون، ولكنهم اكتشفوا، الآن، أن الماكينة الاقتصادية معطَّلة، والبطالة تتفاقم".

واستعرض الرئيس السابق الوضع الاقتصادي، ورأى أن "معدلات البطالة الحقيقية، وانهيار العملة الوطنية، وارتفاع التضخم تكشف عن حالة البلد". ولم ير المرزوقي في الأفق من بديل مقترَح. كما أنه لا يرى وجوداً لأيّ سياسة اقتصادية حقيقية، ولا لإصلاحات بنيوية. وهو ما يعني أن البلد "متوقف منذ ثلاث سنوات، ولن تكون الأمور أفضل في السنتين القادمتين".

ورأى الرئيس التونسي السابق أن الطبقات الأكثر فقراً هي من سيعاني أكثر. في الوقت الذي يزداد فيه عدد الأثرياء.

واعتبر المرزوقي أنه "لا يمكن أن نَفصل إصلاح الاقتصاد عن إصلاحات أخرى، حول البيروقراطية، أو حول النظامين التعليمي والصحافي اللذين يحتضران". وتأسّف لأن الرئيس الحالي لم ينجز هذه الإصلاحات رغم توفره على كل السلطات.

وعن سبب عدم إنجازه لهذه الإصلاحات أثناء ولايته الرئاسية، قال المرزوقي: "كنا في حالة انتقالية، وكانت مهمتنا الأساسية تتمثل في الانتهاء من إعداد الدستور ثم الدعوة لانتخابات. وفي الوقت نفسه، أنجزنا تشخيصاً للخلل الموجود، وبدأنا في إصلاحات عميقة، لكن البعض، للأسف، قالوا إن القطار التونسي لا يسير بسرعة كافية فقاموا بإخراجه عن سكّته".

وعن حصيلة سبع سنوات من الثورة في تونس، اعتبر المرزوقي أن "هذه الثورة مسار"، متسائلاً عن مختلف المراحل التي عرفتها فرنسا بعد 1789، قبل أن تصل إلى الجمهورية الثالثة.

واعتبر المرزوقي أن تونس "لن تستطيع في غضون سبع سنوات تغيير الذهنيات وبنيات الدولة… كما أنه يجب التخلص من الفساد؛ إحدى أكبر مشاكل البلد"، لأن "تونس انتقلت من ديكتاتورية فاسدة إلى ديمقراطية فاسدة، وهو ما يعيق الاشتغال".

وعن تقرير "مجموعة الأزمات الدولية"، الذي حذّر من انزلاق نحو الاستبداد في تونس، اعتبر المرزوقي أنّ "عقليات رجال السلطة، اليوم، تعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي. ولم يفهموا شيئاً من هذه الثورة الديمقراطية. إذ يعتبرونها قوساً يجب إغلاقه. والنظام الحالي يعتقد، دون شك، أن تونس ستعود إلى نظام يديره رجل قوي. لكنه يخطئ بشكل كامل. فهذا البلد لن يقبل، أبداً، العودة إلى الديكتاتورية".

وفي ما يخصّ القمع أثناء ولايته الرئاسية، شدد المرزوقي على أنه تحت حكمه "لم يوضع في السجن أي صحافي، ولا أي مدوّن. (…) وقد قمت بحظر التعذيب، حتى على الإرهابيين".

ورأى المرزوقي أن الانتخابات البلدية في 6 مايو/أيار القادم "حدثٌ كبيرٌ". كما رفض أن يكشف عن نيته فيما يخص ترشحه في الانتخابات الرئاسية سنة 2019.  

وأخيراً، في ما يخص استطلاعات الرأي التي تمنح الصدارة للرئيس الحالي، السبسي، في انتخابات 2019، أجاب الرئيس المرزوقي، بسخرية: "الجميع يسخر من استطلاعات الرأي في تونس. إضافة إلى أن السبسي سيكون، حينها، في سنّ الثالثة والتسعين. فأي شخص سليم العقل، يمكنه أن يصوّت لشخص في مثل هذه السنّ"؟.

وأضاف أن هذه الاستطلاعات تضعه، أحياناً، في المرتبة الثانية، ورأى أن الأمر مفتعلٌ: "فقط، من أجل تخويف بعض الناخبين، وهي طريقة في مخاطبتهم: حذارِ، فالغول سيعود".

المساهمون