عرف قطاع الثقافة في الأردن مع نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات حركة نشطة إلى حد كبير، مسألة تدخلت فيها عدة عوامل ثقافية واجتماعية وسياسية، وكانت وزارة الثقافة قد شرعت في تلك الفترة في دعم إصدار المجلات الثقافية المختلفة مثل "أفكار" و"فنون" و"صوت الجيل" و"وسام"، إلا أنه ونتيجة لتبدل السياسات الثقافية المرتبطة بشكل وثيق بالميزانية والتقشف، فقد أوقفت الوزارة إصدار مجلتي "فنون" و"صوت الجيل".
مؤخراَ أعلنت الوزارة عن العودة إلى أصدار المجلتين بعد توقف دام لسنوات، وأوكلت رئاسة تحرير "فنون" للصحافي والفنان حسين نشوان، والذي لديه خبرة طويلة في الصحافة الثقافية. ولكن الوزارة بذلك تتجه إلى خيار تقليدي وربما كان من الأجدر طالما اتخذت هذه الخطوة، التفكير خارج الصندوق والخيارات المتوقعة، وضخ دماء جديدة من الفنانين التشكيليين الشباب لإدارة المجلة وتحريرها وتقديم مغامرة جديدة من نوعها.
فكرة المجلة الثقافية الورقية اليوم تبدو كما لو كانت عودة إلى الوراء
تتناول "فنون" مجالات المسرح والسينما والموسيقى والتشكيل والدراما، ومن المفترض أنها تعود للانطلاق كجزء من مشروع توسيع قاعدة النشر الثقافي وتطوير محتوى المجلات، إلى جانب البدء بخطة الإصدارات الرقمية للمجلات الثقافية، رغم أن ما يمكن توقعه اليوم هو البدء بالرقمي وصرف النظر عن المجلة المطبوعة، خاصة بعد أن كشفت أزمة كوفيد-19 أن مستقبل النشر رقميٌ وبلا منازع.
أما "صوت الجيل" التي تعود للأسباب نفسها، فهي مخصصة لتقديم تجارب الكتابة الجديدة. كما يترافق إطلاق المجلتين مع سياسة جديدة للتوزيع والتسويق، كما أعلنت الوزارة.
رغم أن الخطوة تبدو تشجيعية إلى حد ما، ولكن السؤال فعلاً هو عن جدوى المجلات الثقافية الآن، في عصر الوسائط الرقمية والقنوات الافتراضية ووسائل النشر غير التقليدية، ففكرة المجلة الثقافية اليوم تبدو كما لو كانت عودة إلى الوراء، بل إن حتى فكرة الموقع الإلكتروني اليوم تبدو غير كافية وحدها إن لم تترافق مع شبكة تسويقية وترويجية على مواقع التواصل الاجتماعي تقدم محتوى الفنون البصرية في الأردن بشكل جديد ومغاير.