المجتمعات العربية ترفض "داعش" وسياسات أميركا
وقد نفذ برنامج قياس الرأي العامّ، في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الاستطلاع ميدانيًّا من 9 إلى 25 أكتوبر/تشرين الأول 2014 في سبعة مجتمعات عربية، هي: تونس، ومصر، وفلسطين، والأردن، والسعودية، ولبنان، والعراق، فضلًا عن المُهجّرين واللاجئين السوريين في كلٍ من لبنان، والأردن، وتركيا.
وشمل الاستطلاع 5100 مُستجيبٍ ومستجيبةٍ مُوزعين على المجتمعات الثمانية المُستطلعة ضمن عيّنات ممثلة لتلك المُجتمعات، بالاعتماد على العينة الطبقية العنقودية المتعددة المراحل والموزونة ذاتيًا. وبلغت نسبة الثقة في استطلاع كل مجتمع 95%، بهامش خطأ يتراوح بين 4%.
وتمّ إجراء الاستطلاع هاتفيًا؛ إذ جرى الاعتماد على قاعدة البيانات المؤشر العربي المخزّنة في المركز العربيّ، والمكونة من عينات سُحبت بطريقة العينة الطبقية العنقودية المتعدّدة المراحل الموزونة ذاتيًا، والمزودة بأرقام هواتف المستجيبين. وبذلك، فإنّ هذه العينات التي استُخدمت تمثِّل المناطق الجغرافية لكلِّ بلدٍ من البلدان المستطلعة، وبحسب وزنها بالنسبة إلى عدد السكان.
تأييد واسع للضربات ولبنان أولاً
تؤيد أغلبية الرّأي العامّ في المنطقة العربية الضربات العسكرية الجوية التي يقوم بها التحالف الغربي - العربي ضدّ الجماعات المسلحة المتشدّدة ("داعش" وغيره)؛ بنسبة 59% من المستجيبين. وفي المقابل، عبّر 37% عن معارضتهم، أو معارضتهم بشدّة لها. وجاءت أعلى نسبة تأييد بين المجتمعات المستطلعة في لبنان، وبنسبة 76%، تلتها العراق بنسبة تأييد %75. أمّا أقل نسبة تأييد، فهي في مصر والسعودية.
ويؤيّد نحو ثلثي الرأي العام في البلدان المستطلعة الأهداف المعلنة للحملة العسكرية للتحالف ضد تنظيم "داعش"، في مقابل معارضة ثلثه (32%) أهداف التحالف المعلنة. وكانت أعلى نسبة تأييد في لبنان، وأقل نسبة في فلسطين، ومصر. وعبّر 22% من المستجيبين عن ثقتهم المطلقة بأنّ التحالف ضد تنظيم "داعش" سيحقق أهدافه المعلنة بشكل كامل، و38% يعتقدون أنّ التحالف يستطيع أن يحقق أهدافه جزئياً. في حين أفاد نحو ثلث المستجيبين بأنّ التحالف لن يتمكن من تحقيق أهدافه على الإطلاق. وأعلى نسبة لديها ثقة قطعية كانت في لبنان، وكانت أقل نسبة لديها ثقة في تحقيق التحالف لأهدافه في مصر.
وقد بلغت نسبة التأييد لمشاركة بلدان عربية في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" 61% من المستجيبين (أؤيّد بشدة 26%، أؤيد 35%)، مقابل معارضة 36% لهذه المشاركة. أعلى نسبة تأييد كانت في لبنان 74%، والسعودية %71، وأقل نسبة تأييد كانت في فلسطين، ومصر. وعبّر نحو نصف المستجيبين (45%) عن "رفضهم القطعي" بأن تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها من الغرب بإرسال قوات برية للمساعدة في مواجهة تنظيم "داعش"، مقابل 31% أفادوا أنهم "يؤيدون بالتأكيد" ذلك.
ويعد الرأي العام اللبناني والتونسي من أكثر المؤيدين "وبشكلٍ قطعي"، لأن تقوم الولايات المتحدة، وحلفاؤها من الغرب، بإرسال قوات برية للمساعدة في مواجهة تنظيم "داعش". في حين أنّ أعلى نسب معارضة لذلك كانت بين مستجيبي مصر %63، والعراق 49%، والأردن 47%، وبين اللاجئين السوريين 43%.
وعبّر 40% من المستجيبين عن تأييدهم الجازم إرسال قوات برية عربية لمواجهة تنظيم "داعش"، في مقابل 36% عبّروا عن رفضهم القاطع لإرسال قوات برية عربية، فيما أفاد 20% أنه "ربما" يجب على البلدان العربية المشاركة في التحالف إرسال قوات برية.
وإنّ أكثرية الرأي العام اللبناني والسعودي والتونسي أيدت إرسال قوات برية عربية، في حين أنّ أعلى نسبة معارضة لهذا الأمر، كانت في العراق (46%)، تلتها فلسطين (44%)، ومصر (43%).
وتنبع مخاوف الرأي العام في المنطقة العربية بخصوص الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" من عدّة قضايا، إلّا أن أهمها ترتكز على الخوف من "التدخل الأجنبي" و"انتشار الحرب وتوسعها في الإقليم"، بنسبة 14% لكل منهما، والخوف من "أن تتطور الحرب لتصبح حربًا ضد الإسلام"، بنسبة 11% من المستجيبين. كما عبّر المستجيبون عن مخاوفهم من أنّ هذه الحرب ستؤدي إلى" تدهور الوضع الاقتصادي" وعن مخاوفهم من "أن يطول أمد هذه الحرب" بنسبة %11 لكل منهما.
ووافق 31% من الرأي العام في المنطقة العربية على أنّ الولايات المتحدة هي المستفيد الأكبر من الحملة العسكرية ضد تنظيم "داعش"، تليها إسرائيل (27%)، ثم إيران (14%). في حين أفاد 10% من المستجيبين أنّ المستفيد الأكبر هو النظام السوري، وأفاد 5% أنّ النظام العراقي هو المستفيد الأكبر من الحملة العسكرية.
وأفاد 3% فقط من الرأي العام بأنّ بلدانهم هي المستفيد الأكبر من الحملة العسكرية للتحالف الدولي ضد داعش.
%28 من الرأي العام في المنطقة يرون أنّ إسرائيل هي مصدر التهديد الأكبر على أمن العالم العربي واستقراره، تليها الولايات المتحدة بنسبة 21%، وإيران بنسبة 17%، والتنظيمات الإسلامية المسلحة بنسبة 13%.
ركز المستجيبون في كل فلسطين ومصر ولبنان والأردن والعراق على أنّ إسرائيل والولايات المتحدة يمثلان أكبرَ تهديدٍ لأمن العالم العربي. في حين ذُكرت إيران كأكثر تهديد لأمن العالم العربي بنسب مرتفعة لدى المستجيبين من السعودية، واللاجئين السوريين، ومصر، والأردن.
ويقيّم الرأي العام العربي السياسة الخارجية الأميركية تجاه المنطقة العربية بالسلبية؛ إذ أفاد 73% أنّها سلبية (58% سلبية، و15% سلبية إلى حدٍ ما)، مقابل 20% أفادوا أنّها إيجابية (8% إيجابية، و12% إيجابية إلى حدٍ ما).
وقيّمت أغلبية المستجيبين في كلّ مجتمعٍ من المجتمعات المستطلعة السياسة الأميركية بالسلبية، وبشبهِ إجماعٍ بين الرأي العام المصري واللبناني واللاجئين السوريين. في حين أنّ أكثر المجتمعات التي قيّمت سياسات الولايات المتحدة بالإيجابية كانت السعودية وتونس.
وأفاد 36% من المستجيبين أنّ أهم قرارٍ يجب أن تأخذه الولايات المتحدة لتحسِّن نظرتهم تجاهها هو "وقفها دعم إسرائيل ماديًا وعسكريًا"، وكان القرار الثاني هو "العمل على إيجاد حلٍّ للأزمة السوريّة بما يتلاءم مع تطلعات الشعب السوري" وبنسبة 18%. وأفاد 14% منهم أنّ "عدم تدخل الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية لبلدانهم" من شأنه أن يحسِّن نظرتهم تجاه الولايات المتحدة.
وتظهر النتائج أنّ 35% من المستجيبين أفادوا بأنهم يتابعون، بشكل دائم، التطورات المتعلقة بتنظيم "داعش"، و40% أفادوا بأنهم يتابعون، أحيانًا، و13% يتابعون نادرًا، مقابل 11% أفادوا أنهم لا يتابعون على الإطلاق.
وعبّر 63% من الرأي العام في البلدان المستطلعة آراؤها عن أنّ تنظيم "داعش" يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الوطني لبلدانهم، في مقابل 33% عبّروا عن أنه لا يمثل تهديدًا مباشرًا لبلدانهم.
وتوافقت أغلبية المستجيبين في كلٍ من لبنان، وتونس، والعراق، وبين اللاجئين السوريين، على أنّ تنظيم "داعش" يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن بلدانهم، في حين أنّ هنالك شبه انقسامٍ في كلٍ من الرأي العام السعودي والأردني إزاء هذا الموضوع. في حين أفادت أغلبية المصريين (63%) والفلسطينيين (53%) أنّ "داعش" لا يمثل مصدر تهديدٍ لأمن بلدهم.
ويرى 20% من الرأي العام في المنطقة العربية أنّ تنظيم "داعش" هو نتاج المنطقة ومجتمعاتها وصراعاتها، في حين أفاد %69 أنّ التنظيم هو صناعة خارجية، وذلك عند سؤال المستجيبين عن أي من العبارتين السابقتين هي الأقرب منهما لوجهة نظرهم. ولا يتفق 7% من المستجيبين مع كلتا العبارتين.
وعبّر 85% من المستجيبين عن أنّ نظرتهم تجاه تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" هي نظرة سلبية وسلبية إلى حدٍ ما، مقابل %11 أفادوا أنّ نظرتهم إيجابية وإيجابية إلى حدٍ ما.
وأظهرت النتائج أنّ أعلى نسبة للمجتمعات المستطلعة التي عبّرت عن نظرتها السلبية أو السلبية إلى حدٍ ما تجاه تنظيم "داعش" كانت في لبنان، ثم العراق، والأردن، ومصر، والسعودية، وتونس، واللاجئين السوريين، وفلسطين.
وأفاد 15% من المستجيبين بأنّ "الإنجاز العسكري لتنظيم الدولة الإسلامية" هو العامل الأكثر أهميةً في وجود شعبية ونفوذ لهذا التنظيم بين مؤيديه، في حين أنّ 14% أفادوا بأنّ "إعلان التنظيم الخلافة الإسلامية" هو العامل الأكثر أهميةً في شعبية "داعش" بين مؤيديه.