المخرجة كارول منصور: خائفة إذا عادت الحياة إلى طبيعتها

28 يونيو 2020
كارول منصور: بيروت مدينة قطط (فرانس برس)
+ الخط -

تشير المخرجة اللبنانية كارول منصور إلى أن "لا شيء تغيّر" في عالمنا بعد أزمة تفشي وباء كورونا (كوفيد-19)، برغم إتاحتها الفرصة لذلك، إذ كانت أشبه بالضغط على زر التوقف للعالم أجمع.

وبينما تلفت في مقابلة أجرتها مع وكالة فرانس عبر تطبيق "زوم"، إلى أنّ العيش في ظل القيود المفروضة لمكافحة الوباء أخذها في أعمالها إلى "البعد الشخصي"، وإلى النظر الى مدينتها بيروت التي "صارت مدينة قطط" بعيون أخرى، تُبقي الباب مفتوحاً أمام الأسئلة عن مستقبل "الكاميرا" والإنتاج السينمائي بعد هذه الأزمة.

وتقول منصور، المقيمة في بيروت، إنّ ما جرى منذ تفشي كوفيد-19 عالمياً يشبه "قيامنا بالضغط على زر التوقّف، مضيفة: "لكنني خائفة جداً مما سيحصل بعدما تعود الحياة إلى طبيعتها"، لأنّ الأزمة "لم تعلّمنا شيئاً على ما يبدو".

وتوضح أنّ "الأنظمة (السياسية) باقية على حالها. انظر ماذا يحصل في أميركا، وفي دول أخرى... أشعر بأننا سنعود سريعاً إلى ما كنا عليه وربما أسوأ"، ما دامت "هناك هيمنة لـ3% من الشعب العالمي، أي الذين يحكموننا" على الكوكب.

وتعتبر المخرجة اللبنانية التي فقدت والدها نتيجة إصابته بالفيروس، وكان يعيش في كندا، أنّ عدم تعلّم شيء هو "أكثر ما يخيف"، مضيفة بلهجة ساخرة: "ربما نظفت السماء قليلاً، وكذلك الأنهر، ولكن إذا لم تغيّرنا أزمة كورونا، فلا أعرف ما قد يؤدي إلى ذلك".

وأنتجت منصور بالتعاون مع موقع "درج" اللبناني الذي يعطي مساحة لقضايا النساء والأقليات والبيئة والتغيّر المناخي، شريطي فيديو قصيرين عن الوباء، أحدهما عن والدها.

وتقول في فيلم "أبي الذي قتله كوفيد-19": "كل يوم نسمع عن أعداد الإصابات وعن ناس ماتوا جراء الإصابة بكورونا، لكن لم أكن لأتخيل في حياتي أن يكون والدي أحد هذه الأرقام".

وفي الفيديو الثاني (كوفيد-يو)، تلقي الضوء على تضارب "مشاعرها وآمالها وهواجسها" في مدينتها بيروت، في ظل القيود التي فرضت لاحتواء فيروس كورونا الجديد.

هل صارت بيروت جميلة؟

و"بيروت بشعة" بالنسبة إلى كارول منصور، "بسبب البناء العشوائي وانتشار المراكز التجارية الضخمة والإصرار على هدم الأبنية القديمة"، لكنها "تغيرت" في ظل أزمة الوباء.

وتضيف: "صرت مثلاً تسير في (شوارعها المزدحمة عادة) كشارع الحمراء، وحيدةً وسط القطط (...) صارت مدينة قطط". وتتساءل: "هل صارت بيروت جميلة، أم أنّ الهدوء جمّلها؟".

وعمّا تغيّر فيها في ظل الأزمة، تؤكد المخرجة اللبنانية ذات الأصول الفلسطينية التي اشتهرت بأفلامها الوثائقية الحائزة جوائز دولية عدّة، آخرها جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان دلهي السينمائي الدولي عن فيلمها "خيوط السرد"، قائلة: "اكتشفت أموراً عن نفسي لم أكن أعرفها من قبل".

ثم تقول ضاحكة: "صرت أتكلم، وهذا ما لاحظه القريبون منّي"، متابعة: "أدركت أنه يمكنني العيش بالملابس نفسها ومن دون الكثير من الأمور المادية، أشتاق فقط الى الأصدقاء والعناق، وكل الباقي يمكن الاستغناء عنه".

خلال فترة الحجر، قررت كارول أن تعدّ فيلماً عن والدتها التي أتت إلى لبنان عام 1948 من مدينة يافا الفلسطينية وتوفيت عام 2015.

وتقول إنّه سيكون "شخصياً جداً أيضاً ويأتي بعد الفيلمين: كوفيد وأنا وبيروت، وكوفيد ووالدي والموت (...) ماذا سأفعل بعد هذه الأفلام؟ لم يبقَ لي أي شيء شخصي أتحدث عنه".

ويتمحور الفيلم حول أحاديث والدتها "عن فلسطين" خلال معاناتها من مرض الزهايمر. "كنت أصوّرها من دون أن أقصد في حينه أن أجمع المقاطع في فيلم".

وعن الأثر الذي قد تخلّفه أزمة الوباء على الإنتاج السينمائي و"الكاميرا" عموماً، تقول كارول منصور: "لا أعرف (...) المسألة مطروحة منذ أصبح التصوير سهلاً مع بروز الهواتف الذكية والكاميرات الصغيرة (...) لكنّ الأصل في القصة والحبكة وليس في مجرد التصوير".

وتبدي اعتقادها بأنّ "السينما كلها ستتغير، فنحن مثلاً لا نعرف متى سنستطيع العودة إلى القاعات" لمشاهدة الأفلام، وهذا يحدث في وقت نتعرّف فيه إلى "طرق جديدة" للعرض والتصوير، مضيفة: "مع "خيوط السرد"، قمنا بعروض عدة عبر "زوم" شارك فيها 350 شخصاً من عشرين دولة، تفرجنا على الفيلم، ثم حصل بعدها نقاش. في هذا المجال، هناك تغيير بالتأكيد".

(فرانس برس)

دلالات
المساهمون