وضغطت الجماعات النقابية، والثوار على حدٍ سواء، على تجمع المهنيين السودانيين لسحب ترشيح طه عثمان إسحق، نزولاً عند التزامات التجمع السابقة بعدم المشاركة في السلطة التنفيذية والإبقاء على حضوره ضمن المستويات الرقابية (المجلس التشريعي)، وهو ما أعاد محمد حسن التعايشي مجدداً إلى بورصة الترشيحات بعد سحب اسمه سابقاً. وكانت فدوى عبد الرحمن اعتذرت عن قبول ترشيحها من قبل تجمع المهنيين للمجلس السيادي، احتجاجاً على طريقة استبعاد التعايشي (في وقت سابق)، التي قالت إنها انطوت على محاصصات مناطقية باعتبار أنه يمثّل العنصر العربي في دارفور.
الجدل نفسه انسحب على بعض اختيارات "قوى الحرية والتغيير"، إذ رفض البعض تسمية صديق تاور كافي بسبب انتمائه لحزب "البعث العربي الاشتراكي"، وهو ما حدا بقيادي بارز في "قوى الحرية والتغيير" وحزب "البعث" إلى وصف الأمر بأنه ينطوي على عنصرية.
كما وُجّهت انتقادات كبيرة من قبل نُخب ومثقفين للتمثيل الأقاليمي الذي انتهجته "قوى الحرية والتغيير" في اختياراتها لأعضاء المجلس السيادي، واعتُبرت أنها جاءت من منطلق ردة مناطقية شبيهة بما كان يجري في عهد البشير، بدلاً من الاستناد إلى أن الثورة الحالية تؤسس للسودان الجديد عن طريق الوعي، وهو ما دافعت عنه قوى الثورة بتأكيد توافر عنصر الكفاءة في الشخصيات المختارة، إلى جانب ضرورات ملحّة تتمثل في المساواة والعدالة في الاختيار.
في موازاة ذلك، سادت مخاوف من قلة الخبرة السياسية عند بعض الأعضاء المدنيين في المجلس السيادي، ولكن قيادات في "الحرية والتغيير" قلّلت من أهمية ذلك باعتبار أن جميع المختارين كانوا من المناهضين للبشير، إلى جانب امتلاك صديق تاور كافي، ومحمد الفكي سليمان، ومحمد حسن التعايشي، رصيداً سياسياً غير خافٍ على أحد.
وسيواجه المكوّن المدني في المجلس السيادي، كتلة عسكرية موحّدة وتمتلك خبرة سياسية، وسنداً من عواصم خليجية. ويمثّل رفض الحركات المسلحة في السودان، لاتفاق الفترة الانتقالية، باعتباره امتداداً لمركزية الدولة على حساب الهامش، العقبة الأبرز التي يمكن أن تعصف بالاستقرار، خصوصاً أن هذه الحركات ما تزال تحتفظ بسلاحها وتعتمد عليه.
وفي هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، راشد محمد علي الشيخ، لـ"العربي الجديد"، إن المجلس السيادي يواجه تحديات كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي. داخلياً فإن المجلس في حاجة كبيرة إلى إسناد قرارات مجلس الوزراء، لا سيما في الفترة التي تسبق تشكيل البرلمان (3 أشهر) وهو أمر يتطلب تنسيقاً وتناغماً كبيرين، بحسب الشيخ، الذي يضيف أن التحدي الأبرز للمجلس السيادي خلال الفترة المقبلة يبقى ملف السلام، واستعادة الأصوات المعارضة للمجلس ممثلة في الحركات المسلحة، وإدماج جيوشها في القوات النظامية.
بالنسبة للتحديات الخارجية، قال الشيخ إن قضية إبقاء السودان في قوائم الإرهاب، تظل حجر عثرة أمام جهود البلاد السياسية والاقتصادية في النفاذ إلى العالم وكياناته السياسية ومؤسساته المالية والنقدية، إذ إن استمرار العقوبات على السودان يحدّ كثيرا من فاعلية الخرطوم في المجمعات الإقليمية والدولية.
أما فاطمة محمد الحافظ، وهي ناشطة في الثورة السودانية، فقالت لـ"العربي الجديد" إن أكبر تحدٍ يجابه المجلس السيادي يتمثّل في تلبية تطلعات الشارع، فالكثير من نصوص الوثيقة الدستورية انتقالية ولا تلبي التطلعات لجهة الدولة المدنية. وحذرت من أن أي محاولات للتعايش مع الدولة العميقة التي غرسها النظام السابق في مفاصل المؤسسات المدنية ستقود لا محالة إلى فشل اقتصادي سيكون له تداعيات وخيمة على الثورة السودانية.
أمام هذا الواقع، يأمل السودانيون أن تكون رقابة الشارع، ودعم المجتمع الدولي، ووجود طرفي الأزمة في محك حقيقي، عوامل تحتم عليهما الشراكة لعبور الفترة الانتقالية من دون مشاكل، بما يعيد الاستقرار إلى البلاد التي تعاني من تركة البشير الثقيلة، ومن تخبّط سياسي، في ظل تربص من أعداء الثورة وطامعي الخارج. فمن أهم أعضاء هذا المجلس؟
صديق تاور كافي
مرشح كتلة قوى الإجماع الوطني، عن حزب البعث العربي الاشتراكي، "إقليم كردفان". أستاذ جامعي حاصل على الدكتوراه في الفيزياء، وعضو معهد الفيزياء الدولي البريطاني. مهتم بقضايا السلام والوحدة وحقوق الإنسان، وصاحب إلمام كبير بقضية جبال النوبة وأحد المشاركين الرئيسيين في منبر جنوب كردفان للسلام المستدام. لديه عدد كبير من الدراسات والمقالات الخاصة بالسلام ووقف الحرب، وحقوق الجماعات المحلية، إلى جانب دراسات بيئية.
حسن شيخ إدريس
مرشح كتلة "نداء السودان" للمجلس السيادي عن "إقليم الشرق". قانوني ذائع الصيت، تخرّج من كلية القانون في جامعة الخرطوم، في العام 1972. عمل مساعداً قانونياً في وزارة العدل ووكيلاً في نيابة كسلا شرقي البلاد. عمل لسنوات في السلك القانوني في البحرين وسلطنة عمان، كمستشار قانوني، وعاد للسودان عقب توقيع اتفاقية السلام الشامل نيفاشا عام 2005. إضافة إلى خبراته القانونية، انتُخب شيخ إدريس كنائب برلماني عن دائرة كسلا الغربية.
عائشة موسى
مرشحة كتلة القوى المدنية للمجلس السيادي عن "الإقليم الأوسط". أرملة الشاعر محمد عبد الحي، وهي أستاذة متخصصة في اللغة والأدب الإنكليزي في عدة جامعات سودانية وعربية، وحاصلة على شهادات عليا من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وصاحبة امتياز ترجمة عدة كتب. لا يُعرف عن موسى أي انتماء حزبي، ولكنها معروفة كناشطة في المجال الإنساني والتطوعي، ومدافعة عن حقوق المرأة والطفل، كما شاركت في العديد من التظاهرات ضد عمر البشير.
محمد الفكي سليمان
مرشح التجمّع الاتحادي المعارض عن "الإقليم الشمالي"، وممثل التجمّع في "قوى الحرية والتغيير"، ناشط سياسي وصحافي يعمل في صحيفة "العرب" القطرية، حاصل على ماجستير وبكالوريوس شرف من كلية الدراسات الاقتصادية في جامعة الخرطوم، وله عدد من الكتب. صاحب سجل طويل في مقارعة نظام عمر البشير، وكان عضو المجلس الأربعيني لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم عن رابطة الطلاب الاتحاديين الديمقراطيين، الفصيل الطالبي للحزب الاتحادي الديمقراطي.
محمد حسن التعايشي
مرشح كتلة تجمّع المهنيين السودانيين للمجلس السيادي عن "إقليم دارفور". ناشط سياسي معروف بمعارضة نظام عمر البشير، ورأس لفترة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم عن تحالف القوى الديمقراطية. تخرج من كلية الدراسات الاقتصادية في جامعة الخرطوم. انتمى إلى حزب الأمة القومي بقيادة الصادق المهدي، ثم ما لبث أن تحوّل إلى داعية لإصلاح هياكل ومنظومة الحزب. يقيم في المملكة المتحدة حالياً، وهو مُلم بتعقيدات الأزمة السودانية، وقضية دارفور.
عبد الفتاح البرهان
أسندت إليه رئاسة المجلس السيادي لمدة 21 شهراً، وقبلها شغل منصب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الذي حكم البلاد منذ الإطاحة بعمر البشير. كان ضمن آخر لجنة أمنية شكّلها البشير، للتعامل مع الثورة، بصفته المفتش العام للجيش، ويمتلك سجلاً عسكرياً طويلاً، إذ عمل في جنوب السودان وفي دارفور، كما أشرف على الكتائب السودانية المشاركة في حرب اليمن. لا يُعرف عنه أي انتماء سياسي، لكنه مقرب من المحور الإماراتي-السعودي.
محمد حمدان دقلو (حميدتي)
نائب رئيس المجلس العسكري، وقائد قوات الدعم السريع، والتي تُتهم بفضّ اعتصام القيادة العامة في الخرطوم في 3 يونيو/حزيران الماضي. يحمل رتبة فريق أول على الرغم من عمره (44 عاماً) وعدم تلقيه أي تدريبات في كليات الجيش السوداني. ينحدر من قبيلة "الرزيقات" ذات الأصول العربية في دارفور، وعمل مع قريبه وزعيم القبيلة موسى هلال في قوات حرس الحدود المعروفة بـ"الجنجويد"، ولكنه تمرد لاحقاً عليه واقتاده إلى الخرطوم معتقلاً.
شمس الدين كباشي
رئيس اللجنة السياسية في المجلس العسكري، عرفه السودانيون من خلال إطلالاته الإعلامية الكثيرة بصفته المتحدث باسم العسكري. يظهر لباقة كبيرة في أحاديثه، ويجيد المراوغة في الأسئلة الصعبة، وهو ما يثير حفيظة الإعلاميين والثوار على حدٍ سواء. أطلق مواقف لافتة باسم المجلس العسكري، منها إعلانه رفض إعادة "الإنترنت لأنها مهددة للأمن القومي". إلى جانب عضويته في المجلس العسكري، هو نائب رئيس أركان القوات البرية والتدريب السودانية.
ياسر العطا
نائب رئيس اللجنة السياسية في المجلس العسكري، وصاحب التصريحات الدائمة بأن العسكر لا يبتغون السلطة، وإنما أمن السودان. ينتمي لأسرة عسكرية، فعمه هو الرائد هاشم العطا الذي أعدمه جعفر النميري عام 1971. في عهد البشير، كان لا يخفي استياءه من إدخال عناصر إسلامية إلى الجيش لتمكين النظام. صاحب تاريخ طويل في القوات المسلحة السودانية، فهو نائب قائد القوات البرية، وأسندت إليه مسؤولية مواجهة حركات التمرد في جنوب كردفان.
إبراهيم جابر
وصل إلى المجلس العسكري بعد اعتذار الفريق أول صلاح عبد الخالق بسبب المرض، وتمت ترقيته لرتبة فريق ليشغل منصب رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس في وقتٍ حرج من عمر السودان. يشغل منصب قائد القوات البحرية التي أدى ضباطها دوراً مشهوداً في حماية الثوار الذين كانوا يعتصمون أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم. كان رفيق "حميدتي" في أولى رحلاته إلى القاهرة، حيث أجريا مباحثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.