13 يونيو 2020
المرأة المغربية وأشكال النضال
يقوم المقهى الأدبي والثقافي "دار سعيدة" الذي يوجد مقره بمدينة مراكش خلال السنة الجارية بإحياء الذكرى الأربعين لوفاة سعيدة المنبهي، وهي مناضلة شابة كانت تنتمي إلى منظمة "إلى الأمام" توفيت في 11 ديسمبر/ كانون الأول 1977 عن سن الخامسة والعشرين بعدما دخلت في إضراب طويل عن الطعام داخل السجن الذي احتجزت فيه لقضايا تتعلق بالرأي أثناء الفترة التي عرفت في المغرب بـ"سنوات الرصاص".
وفي هذا الإطار، احتضنت "دار سعيدة" يوم السبت الماضي، ندوة ثقافية تحت عنوان المرأة المغربية وأشكال النضال، استضافت من خلالها ثلاثة من أبرز الوجوه النسائية المغربية في مجالات العمل الاجتماعي والسياسي والبحث الأكاديمي، ويتعلق الأمر بكل من الفاعلة الجمعوية عائشة الشنا ونبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد وزعيمة فيدرالية اليسار الديمقراطي بالإضافة إلى الأكاديمية أسماء المرابط.
وخلال هذا النقاش الذي نظمته الشبكة الجمعوية "مبادرة طارق بن زياد" وحضره عدد مهم من المثقفين والمتتبعين وشباب كثر من طلاب الجامعات، استعرضت كل من المتدخلات الثلاث تجربتها الشخصية في النضال من أجل النهوض بوضعية المرأة والمساهمة في تحريرها وتحسين أوضاع عيشها، وكذلك الصعوبات التي واجهتها كل منهن في مجتمع بطريركي يمنح السلطة للرجل ويحرم المرأة من حقوقها الطبيعية في المبادرة المساواة والاختيار الحر.
قصّت عاشة الشنا حكاية لقائها في بداية الستينيات بفتاة حامل بدون زواج لم يتجاوز عمرها 18 سنة تعرضت للطرد من قبل والدتها التي أمرتها بأن تذهب لـ"تفرغ بطنها" في جمعية التخطيط العائلي وأن تتخلص من المولود قبل أن تعود للبيت.
تأثرت الشنا لذلك وتدخلت فورا لدى أفراد عائلة الفتاة لتقنعهم بتقديم الدعم لابنتهم في محنتها. ومن هنا بدأ مشوارها النضالي الذي استمر لما يقرب من 59 سنة وما زال مستمرا والذي كانت أهم محطاته تأسيس جمعية التكافل النسائي للدفاع عن حقوق الأمهات العازبات وخلق مشاريع ربحية تحقق لهن الاستقلال المادي والحصول على مكاسب تشريعية تخول لهن حق تسجيل أطفالهن في سجلات الحالة المدنية بشكل رسمي سنة 2004، إلى جانب مكتسبات أخرى حملتها مدونة الأسرة المغربية الجديدة لسنة 2006 لفئة الأمهات العازبات وللنساء عموما.
هذا المسار النضالي الطويل حول عائشة الشنا إلى شخصية دولية من بين الشخصيات المؤثرة لقيت دعم هيئات عالمية مرموقة وحازت جوائز عديدة، أهمها وسام الشرف من الجمهورية الفرنسية وجائزة أوبيس OPUS التي تعادل في الميدان الجمعوي جائزة نوبل وتبلغ قيمتها مليون دولار.
أما نبيلة منيب فقد استهلت مداخلتها بوصف المشاعر التي خالجتها يوم نصبت أمينة عامة للحزب كأول امرأة تتقلد منصبا من هذا الحجم في المملكة المغربية. مشاعر كان يطغى عليها الإحساس بثقل المسؤولية والرغبة في اغتنام تلك الفرصة للعمل بجد واجتهاد بما فيه صالح المغاربة أجمعين لتجاوز حالة التخلف التي تقبع فيها البلاد على مستويات عدة. وذكرت الأستاذة منيب بالعراقيل التي واجهتها في ميدان السياسة الذي تهيمن عليه "السلطة الذكورية" وإنكار دور المرأة وكفاءاتها وقدرتها على تدبير الشأن العام شأنها في ذلك شأن الرجل. وأكدت الأستاذة على ضرورة اقتحام المرأة بقوة لمجال العمل السياسي من أجل بلوغ إصلاح حقيقي في هذا المجال، وذلك لسبب بسيط وهو أن النساء لا يمكن رشوتهن إلا في حالات نادرة، حسبما جاء على لسان الأستاذة منيب.
وختمت الأستاذة المرابط الندوة بتدخلها الذي تحدثت من خلاله عن اشتغالها بالبحث الأكاديمي حول إشكالية المرأة في الإسلام إلى جانب اشتغالها بمهنة الطب وسعيها للقيام بقراءة إصلاحية للإسلام عموما ولقضية المرأة على وجه الخصوص. ووضحت كيف وضعها ذلك في مجابهة مع ممثلي "الفقه الذكوري" والعراقيل التي تعرضت لها أثناء نضالها من أجل قضايا ترتبط بوضعية المرأة في الإسلام، وأهمها قضية المساواة بين الرجل والمرأة في الإرث وقضية الحجاب، إذ أدت بها الضغوط إلى الاستقالة من منصب رئيسة مركز الدراسات والبحوث حول قضايا النساء في الإسلام الذي يوجد مقره بالرباط والذي ظلت ترأسه منذ 2011 وإلى حين استقالتها منه خلال هذه السنة. لكن ذلك لم يمنعها من نشر أبحاث قيمة في مجال الفقه النسائي ولم يمنعها كذلك من أن تحظى باهتمام محلي ودولي كانت أهم مظاهره حصولها على جائزة المرأة العربية في العلوم الاجتماعية لعام 2013 وتعيينها رئيسة لمجموعة الدراسات والبحث في قضايا النساء في الإسلام الذي يوجد مقره ببرشلونة بين 2008 و2010.
وقد كان الخيط الناظم لما جاءت به المداخلات هو إبراز مكانة العلم للنهوض بأوضاع المرأة وحث المتدخلات جمهور الندوة الشباب الذكور والإناث منهم خصوصاً على الإقبال على القراءة والتكوين الذاتي والانخراط الفعال في ميدان العمل العام السياسي النقابي والجمعوي، إلى جانب ما يتلقونه في الجامعات، لأن خلاص الأجيال الراهنة والمستقبلية لن يتحقق إلا عبر التكوين الأكاديمي الفعال الذي تغذيه الممارسة العملية على أرض الواقع.
وفي هذا الإطار، احتضنت "دار سعيدة" يوم السبت الماضي، ندوة ثقافية تحت عنوان المرأة المغربية وأشكال النضال، استضافت من خلالها ثلاثة من أبرز الوجوه النسائية المغربية في مجالات العمل الاجتماعي والسياسي والبحث الأكاديمي، ويتعلق الأمر بكل من الفاعلة الجمعوية عائشة الشنا ونبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد وزعيمة فيدرالية اليسار الديمقراطي بالإضافة إلى الأكاديمية أسماء المرابط.
وخلال هذا النقاش الذي نظمته الشبكة الجمعوية "مبادرة طارق بن زياد" وحضره عدد مهم من المثقفين والمتتبعين وشباب كثر من طلاب الجامعات، استعرضت كل من المتدخلات الثلاث تجربتها الشخصية في النضال من أجل النهوض بوضعية المرأة والمساهمة في تحريرها وتحسين أوضاع عيشها، وكذلك الصعوبات التي واجهتها كل منهن في مجتمع بطريركي يمنح السلطة للرجل ويحرم المرأة من حقوقها الطبيعية في المبادرة المساواة والاختيار الحر.
قصّت عاشة الشنا حكاية لقائها في بداية الستينيات بفتاة حامل بدون زواج لم يتجاوز عمرها 18 سنة تعرضت للطرد من قبل والدتها التي أمرتها بأن تذهب لـ"تفرغ بطنها" في جمعية التخطيط العائلي وأن تتخلص من المولود قبل أن تعود للبيت.
تأثرت الشنا لذلك وتدخلت فورا لدى أفراد عائلة الفتاة لتقنعهم بتقديم الدعم لابنتهم في محنتها. ومن هنا بدأ مشوارها النضالي الذي استمر لما يقرب من 59 سنة وما زال مستمرا والذي كانت أهم محطاته تأسيس جمعية التكافل النسائي للدفاع عن حقوق الأمهات العازبات وخلق مشاريع ربحية تحقق لهن الاستقلال المادي والحصول على مكاسب تشريعية تخول لهن حق تسجيل أطفالهن في سجلات الحالة المدنية بشكل رسمي سنة 2004، إلى جانب مكتسبات أخرى حملتها مدونة الأسرة المغربية الجديدة لسنة 2006 لفئة الأمهات العازبات وللنساء عموما.
هذا المسار النضالي الطويل حول عائشة الشنا إلى شخصية دولية من بين الشخصيات المؤثرة لقيت دعم هيئات عالمية مرموقة وحازت جوائز عديدة، أهمها وسام الشرف من الجمهورية الفرنسية وجائزة أوبيس OPUS التي تعادل في الميدان الجمعوي جائزة نوبل وتبلغ قيمتها مليون دولار.
أما نبيلة منيب فقد استهلت مداخلتها بوصف المشاعر التي خالجتها يوم نصبت أمينة عامة للحزب كأول امرأة تتقلد منصبا من هذا الحجم في المملكة المغربية. مشاعر كان يطغى عليها الإحساس بثقل المسؤولية والرغبة في اغتنام تلك الفرصة للعمل بجد واجتهاد بما فيه صالح المغاربة أجمعين لتجاوز حالة التخلف التي تقبع فيها البلاد على مستويات عدة. وذكرت الأستاذة منيب بالعراقيل التي واجهتها في ميدان السياسة الذي تهيمن عليه "السلطة الذكورية" وإنكار دور المرأة وكفاءاتها وقدرتها على تدبير الشأن العام شأنها في ذلك شأن الرجل. وأكدت الأستاذة على ضرورة اقتحام المرأة بقوة لمجال العمل السياسي من أجل بلوغ إصلاح حقيقي في هذا المجال، وذلك لسبب بسيط وهو أن النساء لا يمكن رشوتهن إلا في حالات نادرة، حسبما جاء على لسان الأستاذة منيب.
وختمت الأستاذة المرابط الندوة بتدخلها الذي تحدثت من خلاله عن اشتغالها بالبحث الأكاديمي حول إشكالية المرأة في الإسلام إلى جانب اشتغالها بمهنة الطب وسعيها للقيام بقراءة إصلاحية للإسلام عموما ولقضية المرأة على وجه الخصوص. ووضحت كيف وضعها ذلك في مجابهة مع ممثلي "الفقه الذكوري" والعراقيل التي تعرضت لها أثناء نضالها من أجل قضايا ترتبط بوضعية المرأة في الإسلام، وأهمها قضية المساواة بين الرجل والمرأة في الإرث وقضية الحجاب، إذ أدت بها الضغوط إلى الاستقالة من منصب رئيسة مركز الدراسات والبحوث حول قضايا النساء في الإسلام الذي يوجد مقره بالرباط والذي ظلت ترأسه منذ 2011 وإلى حين استقالتها منه خلال هذه السنة. لكن ذلك لم يمنعها من نشر أبحاث قيمة في مجال الفقه النسائي ولم يمنعها كذلك من أن تحظى باهتمام محلي ودولي كانت أهم مظاهره حصولها على جائزة المرأة العربية في العلوم الاجتماعية لعام 2013 وتعيينها رئيسة لمجموعة الدراسات والبحث في قضايا النساء في الإسلام الذي يوجد مقره ببرشلونة بين 2008 و2010.
وقد كان الخيط الناظم لما جاءت به المداخلات هو إبراز مكانة العلم للنهوض بأوضاع المرأة وحث المتدخلات جمهور الندوة الشباب الذكور والإناث منهم خصوصاً على الإقبال على القراءة والتكوين الذاتي والانخراط الفعال في ميدان العمل العام السياسي النقابي والجمعوي، إلى جانب ما يتلقونه في الجامعات، لأن خلاص الأجيال الراهنة والمستقبلية لن يتحقق إلا عبر التكوين الأكاديمي الفعال الذي تغذيه الممارسة العملية على أرض الواقع.