ما إن بدأ الطلاب التونسيّون رحلة البحث عن شقق للإيجار، استعداداً للموسم الدراسي، حتى اصطدموا بارتفاع أسعار الإيجار، في ظل توافد آلاف الليبيين الهاربين من الحرب في بلادهم إلى تونس.
وقال نائب منظمة الدفاع عن المستهلك، سليم سعد الله، لـ "العربي الجديد"، إن "بدلات الإيجار تجاوزت الألف دينار في الشهر (حوالى 800 دولار)"، لافتاً إلى أن "استقرار حوالى مليوني ليبي في تونس منذ عام 2011 أدّى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير". واستقرت معظم العائلات الليبية في المناطق الساحلية، وخصوصاً جربة، وسوسة، والمنستير، وصولاً إلى العاصمة وبنزرت. وشهدت هذه المناطق ارتفاعاً في أسعار إيجار الشقق المفروشة بنسبة 250 في المئة.
واقعٌ دفع بالتونسيّين إلى التذمر. يقول الطالب في كلية الحقوق والعلوم السياسية، محمد أمين، لـ "العربي الجديد"، إنه اعتاد السكن في مدينة أريانة قرب كلّيته، مشيراً إلى أنه خلال بحثه عن منزل صغير، لاحظ أن أسعار الشقق ارتفعت بشكل كبير خلال هذه الفترة بالمقارنة مع العام الماضي، لافتاً إلى أن "النسبة تجاوزت الخمسين في المئة".
من جهتها، تقول منية الرحيمي، إن "صاحب البيت في حي باردو زاد الإيجار خلال السنتين الأخيرتين من 350 ديناراً (200 دولار) إلى 700 دينار (400 دولار)". وتضيف أنها تبحث منذ أكثر من أسبوعين عن شقة أخرى. "لكن يبدو أن الأمر لن يكون سهلاً على الإطلاق في ظل الارتفاع غير المدروس للأسعار"، لافتة إلى أن "أصحاب المنازل باتوا يفضلون تأجيرها للّيبيين لتحقيق الأرباح".
وحدهم التجار وأصحاب الشقق السكنية فرحوا ربما بتوافد آلاف اللّيبيين إلى بلادهم، باعتبار أن ذلك سيساهم في إنعاش الحركة الاقتصادية. في المقابل، يشكو المواطنون احتكار الليبيين الشقق الفاخرة، في ظل قدرتهم على دفع مبالغ مالية كبيرة.
ويُشير هشام الراجح، وهو مالك شقة، إلى أنه بات يفضّل تأجير شقته إلى عائلة ليبية، بسبب قدرتها على دفع إيجار مرتفع انطلاقاً من حاجتها إلى بيت يأويها، وخصوصاً إذا طالت فترة إقامتها في تونس.
بدوره، يقول منير وهو مالك شقة مفروشة، إن "بدل إيجار شقته في الليلة الواحدة يصل إلى 150 ديناراً (100 دولار)، وهو رقم يعجز غالبية التونسيين عن دفعه، بعكس الليبيين الذين تدفعهم الحاجة إلى القبول".
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الإحصائيات الرسمية تقول إن "حوالى 23 في المئة من التونسيين ليس لديهم مأوى". واقع يؤشّر إلى أزمة حقيقية ستعيشها البلاد في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار وغياب الرقابة.