اللاجئون السوريّون يرفضون "الرئاسيات": الانتخابات لا تمثّلنا

31 مايو 2014
الانتخابات تعني تفويض النظام باستمرار قتل الشعب(جوزيف عيد/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
يستعدّ النظام السوري، في الثالث من يونيو/ حزيران المقبل، للبدء بالانتخابات الرئاسية في سورية، بعدما بدأت سفاراته بتنظيم عملية الانتخاب للسوريين المقيمين في الخارج داخل الدول التي سمحت بإجراء الانتخابات على أراضيها.
يجري النظام انتخاباته فيما تنزف البلاد دماً من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، وفي الوقت الذي يوجد فيه الملايين من السوريين خارج البلاد بعدما شردتهم آلة قتل النظام وحولتهم إلى لاجئين في مخيمات دول الجوار.
هؤلاء لا يأبهون لهذه الانتخابات، ويؤكدون أنها لا تمثلهم، ولا سيما أن نتائجها محسومة سلفاً لصالح الرئيس السوري، بشار الأسد.

في مخيمات اللجوء التركية، التي تجاوز عدد قاطنيها من السوريين الـ250 ألفاً، حسبما أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التابعة لرئاسة الوزراء التركية أخيراً، لا يعلّق الكثير من اللاجئين آمالاً كبرى على هذه الانتخابات. يبدون غير آبهين إلا بظروف لجوئهم الصعبة ومصيرهم المعلق حتى إشعار آخر.
أبو أحمد (54 سنة)، لاجئ سوري من حماه، يقيم حالياً في مخيم نزيب، في مدينة غازي عنتاب التركية، يصف هذه الانتخابات بالكاذبة. وبعد حديثه عن ظروف مغادرته الصعبة لمدينته، يقول لـ"العربي الجديد": "لم نعتد الصدق من النظام في أي شيء حتى نصدقه الآن". ويضيف: "أنا هنا منذ سنتين مع عائلتي في المخيم بسبب إجرامه وانتهاكه لأبسط حق من حقوقنا، وهو حق الحياة. لذلك أجد أنه من المضحك أن يقوم مَن دمّر بلده وشرّد شعبه بإجراء انتخابات نزيهة وديموقراطية".
ويتابع أبو أحمد: "لم ننس بعد ما فعله والده حافظ الأسد في مدينة حماه في الثمانينات. إنهم عائلة مجرمة بالوراثة. ولا يهمهم كم تأذى السوريون من أفعالهم، بدليل أن بشار بعد ثلاث سنوات من القتل والتدمير يجري انتخابات سيفوز هو بها دون أن يكترث لما حل بنا".

ويتشارك إياد (27 سنة)، وهو الشاب السوري الهارب من بصر الحرير في مدينة درعا، الرأي ذاته مع أبو أحمد. يؤكد أنه "من المستحيل أن يقوم أهالي قريته بانتخاب الجزار الذي حلّل دماء الثوار والمدنيين". ويضيف: "ثلاث سنوات من الحرب مع نظام يقوم على الكذب لن نقبل أن تذهب هدراً". وشدد إياد بنبرة ساخرة على أن "التجربة والتكرار خير دليل وبرهان. ومَن يصدق هذه الانتخابات ويعتبرها شرعية سيكون كالأبله الذي يقع مراراً في الحفرة ذاتها".

لا تختلف آراء سكان مخيم سليمان شاه في غازي عنتاب كثيراً. يرى يزن (36 سنة)، القادم من حلب، "أن هذه الانتخابات هي بمثابة امتداد لسلسة الاستبداد والديكتاتورية التي انتهجها النظام منذ 40 سنة. وهي مجبولة بالدم السوري". ويضيف: "أنا شخصياً، وحتى ولو كنت في سورية، أرفض انتخاب مجرم يده ملطخة بدماء السوريين".

ولا يبدو أن اللاجئين السوريين في مختلف دول الجوار متحمسون لفكرة الانتخابات التي ينظمها النظام السوري بشروطه وعلى مقاسه.

نايف (52 سنة)، لاجئ سوري من البوكمال، يقيم في مخيم العبيدي في مدينة القائم العراقية، اعتبر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذه الانتخابات هي "من أكبر المهازل في تاريخ سورية السياسي". يقول نايف إنه لم يكن يتوقع "أن يكون النظام على درجة من الوقاحة لأن يجري انتخابات رئاسية في بلد تحوّل معظمه إلى أكوام من الحجارة، ومات من شعبه أكثر من نصف مليون مواطن حتى الآن بسبب وحشية هذا النظام وإجرامه".

ويضيف نايف أن "ما يؤلم أن النظام لا يأبه لحجم الدمار البشري والمادي الذي لحق بنا. وهو بهذه الانتخابات يوجّه رسالة للسوريين جميعاً، بأني باقٍ في الحكم، ولا يهمه مَن مات وما الذي دُمِّر في البلد. المهم أن يبقى على رأس الحكم حتى لو مُسحت سورية من الخارطة نهائياً".

في لبنان أيضاً يُجمع معظم اللاجئين السوريين على عبثية هذه الانتخابات المعروفة نتائجها مسبقاً.
حسن (31 سنة)، لاجئ سوري يقيم في مجدل عنجر، في البقاع اللبناني، وهو من مدينة القصير في محافظة حمص السورية التي تعرضت لأعنف اجتياح عسكري من قبل قوات النظام مدعومة بمقاتلين من حزب الله. يقول لـ"العربي الجديد"، عبر "السكايب": "إن هذه الانتخابات غير ممثلة للشعب السوري، لأن مَن سيشارك فيها هم من أنصار النظام السوري فقط. وحتى المرشحين الباقين هم ممّن وافق النظام عليهم لتكتمل هذه المسرحية الانتخابية الهزلية".
ويشير حسن الى أن هذه الانتخابات "تجري في ظروف الصراع المسلح، وتفتقر الى الحد الأدنى من المعايير الدولية، بالإضافة إلى أن إجراء الانتخابات في هذا التوقيت لن يجعلها مراقبة من جهات محايدة، وبالتالي لن تكون نزيهة".

من جهتها، تعتقد أم زياد (37 سنة)، سورية تقيم في مخيم المرج في لبنان، أن هذه الانتخابات ستعمّق الأزمة السورية أكثر ممّا سبق. بالنسبة إليها "هذه الانتخابات تعني زيادة عنف النظام وتفويضه باستمرار قتل وقمع الشعب السوري، وستزيد من تدهور الأمن والاستقرار في سورية، لأنها ألغت أي مجال لوجود حل سياسي ينهي الأزمة والعنف الدائر في سورية"، على حد قولها.
في المقابل، يمتلك حسان (29 سنة)، رأياً مغايراً. ويرى الشاب المقيم في مخيم بر إلياس، أن هذه الانتخابات قد تشكل الممر للمرحلة الانتقالية التي من شأنها إعادة الأمن لسورية. يشرح وجهة نظره قائلاً: "أوضاعنا في المخيمات صعبة جداً، وأنا أريد أن أعود لبلدي بأي شكل كان. لم يعد يهمني مَن يحكم البلد. المهم أن ننتهي من التشرد والبؤس والحرمان الذي لحق بنا بسبب الحرب الدائرة في سورية".
بدورها، تصف أم إبراهيم (44 سنة)، حياتها في أحد المخيمات العشوائية في بعلبك بالكارثية، قائلة: "إذا كانت هذه الانتخابات ستعيدني لأرضي وبيتي فلا مانع لدي".
وتضيف بحزن: "أنا لست مع إجرام النظام وممارساته التي اضطرتنا للهرب بأرواحنا، ولكن في المقابل لم أعد أحتمل قساوة الحياة في المخيمات. بالنسبة لي الحياة في خيم الزراعة البدائية أرحم عندي مليون مرة من العيش في خيم اللجوء والاغتراب".

أما أبو لؤي (45 سنة)، من مخيم الزعتري في الأردن، فأكد لـ"العربي الجديد"، عبر "السكايب"، أن ما يجري مسرحية مضحكة مبكية في الوقت نفسه. يقول: "يريدون منّا أن ننتخب قاتل أطفالنا ومدمر بيوتنا"، معتبراً أن هذه الانتخابات "هي مؤامرة على الشعب السوري يشارك فيها المجتمع الدولي للسماح لبشار الأسد بالبقاء في السلطة". ويضيف: " كل سوري لاجئ في أي بلد يشارك في الانتخابات هو خائن بحق سورية وشعبها وقضيتها".


المساهمون