المدارس الأوكرانية تستغني عن الروسية

21 اغسطس 2020
في إحدى المدارس الأوكرانية (فالنتين سبرينشاك/ Getty)
+ الخط -
مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد في أوكرانيا في الأول من سبتمبر/أيلول المقبل، يتخوف سكان البلاد الناطقون باللغة الروسية من تعرّض أبنائهم للمزيد من التهميش، في ظل اعتماد المدارس الروسية اللغة الأوكرانية للتعليم. ولم تتمكّن الرادا العليا (البرلمان الأعلى الأوكراني) من اعتماد مشروع قانون تأجيل هذا الإجراء لمدة ثلاث سنوات.
وتقتضي قوانين التعليم والتعليم المتوسط الأوكرانية الجديدة الانتقال إلى التدريس باللغة الأوكرانية، باستثناء المدارس التي تعتمد إحدى لغات الاتحاد الأوروبي، والتي لن تكون ملزمة بزيادة حصة التدريس بالأوكرانية إلا اعتباراً من الأول من سبتمبر/أيلول عام 2023. في المقابل، يتعين على المدارس التي كانت تعتمد لغات بلدان رابطة الدول المستقلة، بما فيها الروسية، تدريس 80 في المائة من المواد بالأوكرانية، بدءاً من المرحلة الإعدادية خلال العام الدراسي الحالي 2020-2021.
هذا الوضع دفع عدداً من النواب إلى اللجوء إلى المحكمة الدستورية رفضاً للتمييز، وتقديم مشروع قانون لتأجيل تحويل المدارس الروسية إلى اللغة الأوكرانية. واقترح معد مشروع القانون النائب عن حزب "خادم الشعب" الحاكم، مكسيم بوجانسكي، توحيد النهج حيال كل المدارس وبدء زيادة ساعات المواد باللغة الأوكرانية بشكل تدريجي اعتباراً من عام 2023.
وعلى الرغم من أن البرلمان الأعلى الأوكراني كان يعتزم النظر في مشروع القانون في يوليو/تموز الماضي، إلا أنه لم يتم إدراجه على جدول الأعمال، بسبب كثرة أنصار فرض اللغة الأوكرانية أمام مبنى البرلمان.
لجوء واغتراب
التحديثات الحية
في هذا الإطار، يرى رئيس الجالية الروسية في أوكرانيا، قسطنطين شوروف، أن مشروع قانون تأجيل تحويل المدارس الروسية إلى اللغة الأوكرانية كان خدعة من الأساس، معتبراً أنه لم يعد هناك مجال للحديث عن وفاء الدولة الأوكرانية بالتزاماتها أمام 8 ملايين مواطن من أصول روسية.
ويقول شوروف لـ "العربي الجديد": "مشروع قانون ما يسمى بتأجيل تحويل المدارس الروسية إلى اللغة الأوكرانية" من إعداد بوجانسكي هو خدعة، لأنه نفسه صوّت مع كتلة "خادم الشعب" الموالية للرئيس في يناير/كانون الثاني الماضي، لصالح قانون التعليم المتوسط الذي تضمن حكماً تمييزياً بحظر تلقي التعليم المتوسط باللغة الروسية". ويحذّر من أن "محاولة تمرير قوانين جديدة لا تلغي الأحكام التمييزية بالقوانين التي اعتمدت بالتعارض مع دستور أوكرانيا والتزاماتها الدولية، تؤدي حتماً إلى تعميق انقسام المجتمع الأوكراني قومياً ولغوياً".
وحول تأثير تحويل التدريس إلى اللغة الأوكرانية على أبناء الجالية الروسية في أوكرانيا، يقول: "من خلال هذا القرار، تؤكد السلطتان التشريعية والتنفيذية حرماننا من حق تلقي التعليم المتوسط باللغة الأم، أي الروسية، بعدما حُرم الناطقون بالروسية بالفعل من التعلّم بلغتهم في مرحلة التعليم العالي". يضيف أنّه "لم يعد هناك معنى للحديث عن تحمّل الدولة الأوكرانية أي التزامات أمام مواطنيها من أبناء الأقلية القومية".
وفي وقت ينأى الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، بنفسه عن الجدل اللغوي الدائر في البلاد، يرى القيادي في حزب "المنصة المعارضة - من أجل الحياة" الموالي لروسيا، فيكتور مدفيدتشوك، أن الرئيس الجديد يواصل سياسات سلفه، بيترو بوروشينكو، في عدد من الاتجاهات، منتقداً سياسة التوحيد اللغوي والثقافي، ومذكراً بأن أوكرانيا يقطنها أناس من قوميات مختلفة.
وعلى الرغم أن بوروشينكو المعروف بعداوته لروسيا، تمكن قبيل انتهاء ولايته في مايو/أيار عام 2019 من تمرير قانون "اعتماد الأوكرانية لغة رسمية للدولة" لإلزام جميع موظفي القطاع العام باستخدامها خلال أداء مهامهم، إلا أن استطلاعاً للرأي أعده مركز كييف الدولي لعلم الاجتماع أظهر أن غالبية الأوكرانيين لم يشعروا بأي تغيير بعد عام على اعتماد القانون.
ولدى إجابتهم عن سؤال حول زيادة حضور اللغة الأوكرانية في حياتهم، يقول 14.8 في المائة فقط من المستطلعة آراؤهم إنها زادت كثيراً، فيما يقول 23 في المائة إنها ازدادت بصورة طفيفة، في مقابل 52 في المائة لم يلاحظوا أي تغيير من أساسه.
الجريمة والعقاب
التحديثات الحية
وعلى الرغم من ذلك، يقول الخبراء إن القضية اللغوية ليست عامل إزعاج كبير للأوكرانيين. ويلفت المحلل السياسي أوليغ سآكيان، إلى أن المجتمع الأوكراني لا ينقسم إلى القسمين الناطقين بالأوكرانية والروسية. يضيف في تعليق لقناة "أوكرانيا 24": "لدينا بلد ذو لغتين يتحدثهما غالبية السكان. إذا كان الناس يستخدمون الروسية في حياتهم اليومية، فهذا لا يعني أنهم لا يجيدون الأوكرانية التي يعتبرها جميع الأوكرانيين بمثابة لغة الدولة ولغة الهوية السياسية".
وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد"، يعزو الصحافي المتخصّص في الشأن الأوكراني ألكسندر تشالينكو، سعي الأوكرانيين إلى إعلاء لغتهم، إلى كونها تشكل رمزاً لدولتهم، في ظل انعدام أي جوانب أخرى للتمييز بينهم وبين الروس الذين يشاركونهم اعتناق الديانة المسيحية الأرثوذكسية ويتعاملون بالعقلية نفسها.
المساهمون