الكويت.. وثيقة حكومية تحذر من تداعيات الاقتراض على المصارف

04 أكتوبر 2016
ضغوط مالية بسبب تراجع النفط (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -
حذرت وثيقة رسمية صادرة عن وزارة المالية الكويتية من تضرر البنوك المحلية في حال اعتماد الحكومة عليها في سد عجز الموازنة عبر الاقتراض، مشيرة إلى أن ضرورة اتباع عدة بدائل رغم وجود محاذير في اللجوء إليها أيضا.
وكشفت الوثيقة، التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، أن " هناك 3 خيارات أمام الحكومة، لسد عجز الموازنة المقدر بنحو 9.5 مليارات دينار ( 31.5 مليار دولار) خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي في مارس/آذار المقبل، وتحددت إيراداته على أساس سعر لبرميل النفط عند 35 دولاراً، مشيرة إلى أن الخيارات الثلاثة "ما يزال تداولها قائما".

وذكرت أن اللجوء إلى الاقتراض عبر المصارف المحلية يعد أحد الخيارات الثلاثة لسد العجز، إلا أن الاقتراض عبر سندات الخزينة، قد يعرض الدولة لانخفاض في السيولة وقد ترفع تكلفة الاقتراض في الآجال الطويلة، إضافة إلى عدم تمكن المصارف الإسلامية من المشاركة فيها.
وأشارت إلى أن استخدام الصكوك في تمويل عجز الميزانية، قد يكون مقيدا وبحاجة إلى نظام لتطبيقه، حيث يتطلب أصول عينية مقابل إصدار الصكوك، لافتة إلى أن الاقتراض عبر أذونات الخزانة، سيعرض الحكومة أيضا لخطر إعادة التمويل نظراً لقصر مدة الأذونات، رغم أنه لا يوجد خطر من ورائه على سعر الصرف فضلا عن توافر سيولة قصيرة لآجل لدى البنوك لتغطية هذه الأذون.

وطرحت الوثيقة إمكانية بيع أصول الدولة كخيار ثان لسد عجز الموازنة، عبر تسييل أصول الصندوق السيادي أو فك الودائع الحكويمة لدى المصارف، غير أنها حذرت من التعرض لخسائر جراء بيع الأصول "في ظروف غير ملائمة"، مشيرة إلى أن اللجوء إلى هذا الخيار يحتاج إلى عدة قرارات سيادية، مما سيستغرق وقتاً طويلاً للحصول على قرار مناسب.
أما بالنسبة للاستعانة بودائع المصارف، فقالت الوثيقة إن استخدام هذه الأداة قد يتسبب في تقليل السيولة لدى القطاع المصرفي وسيرفع من أسعار الفائدة، و"قد تكون التكلفة الكلية على المصارف عالية في حالة كانت الودائع ذات أهمية للمصرف".

ورغم طرح الوثيقة الاقتراض الخارجي ضمن الخيارات الثلاثة، إلا أنها أشارت كذلك إلى خطورة استخدام هذه الأداة في تكلفة الاقتراض، حيث ستكون عالية ومبالغ فيها خصوصا مع عدم اليقين بشأن أسعار النفط، بالإضافة إلى تعريض سعر الصرف لضغوطات.
وكان وزير المالية، أنس الصالح، قد أعلن في وقت سابق من العام الجاري، أن تمويل عجز الموازنة خلال العام المالي الحالي 2016/2017، سيتم عبر اقتراض نحو ملياري دينار ( 6.6 مليارات دولار) من السوق المحلية باستخدام أدوات الدين العام، واقتراض ما يعادل نحو 3 مليارات دينار بالدولار الأميركي ( 10 مليارات دولار) عبر سندات دين وصكوك من الأسواق العالمية، على ان تتم تغطية الفرق بين العجز المحقق وحجم الاقتراض المشار إليه من الاحتياطي العام للدولة.

ويقول ميثم الشخص، الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد"، إن تمويل العجز يجب أن يتم باختيار عدة طرق والموازنة بينها، مشيرا إلى أن بعض الدول قامت بتمويل العجز من خلال الصناديق السيادية، وودائع الدولة لدى المصارف المحلية أو من خلال بيع الأصول.
وأضاف أن اختيار الوسيلة الخاطئة لتمويل العجز، قد لا يساهم في حل المشكلة بل تضخيمها، لافتا إلى مدى خطورة استمرار إصدار السندات الحكومية دون اللجوء إلى حلول أخرى.

ويرى عبدالوهاب الوزان، الخبير المصرفي، أن المصارف قادرة على شراء السندات الحكومية بحدود 5 مليارات دولار خلال الثلاث سنوات المقبلة، إلا أنه يجب الأخذ بالاعتبار ضرورة مساهمة المصارف في تمويل المشاريع التنموية.
ويقول الوزان لـ"العربي الجديد"، إن استمرار شراء السندات الحكومية، يمثل خطورة على المصارف الكويتية، وهناك ضرورة لتنوع أدوات تمويل العجز، وهو أمر متعارف عليه عالمياً.

ويشير إلى أن اختيار أداة إصدار السندات المحلية والعالمية معا، لتمويل عجز الموازنة جيد، ويعتبر ذلك من أفضل الوسائل المتعارف عليها دولياً على اعتبار أنه يتيح في الوقت نفسه فرصة أمام المصارف المحلية والعالمية والمؤسسات الكبرى المشاركة في هذا التمويل.
كان محافظ بنك الكويت المركزي، محمد الهاشل، قال خلال مؤتمر (يورومني الكويت 2016) نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، إن المصارف المحلية تمكنت، حتى الآن، من احتواء الآثار المؤلمة لصدمة أسواق النفط الأخيرة. مضيفاً أن قدرة هذه المصارف على المرونة والتحمل "ليست إلى ما لا نهاية".

وأضاف الهاشل أن البيئة الاقتصادية الضعيفة ستضع النظام المصرفي تحت ضغوط كبيرة ، مشيرا إلى أن المصدات المالية التي تمتلكها الكويت وانخفاض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي يمنحان فرصة للقيام بالإصلاحات الاقتصادية بشكل متدرج مع المحافظة على النشاط الاقتصادي المطلوب.
ومثل العديد من البلدان المصدرة للنفط، تعاني الكويت من تراجع إيراداتها بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط عالمياً، التي تراجعت بأكثر من النصف منذ منتصف عام 2014.

وقال محافظ المركزي الكويتي، إن الانتعاش المتواضع الذي شهدته أسعار النفط، منذ مطلع العام الجاري، لا ينبغي أن يشكل مبرراً للشعور بالرضى أو التراخي في إجراء إصلاحات مالية وهيكلية شاملة من شأنها أن تمكن، في نهاية المطاف، دولة الكويت من عدم الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل.


المساهمون