المخرج السوريّ ممثلاً: أنا هنا

16 اغسطس 2019
مشاركة حاتم علي في "العراب" كانت مُقحمة (Getty)
+ الخط -
تشكّل الجماهيرية التي تصنعها الشاشة التلفزيون حافزاً لدى عدد من المخرجين، للتسويق لأسمائهم. وفي وسط فني كالوسط السوري، الذي تغلب فيه قوة العمل لصالح المخرج، أمام غياب صناعة العمل على اسم البطل. وفي ظل تغييب وجود سينما حقيقية تؤسس لمخرجين أصحاب مدارس في الفن؛ لجأ المخرجون السوريون في بعض الأحيان إلى الظهور في أعمال تلفزيونية أخرجوها على أن يشكّل ظهورهم لمسة فنية خاصة يثبتون فيها ملكيتهم للعمل؛ ما يدفعهم إلى لعب دور تمثيلي يطول أو يقصر حسب نهم المخرج للتمثيل.

يضاف إلى ذلك أن عدداً من مخرجي الدراما السورية، ذوي الشهرة، هم في الأصل ممثلون جرفتهم الأيام للدراما أو حقول فنية أخرى، وهذا ما حدث حين تعثرت الدراما السورية في تصدير نجوم جدد؛ فما كان من رافي وهبي وإياد أبوالشامات إلا أن توجها للكتابة، ورامي حنا وسيف سبيعي إلى الإخراج. لكن ماذا عن أداء المخرجين في التمثيل؟
يطالعنا مثال المخرج حاتم علي في جزأي مسلسل "العرّاب"؛ حيث تحول المشروع بيد علي إلى دراما حرّكها في الجزء الثاني حسب رغباته، فطلب من الكاتب خالد خليفة زيادة مساحة دوره في الجزء الثاني ليتحول من ضيف شرف إلى منافس في البطولة لنجوم العمل. وهذا ما بدا إقحاماً واضحاً من قبل علي لحضوره في التمثيل بعد انقطاعه عن هذا المجال لسنوات طويلة.

من ناحيتها، أطلت المخرجة رشا شربتجي في عدد من أعمالها، خاصة التي اشتهرت فيها داخل سورية، كضيفة شرف بدور مساند للبطل، مؤثر ولكنه غير جوهري في الحكاية. ورغم قلة ظهورها الإعلامي ومشاركتها في برامج تلفزيونية، إلا أن شربتجي فضلّت الظهور في مسلسل "الولادة من الخاصرة"، الذي يعد بوابة واسعة أدخلتها العالم العربي بقوة. لتنتقل بعدها إلى الدراما المشتركة وتغيب خلف الكاميرا في سؤال عن مدى رضاها عما تقدمه من أعمال مشتركة، حتى غابت منذ ست سنوات من دون المشاركة كممثلة في أي عمل أنجزته.

التجارب الجديدة حملت رونقاً مختلفاً، خاصة مع توجه المخرجين السوريين إلى عتبة مسلسلات نتفليكس؛ أي البحث في التوثيق وتخليد الاسم كما يظنون، ما دفع المخرج رامي حنا للظهور في أولى وآخر حلقات مسلسل "الكاتب" بدور طفيف جداً، فلمحناه في الحلقة الأولى يجلس إلى جانب الفنان باسل خياط على أنه مخرج فيلم كتبه البطل (يونس جبران) داخل أحداث المسلسل، ليعود ويطلّ مرة أخرى في الحلقة الأخيرة التي صوّرت قبيل انتهاء رمضان بيومين وأدرجت فيها رسالة مباشرة، حيث يسأل يونس صديقه ممازحاً في المشهد الأخير حول رأيه عن الذين يقولون إنه يسرق من أعمال أخرى في أعماله.

الإطلالة الأحدث جاءت ضمن مسلسل "دولار"، وهي الأكثر مفاجأة كون المخرج سامر البرقاوي هو الأضعف على مواقع التواصل، من دون لقاءات تلفزيونية أو تواصل مباشر مع الجمهور، لكنّ البرقاوي فضل الظهور في الحكاية كنموذج مشابه لرامي، رغم أن العمل صوّر في الحقيقة قبل "الكاتب" بأشهر عديدة. فيقدم البرقاوي دور المخرج أيضاً الذي يصّور مسلسلاً تاريخياً ويشارك الفنانان عادل كرم وأمل بوشوشة بالصدفة في مسلسله لمشهد واحد، حيث بدا سامر على راحته تماماً كأنه خلال العمل مع عدد قليل من الجمل ومحاولة الترميز للمخرج على أنه يميل للجنس اللطيف بشدة وكثير الصراخ ضمن قالب بتقاطع مع طبيعة العمل الكوميدية الخفيفة.

فهل أضاف المخرجون السوريون لظهورهم في الدراما كممثلين؟ أم جاء ذلك كمحاولة لرفع سوية العمل المنجز على وجه السرعة عبر لفت النظر إليهم على أنهم مرتاحون في العمل وراضون عنه للدرجة القصوى التي جعلتهم يمثلون في أعمالهم؟ وهل يقبلون الظهور كممثلين في أعمال يخرجها غيرهم؟
دلالات
المساهمون