أعربت الهيئة الوطنية لمكافحة المخدرات في العراق، اليوم الأربعاء، عن "قلقها البالغ" من تزايد أنشطة عصابات تهريب المخدرات داخل البلاد، محذرةً من أن آفة المخدرات والمواد ذات التأثير النفسي أصبحت عاملاً آخر يُضاف إلى طرق الموت العديدة، التي تستهدف شريحة الشباب العراقي كل يوم، وتنذر بتخلي البلد عن موقعه ضمن قائمة الدول الفتية، ودماراً آخر يزيد من أعباء الحكومة الجديدة وفقاً لتقرير صدر عن الهيئة.
وأكدت تقارير حديثة لمكتب مكافحة المخدرات التابع للأمم المتحدة، وجود ممرين رئيسيين لدخول المخدرات نحو العراق، الذي تحوَّل إلى مخزن تصدير تستخدمه مافيات المخدرات، مستفيدة من ثغرات واسعة في حدود مفتوحة وغير محروسة مع إيران.
وبيّنت أن العصابات الإيرانية والأفغانية، تستخدم الممر الأول عبر الحدود الشرقية التي تربط العراق مع إيران، أما مافيا تهريب المخدرات من منطقة وسط آسيا فتستخدم الممر الثاني وصولاً إلى أوروبا الشرقية، إضافة إلى الممرات البحرية الواقعة على الخليج العربي الذي يربط دول الخليج بعضها ببعض.
كما حذرت وزارة الصحة العراقية من انتشار تعاطي وإدمان وترويج المخدرات في المحافظات العراقية، ودعت الى إنشاء مصحّات لمعالجة المدمنين، وتأهيلهم والاهتمام بالتنمية البشرية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، الدكتور زياد طارق في تصريحٍ لـ"العربي الجديد" إن الانتشار الملحوظ للمخدرات في المحافظات الجنوبية، والمزارع ومصانع المخدرات التي اكتشفت في العراق فضلاً عما يتم تهريبه من الدول المجاورة، تستدعي تكثيف الجهود في هذا المجال. وأشار في الوقت نفسه إلى ضرورة فتح مركز تخصصي متطور لمعالجة الإدمان في كل محافظة وبالتعاون مع المؤسسات الحكومية المحلية والوطنية، للحد من هذه الظاهرة السلبية في المجتمع العراقي.
وأوضح مدير مستشفى ابن رشد وهو المستشفى الوحيد في العراق لمعالجة حالات الإدمان على المخدرات "إن أعداد المرضى بعد سقوط النظام السابق تزايدت بنسبة 70 في المائة، وأن الوضع العام للإدمان بات أكثر انتشاراً من قبل، وأصبح منظر المراهقين والأطفال في الشوارع أكثر بشاعة، خاصة وهم يقومون بشم مواد مخدرة بدائية عالية السمية، مثل البنزين والتنر وغيرهما. كما بات بعضهم يتعلم كيفية صنع مواد أخرى غير مألوفة تعطي الأثر نفسه، بإرشاد جانحين كبار".
بدورها، أشارت عضوة لجنة الصحة النيابية، غادة الشمري، لـ"العربي الجديد" إلى أن المحافظات الجنوبية كانت شبه خالية من المتعاطين للمخدرات، إلا أنها بدأت بالتزايد تزامناً مع حظر المشروبات الكحولية بعد عام 2003، داعيةً إلى رفع الحظر عن المشروبات الكحولية كون معالجة آثار الإدمان عليها أخف وطأة من معالجة آثار الإدمان على المخدرات، خاصة أن المحافظة تفتقر إلى مركز تخصصي لمعالجة وتأهيل المتعاطين والمدمنين.
وشددت الشمري على ضرورة ضبط وزارة الداخلية العراقية الحدود مع دول الجوار في محاولة للسيطرة على دخول وتعاطي المخدرات، واعتبار فلسفة الدولة والمجتمع والجانب الديني والأسرة والمدرسة من أهم العوامل المساهمة في التصدي لهذه الآفة الخطيرة.
ولفت ضباط أمن عراقيون إلى أن نسبة الجريمة المرتفعة في بغداد، يقف وراء أغلبها متعاطون للمخدرات.
ويقول العقيد سالم حسين الموسوي من شرطة العاصمة لـ"العربي الجديد" إن "انشغال الشرطة وقوى الأمن بالحرب على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" أنعش عصابات الجريمة المنظمة ووسع نشاطها في جرائم تهريب وترويج المخدرات أو السرقة والسطو المسلح".
وبيّن أن "الأسبوع الماضي تمت مصادرة أكثر من 50 كغ من المخدرات على أنواعها في بغداد".
وتواجه بعض المليشيات والأحزاب الدينية اتهامات مباشرة من الشارع العراقي بالوقوف وراء تهريب وتجارة المخدرات التي باتت مصدر دخل مالي لبعضها. وانتشرت حملات توعية دينية في المناطق الفقيرة والعشوائيات، تحذر من خطورة المخدرات وتعاطيها.
إلى ذلك، تشير تقارير طبية عراقية إلى أن أوساط المليشيات الأكثر تعاطياً للمخدرات في البلاد.