تحفظ وزير المالية المصري، عمرو الجارحي، على ضم أموال الصناديق والحسابات الخاصة إلى الموازنة العامة، بدعوى أنها لن تُساهم في حل أزمة ارتفاع العجز بها.
وتعد الصناديق الخاصة أوعية موازية في الوزارات والهيئات العامة، وتنشأ بقرارات جمهورية، لتستقبل حصيلة الخدمات، والغرامات، وغيرها من الموارد، ولا تدخل إلى خزينة الدولة، أو تخضع لموازنتها العامة، أو لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ومجلس النواب.
واعترف الجارحي أمام اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، الأربعاء، بوجود تجاوزات وفساد في عدد من الصناديق، إلا أنه لا يجب تعميمها، بحد قوله، مشيراً إلى أن عدد الصناديق والحسابات الخاصة بلغ 7062 في الدولة بالعملتين المحلية والأجنبية، ووصلت أرصدتها حتى 31 أغسطس/ آب الماضي (قبل تحرير سعر الصرف) نحو 52.7 مليار جنيه.
بدوره، قال نائب وزير المالية، محمد مُعيط، إن "حجم الصناديق الخاصة الحقيقي يحتاج إلى بحث دقيق، وإن الأرقام السابقة هي التي استطاعت الوزارة حصرها"، محذراً من تحويل أجور ورواتب العاملين بالدولة من الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة لتداعياته على زيادة أعبائها.
وأشار مُعيط إلى أن قرار وزارة المالية الأخير بإغلاق 60 حساباً حكومياً ونقلها إلى حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزي جاء بهدف إغلاق أبواب الفساد، وإلغاء الحسابات الورقية، وتحويلها إلى النظام الإلكتروني، وتوقف إصدار أي شيكات ورقية من جهات مثل الضرائب والجمارك.
وأعلن رئيس اللجنة البرلمانية، علي المصيلحي، تشكيل 4 مجموعات عمل من أعضاء اللجنة، لحصر الصناديق والحسابات الخاصة بالوزارات والجهات الحكومية، وعرضها على النواب لاتخاذ اللازم حيالها، بعد دراسة دقيقة ومستفيضة.
من جهته، قال رئيس قطاع الموازنة العامة بوزارة المالية، محمد عبدالفتاح، إن الموارد المقدرة للصناديق الخاصة بموازنة السنة المالية الجارية بلغت 23.1 مليار جنيه، بخلاف 61 ملياراً مخصصة لصالح صندوق الإسكان الاجتماعي، منوهاً إلى أن الصناديق التي رصدتها الوزارة قاصرة على 10 وزارات و25 محافظة و8 جامعات و15 هيئة.
فساد خفي
وأوضح عبدالفتاح، أنه بدراسة طبيعة هذه الأرصدة تبين أن عدد الصناديق الخاصة داخل إطارها الصحيح بلغ نحو 3699 حساباً، بإجمالي رصيد يناهز 22.2 مليار جنيه، وأن عدد الحسابات التي تخرج عن مفهوم الحسابات والصناديق الخاصة، والتي شُكلت على أساسه، بلغت 3363 حساباً بواقع 30.5 ملياراً.
وشدد عبدالفتاح، على ضرورة تقنين أوضاع العمالة المتعاقد معها على الصناديق والحسابات الخاصة، والوحدات ذات الطابع الخاص، بنقل تعاقداتهم إلى أجور الموسميين بالباب الأول للأجور، وتثبيتهم في وظائف دائمة بفصل مستقل، بما يضمن استقرارهم الأسري والوظيفي، إذ بلغ عدد العمالة المتعاقدة على تلك الصناديق نحو 260 ألفاً.
ولفت إلى تخصيص متوسط رواتب بإجمالي 6.5 مليارات جنيه لهؤلاء العمال، حيث تتراوح رواتبهم ما بين 1200 إلى 5 آلاف جنيه، ورأى أن الدولة ستكون، في حال ضم الصناديق للموازنة، مُلزمة بدفع رواتبهم الشهرية، مع احتمال تقاعس القائمين على الصناديق في تحصيل إيراداتها، ما يرهق كاهل الموازنة بأعباء مالية إضافية.
أرصدة مدينة
وكشف عبدالفتاح، أن أرصدة العديد من الصناديق والحسابات الخاصة إما "صفر أو بالسالب (سحب على المكشوف)، وعليها مديونيات ضخمة لبنك الاستثمار القومي، ومنها صناديق الإسكان الاقتصادي في بعض المحافظات، ولا يمكن ضمها بما عليها من التزامات إلى الموازنة.
وأوصت وزارة المالية، في تقريرها المعروض على اللجنة، باستصدار تشريع، على غرار ما صدر في قانون اعتماد الموازنة رقم (27) لسنة 2012، يقضي بوضع 25% من الأرصدة المحققة لتلك الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص في الشهر السادس من كل عام في الخزانة العامة للدولة.
حصر الصناديق
وطالبت المالية المصرية كذلك بتشكيل مجموعات عمل تتولى كل مجموعة في نطاق اختصاصها، حصر أعداد كل الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص الأساسية أو المنبثقة منها، والوقوف على الأسانيد القانونية المنشئة لها، ولوائحها المالية المنظمة للصرف والتحصيل، وأرصدتها، وتحديد المنشأ منها خارج الموازنة العامة أو داخلها.
وأشار التقرير إلى أن مجموعات العمل تهدف للوقوف على مشروعية وقانونية كل منها، وأرصدتها الحقيقية، وكيفية الصرف منها، والطريقة المثلى لكيفية التصرف في تلك الأموال، وتحديد مدى الحاجة إلى استمرار هذه الحسابات من عدمه.